Wednesday, August 12, 2015

التجربة الدنماركية من وحي الذاكرة -موضوع لم ينشر من قبل


 دروس في حل مشكلة القمامة وحلم أخضر لإنقاذ الارض



 رحلة علمية قامت بها داليا العقاد في عام 2010:


الدنمارك ليست هي "التجربة الدنماركية" التى عبر عنها الفنان عادل إمام في الفيلم الذي يحمل نفس الاسم بل هي شيء  مختلف وأعمق بكثير مما قيل هكذا تأكدت الصحفية داليا العقاد بعد مضى 7 أيام في مملكة الدنمارك في إطار رحلة علمية بدعوة من وزارة الخارجية الدنماركية .
شاهدنا خلالها شوارعها ومؤسساتها وشعبها، باختصار لا يمكن أن نسمي الفيلم  "التجربة" لأنه عبر عن شخصية دنماركية زعمت أنها تشبه الفنانة نيكول سابا وكذلك لا يمكن ان نسميه "الدنماركية" لأنها حملت قصصا خاطئة سألنا عنها ولم نجد لها أصل مثل القصة التي عرضها الفيلم عن تخصيص يوم يقوم فيه الدنماركيون بالتحرر من جميع الملابس والنزول الى الشارع عند هذه النقطة تحديدا ضحك بعض الدنماركيين وقالوا "لا هذا ليس صحيحا".

الدنمارك مثل أي بلد أوروبي - عضوه في الاتحاد الأوروبي - تهتم بالحريات وحرية التعبير والصحافة على وجه الأخص فلا يمكن أن ننسى ما قاله أحد الموظفين في وزارة الخارجية وهو يشير بإصبعه إلى صحفي ويقول "إني أخاف منه" ، كذلك لم ننسى أن مثل تلك الحرية تسببت في أزمة الكارتون بين الدول الإسلامية و الدنمارك فقد اعترف الدنماركيون أنها كانت خطأ ارتكبوه في الماضي وتسبب في أصابتهم بخسائر اقتصادية كبيرة على حد قول أحد الصحفيين هنا.

الرحلة التى خاضتها داليا العقاد جاءت أساسا كجزء من حملة الوعي التي تحاول الدنمارك ان تنشرها بشأن قضية تغيير المناخ باعتبارها قضية عالمية لإنقاذ كوكب الارض، ولكن الرحلة تحولت في النهاية إلى "تجربة دنماركية" حقيقية مرت بها  مع وفد صحفي عربي تم اختياره بعناية .
كانت  درس في حل مشكلة القمامة، وتعلم نموذج نهضة علمية كبيرة لتحقيق حلم أخضر جميل، ومشهد مليئ بحشد سياسي من داخل بلد شديدة البرودة وشديدة الصغر في محاولة لإقناع الرئيس الامريكي بحضور مؤتمر الأمم المتحدة لتغيير المناخ Cop15 ووضع اتفاقية بديلة لكيوتو،من داخل الدنمارك كانت لنا لقاءات في السطور التالية.  

عملية إنقاذ كوكب الأرض (نشر في جريدة الشروق منفردا في 2010)



وزيرة المناخ:البترول سينضب وعلى دول الشرق الاوسط ان تهتم بالطاقات المتجددة

مشهد الدنمارك يبدوا من الطائرة كأنه حي صغير من أحياء القاهرة ومع هذا الصغر-مساحتها لا تزيد عن  43,094 كم مربع- فإن عيون العالم كلها تتجه نحوها الآن استعدادا لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيير المناخ المقرر عقده الايام القادمة في كوبنهاجن لإنقاذ كوكب الأرض.

قبل كتابة الموضوع بحثنا عن الدنمارك في محرك البحث" جوجول" فوجدنا عناوين مثل "مصير مستقبلنا في كوبنهاجن" فلا عجب ان يتماشى الاهتمام الإعلامي بها مع الحراك السياسي الذي بات واضحا في "مفاوضات ما قبل المؤتمر" حيث تبرهن  كوني هيديجارد وزيرة شئون المناخ والطاقة الدنماركية في حوارها مع وفد من خمس صحفيين عرب -كانت الشروق ضمنه- على نجاح المؤتمر وفقا لشروط معينة عبرت عنها بمنتهي الحماس، مؤكدة ان  أهم التحديات  نقل المفاوضات الى مكاسب سياسية  .

في البداية شرحت لنا "هيديجارد " في دقائق قليله عن رؤيتها حول أهمية المؤتمر كما يطلق عليه Cop15 وإطلاق اتفاقية جديدة بديلة لبروتوكول كيوتو التي ستنتهي في 2012 لإيجاد آلية مالية لدفع الأموال إلى الدول الفقيرة والنامية التي ستتأثر بتغيير المناخ، أو لمساعدتها في استخدام التكنولوجيا الجديدة وإلزام الدول الصناعية بتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون والتكيف مع تغيير المناخ.


قالت أن أمريكا عليها التزامات دولية بشأن تلك المشكلة وانها لم تبد حتى هذه اللحظة رأيا واضحا بخصوص الدعم المالي الذي سيوجه إلى الدول الفقيرة والنامية، والتصديق على اتفاقية جديدة لمواجهة ظاهرة التغييرات المناخية، بعكس مثلا دول الاتحاد الأوروبي الذين اتفقوا على دفع ما بين 3 الى 15 مليون يورو إلى الدول النامية ، وأكدت ان مؤتمر كوبنهاجن يجب ان يشهد اتفاقا بين دول عديدة كأمريكا والصين والهند فضلا عن دول جنوب شرق أسيا على تقليل الانبعاثات الحرارية واستخدام الطاقة النظيفة وذكرت "بدون مال لن يكون هناك اتفاقية".

هيديجارد ترى ان الإدارة الجديدة للولايات المتحدة عليها آمال كبيرة لعمل شيء مختلف عن الإدارة السابقة في موضوع تغيير المناخ، ولكنها تنظر بعين من القلق إلى موقف مجلس الشيوخ والنواب خوفا من عدم الموافقة على هذه الاتفاقية ، المثير في موقف السياسيين بالدنمارك عدم ضياع أى فرصة لمناقشة قضية تغيير المناخ ، وظهر ذلك أثناء زياره أوباما إلى كوبنهاجن في أوائل هذا الشهر للدعاية لملف شيكاجو في المونديال، فلم يفوت رئيس الوزراء الفرصة واجتمعا للتباحث بشأن عمل صياغة يمكن الاتفاق عليها في مؤتمر كوبنهاجن .

سياسة الدنمارك لم تتجه فقط الى الدول الكبيرة والمؤثرة في موضوع تغييرا المناخ وانما أبدت اهتماما بالدول النامية وبشكل محدد منطقة الشرق الاوسط ، فلم تقلل هيديجارد من أهمية تمثيل الوفود من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للمشاركة في الاتفاقية الدولية وقالت "لابد ان يساعدوننا في عمل الصياغة الملائمة والموافقة على شروط بناء القدرات في الدول النامية كجزء من النظام المالي في الاتفاقية مشيرا الى ان تغيير المناخ سيؤثر أيضا على منطقة الشرق الأوسط ويجب فعل شيئا في التكيف بدلا من الاعتماد على البترول.

تؤمن هيديجارد ان تلك المنطقة ليست مسئوله عن ظاهرة تغيير المناخ، مشيرة إلى ان الاعتماد على البترول وحده يعد خطرا كبير لانه سينضب مع مرور السنوات، ولذا لا بد من خلق الوعي بأهمية الطاقات المتجددة، عن طريق ضخ مزيد من الاستثمارات في هذه النوعية من المشروعات بالإضافة إلى ما تصفه الوزيرة "بعدم تكرار أخطاء الدول المتقدمة في زيادة الانبعاثات الحرارية " خاصة ان بعض الإحصائيات تشير إلى ان بعض من الدول النامية سترتفع معدلات انبعاثاتها الى درجات كبيرة في السنوات المقبلة.

تقول " يمكن للدنمارك ان تنقل التكنولوجيا الجديدة إلى مصر كجزء من استثمارات وفي نفس الوقت للحفاظ على البيئة وفقا للاهتمامات التي تراها مصر مناسبة سواء بالنسبة لطاقة الشمس أو الرياح".

لم يكن غريبا أثناء المقابلة مع الوزيرة ان تستنتج  مدى صعوبة الوضع الذى يجب ان تتحمله الدنمارك لإنجاح المؤتمر، ومع قرب انتهاء المقابلة تأكد لنا أن السياسيين هنا لا يلعبون وانهم بالفعل جادين ويضعون مؤتمر كوبنهاجن على رأس أولوياتهم المصيرية خاصة ان المهمة ليست على عاتق وزارة شئون المناخ فقط لكنها مسئولية جميع الوزارات.   
 ملحوظة هذه الوزيرة استقالت بعد ذلك بعدما فشل المؤتمر في تحقيق أهدافه.





جزيرة"سامسو" هل تحل مشكلة السحابة السوداء في مصر؟


في الوقت الذي يضيق فيه صدور المصريين من رائحة السحابة السوداء كل عام ،كانت الصحفية داليا العقاد على موعد مع هواء نظيف منعش في جزيرة سامسو (samsø) الدنماركية التى تعتبر رمزا لحلم أخضرا لمجتمع استطع أن يحقق اكتفاء ذاتيا في استهلاك الطاقة الكهربائية والتدفئة بنسبة 75% لجميع سكانها -البالغ عددها أربعة آلاف نسمة- بالاعتماد على الطاقة المتجددة.


قبل ان نصل الي الجزيرة بمرافقة فكري فراري بوزارة الخارجية الدنماركية وبمصاحبة وفد من الصحفيين العرب على متن باخرة عملاقة تجمع في ذهننا مجموعة من الصور المهتزة مع أمواج البحر المتلاطمة حول تلك الجزيرة الصغيرة التى تشير الخريطة الى انها تقع في وسط الكرة الأرضية ، سمعنا ان حالها لم يكن هكذا قبل عشر سنوات، حيث كانت تعاني من قلة فرص العمل وضعف في الاستثمارات ومشكلة دائمة في توفير الطاقة والتدفئة، باعتبارهما عنصريين بالغي الأهمية لجزيرة تقع في بلد بارد قريب من القطب الشمالي.

 لكنها أصبحت الان مكانا تتنافس عليه وسائل الأعلام الأمريكية والأوروبية في كتابة التقارير الإخبارية عن تجربتها، ومع توقف الباخرة أصبحت الصورة أكثر ثباتا و حدث ربط بين "مصر" كدولة نامية و"سامسو" قبل مرحلة التطور ليطفوا تساؤلا على السطح ماذا يمكن ان تصبح عليه مصر إذا مشيت على خطى سامسو؟.

الفكرة كما يحكيها الشاب ياسبر كييم الذى استقبلنا بعد وصولنا الى  "أكاديمية سامسو للطاقة" تتلخص في الإيمان بحلم الاكتفاء الذاتي والاستقلال لدى سكان الجزيرة، والسعي نحو الفوز في مسابقة طرحتها الحكومة الدنماركية عام 1997، في ضخ استثمارات لتحويل الجزيرة الفائزة الى نظام الطاقة المتجددة، واستطاعت الجزيرة في النهاية ان تحصل على نحو 70 مليون كرونا من الحكومة، بالإضافة إلى الإعانات الفردية من بين خمس جزر متنافسة آخري في الدنمارك.
 ولم يكن هذا كل شيء بل ان عزم وتصميم السكان الذين يعملون بمهنة الزراعة على الحفاظ على بيئتهم نظيفة خضراء جعلهم يستكملون طريقهم ويستثمرون أموالهم في شراء عدد من طواحين الهواء لإنتاج الطاقة فقد "اشتروا منفردين أو جماعيا 11 توربينة هوائية أرضية و10 في البحر"طبقا لكييم .
 ويتابع بذلك تمكنت جزيرة سامسو من خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 140%، أي من 11 طنا للفرد الواحد سنويا في عام 1997 إلى 7.3 أطنان للفرد الواحد حاليا، حتى ان الجزيرة تتفاخر بأنها وصلت إلى حدود صفر كربون.
صحيح ان مصر ليس لديها التزامات دولية تجاه خفض نسب الانبعاثات الحرارية، ولكنها باتت تحت أدخنة السحابة السوداء بلا مخرج، فهل تكون سامسو مصدرا لإلهام المسئولين في مصر للخروج من أزمة تلوث سماء القاهرة؟


عالم مصري يحكي  لداليا العقاد قصة نجاح أول خلايا جزعية في مخ الإنسان



مصطفى قاسم:15 مليون جنيه مصري سنويا لدعم معمل واحد في الدنمارك

ويحذر من بيزنس الخلايا الجزعية في مصر

معروف هنا في الاوساط العلمية الدنماركية بأنه صاحب أهم تجربه في زرع خلايا جزعية في مخ الانسان، كانت قد أجريت  يونيو 2010 على مجموعة من المرضى المصابين بنزيف في المخ، وأثبت نجاح علمي كبير، حتى أن اسمه ورد في وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية وعلى شبكة الانترنت بالدنمارك بما يقرب من 60 ألف مرة خلال شهر واحد.


انه د.مصطفي قاسم ،عالم مصري تخرج في كلية العلوم جامعة القاهرة ،  فضل أن يكمل مسيرته العلمية في الدنمارك حتى وصل الى منصبه الحالي كرئيس أكبر معمل أبحاث عن الخلايا الجزعية في جزيرة أودنسه بالدنمارك.
  الحكومة الدنماركية تقديرا لنبوغه وفرت له المعمل وشباب الباحثين ومبلغ يصل الى 15مليون كرونا  في العام الواحد لتكمله أبحاثه عن الخلايا الجزعية التى تعتبر من المجالات المتقدمة ذات أولوية هنا في الدنمارك.

إن الخلايا الجذعية  كما هو معروف هي خلايا المنشأ الأساسية في بناء جسم الإنسان والقادرة علي بناء أي نوع من الخلايا‏,‏ ويمكن بمعالجة هذه الخلايا بناء أعضاء كاملة كالقلب أو الكلي،‏ والهدف من زرعها  حسب قاسم علاج بعض الأمراض المستعصية مثل الأمراض العصبية او السكته القلبية Heart Failure ، فضلا عن تحسين الحياة وعلاج كبار السن دون تدخل جراحي، ويتابع " ‏نجحت هذه المحاولات على حيوانات التجارب، ومازالت تحت الدراسة ولم تطبق بشكل إكلينيكي على الإنسان ".

والسائد ان هناك عدد من الدول مثل تايلاند والهند والصين ومصر طبقا لقاسم تتاجر بعض المراكز الخاصة  والمستوصفات بالمرضى أو كما يحب ان يسميه "ببيزنس الخلايا الجزعية" ، ومشكلة هذا النوع من العلاج انه مازال علاج تجريبي أو experimental therapy ، ولهذا يعتبره قاسم عملا غير أخلاقيا، لأن المريض يدفع تكلفة التجارب التي تجرى عليه دزن أن يثبت بعد نجاحها، ويضيف قاسم -الذي يحرص على زيارة مصر بشكل دوري-"على المسئولين بوزارة الصحة المصرية أن ينتبهوا لهذا الأمر".

وعن تجربته الهامة في زرع خلايا في مخ الإنسان يذكر قاسم ان معمله تعاون مع أحد المعامل في  ألمانيا بزراعة خلايا في مخ الإنسان- تحديدا تمت التجربة على خمسة من المرضى- لمرضى مصابين بنزيف في المخ ، خطورته انه يتسبب في موت الخلايا العصبية  بسبب الضغط الشديد ونقص إمدادات الدم ، وقد تم تطوير خلايا في المعمل تم زرعها على شكل tea bag في مخ المرضى وظيفتها أنها تفرز مواد كيميائية تحمى الخلايا المحيطة بمنطقة النزيف بشكل أدى الى تقليص منطقة النزيف الى درجة كبيرة وتماثل احد المرضى للشفاء وتحسن الأربعة الأخريين .

صعوبة التجربة أن معظم الابحاث أثبتت أن معظم خلايا الجسم تقوم باعادة بناء نفسها بنفسها ولكن هذه القدرة تختلف من خلايا الى آخرى وقد وجد العلماء ان المخ ليس سهلا إعادة بناء خلاياه التى ماتت .
تجربة قاسم لم تنته لان الألمان طلبوا منه أن يجري العديد من الدراسات في معمله للتأكد من عدم تكاثر الخلايا التي تم زرعها خوفا من تحولها إلى سرطان، ومع ذلك فان قاسم يعتبر ان هذا النجاح لا يؤهل لتعميم التجربة على باقي البشر فمازلت التجربة مرحلة أولى أو phase one بلغة الباحثين.

لكن هل يصلح هذا العلاج للفقراء ؟هل يمكن تشجيع مثل هذه البحوث في الدول النامية؟ ذكر قاسم"بالطبع نعم " كان هذا جوابه وتابع "سبق أن نشرت مقالة علمية حول هذا الموضوع" ولكنه يستدرك قائلا "بالتأكيد سيكون العلاج مكلفا بالنسبة للدول التى لم تبني بنية تحتية للابحاث المتقدمة في الخلايا الجزعية وتعتمد على مبدأ استيراد التكنولوجيا الجديدة ويصف قاسم تلك الدول بانها ستسقط من التاريخ.

وكيف نضمن عدم سقوط مصر من التاريخ؟يجيب قاسم قائلا "تطوير البحث العلمي في مصر مازال يحتاج الى استراتيجية قومية تعطي أولويات حقيقية لتشجيع البحث العلمي وتطويره، وتبني مشروعات متميزة، ودعا قاسم الى الاهتمام بمجال الخلايا الجزعية بتوجيه جزء كبير من الدعم الحكومي الى هذه النوعية من الابحاث فضلا عن تشجيع الاستثمار في البحث العلمي وضرب مثلا بذلك بانه بدلا من شراء طيارة أف 16 تكلفتها 1.5 مليار مصري يمكن توفير 100 معمل بحثي يعمل في مجال الابحاث المتطورة مؤكدا انها مسألة أولويات.

  
دروس .. في التعامل مع مشكلة القمامة


في عام واحد انتجت شركة النفايات 245 ألف كيلو وات كهرباء، ومليون و290 ألف كيلو وات تدفئة

"فيستفوربريندونج"كلمة تعني الكثير لدى الدنماركيين، حيث انها اسم لمؤسسة ضخمة معروفة هنا كل وظيفتها انها تتعامل مع القمامة وتعيد معالجتها بما يعرف باعادة التدوير كما تعمل على تحويل القمامة الى حرارة تستخدم في التدفئة -فهي بلد شديدة البرودة حقا- بالإضافة إلى إمداد البلد بالكهرباء.

 تعد "فيستفور" بشكل مختصرا أكبر شركة لادارة النفايات في الدنمارك يعمل على اداراتها 19 سلطة محلية داخل وحول كوبنهاجن العاصمة الدنماركية، وتخدم نحو865 ألف مواطن و60 ألف  شركة، تتمثل أنشطتها  في معالجة جميع النفايات سواء بالحرق أو الدفن ولديها أنشطة في فصل  وإدارة المخلفات الخطرة علاوة على أنشطتها في البحث العلمي من أجل تطوير الخدمة في أحسن صورة ممكنة ،ولدي هذه المؤسسة قدرة في التعامل مع مليون طن متري من النفايات في السنة.

أهم ما يميز تلك المؤسسة انها غير ربحية فالدخل من ادارة النفايات يعود الى المالكين وهم البلديات أو المحليات وربما ينعكس هذا على شكل انخفاض في الرسوم التى يتحملها المواطن الدنماركي طبقا لسورين سكوف مدير العلاقات العامة للشركة  ويتابع "ان من أهم استراتيجيات الشركة هي العمل على خفض نسب الانبعاثاثات المضرة للبيئة من خلال ادارة النفايات فضلا عن تحقيق الكفاءة والمنافسة في العمل وتقديم أحسن خدمة وأخيرا النمو أي التعامل مع كم أكبر من النفايات وتحقيق أسعار منافسه في التدفئة.

ويشير التسلسل الهرمي في التعامل مع النفايات لدى المؤسسة الى ان طمر النفايات لا يتعدى الـ10% بحجم 200 ألف طن متري ثم يليه حرق النفايات مع استرجاع الطاقة بنسبة 25% بحجم 563 ألف طن متري بينما يصل حجم اعادة التدوير الى 65% بحجم مليون و300 ألف طن متري.

نجحت المؤسسة في تحويل النفايات الى طاقة، يحكي سكوف انهم انتجوا
في عام 2008حوالي 245 ألف كيلو وات كهرباء في الساعة ومليون و290 ألف كيلو وات تدفئة في الساعة ، ويوضح  ان واحد طن من النفايات يؤدي الى الحصول على 2 كيلو وات تدفئة و2/3 كيلو وات كهرباء، ولان حماية البيئة تمثل هاجسا أساسيا لدى المؤسسة فان كل شيئ تتم معالجته سواء غاز المداخن أو المياه الملوثه، فبعد إزالة كل آثار التلوث يتم إلقائها في البحر،وبالنسبة للتدفئة فان المؤسسة تنتج منها ما يخدم 75 ألف أسرة، وبهذا فانها توفر نفس نسب الانبعاث من ثاني اكسيد الكربون الضار على البيئة التى كانت ستنتج لو تم استهلاك الفحم أو الغاز الطبيعي في التدفئة.

ولدي المؤسسة محطات إعادة التدوير مشهورة جدا حيث انها تجذب ملايين المستهلكين سنويا،ومن أجل تسهيل المهمة على المواطنين فان المؤسسة وفرت حاويات أو صناديق متطورة في الشوارع لجمع العبوات الفارغة من الزجاج أو الاوراق ومن ثمة اعادة تدويرها،  وبعض البلديات تولت مهمة التعامل مع المخلفات المنزلية والاحتكاك المباشر مع المواطنين بدلا من "فيستفور".

يتبقى جزء التعامل مع المخلفات الخطرة حيث تتعامل المؤسسة مع جميع المخلفات الخطرة سواء من المنازل أو الشركات ويتم هذا عبر تخصيص مكان معين يسمى "هودز" وفي هذا المكان يتم تصنيف المخلفات ثم تتعالج في النهاية .

ولا تنته عند هذا الحد أنشطة المؤسسة بل تتعدى الى أمور نفتقدها في مصر تتمثل في كيفية احداث وعي لدى المواطنين بمشاكل القمامة التى تنتشر في كل مكان ولا تجد حلا حتى مع الاستعانة بالشركات الاجنبية، ففي الدنمارك يرجع نجاح التعامل مع القمامة الى الاتصال المباشر والدوري مع المواطنين الصغار منهم قبل الكبار عبر تنظينم رحلات مدرسية لتلاميذ الابتدائي الى المؤسسة للتعرف على كيفية ادارة المخلفات.
المؤسسة تستقبل نحو 9 ألاف زائر في العام الواحد نصفهم تلاميذ من المدارس الابتدائية بينما يشارك التلاميذ في مرحلة دراسية أعلى في دورات تدريبية يومية عن ادارة النفايات ،كما يزور الطلاب في الجامعات محطات اعادة التدوير لفهم العملية بشكل أفضل حيث ان العملية تبدو معقدة للغاية في الظاهر.

وفي زيارتي  لاحدي محطات إعادة التدوير وجدت ان النفايات يتم تقسيمها الى 37 قسما كل قسم يحتوى على مخلفات يجب ان توضع بشكل دقيق في الحاويات المخصصة لها ،فهناك حاويات مثلا للزجاج المهشم وحاويات للزجاج السليم وحاويات للعبوات الزجاجية الفارغة وآخري للعبوات البلاستيك و لعبوات المشروبات الغازية أو الكانز وصناديق ضخمة لاجهزة الكمبيوتر والالكترونيات بشكل عام، وصناديق للبطاريات وآخري للطوب وأعمال الهدم في حالة تجديد المواطنين لمنازلهم فضلا عن صناديق آخرى عديدة وأماكن لالقاء المخلفات الزراعية أيضا .

 شاهدت المواطنين يأتون بأنفسهم لالقاء المخلفات في الصناديق المخصصة لنوع النفايات التى يريدون إلقائها ،ولقد اكد مرافقنا في الجولة ان من الممكن ان يدفع المواطنون لاحدى الشركات لكي تحل محلهم بدلا من المجيئ بانفسهم لالقاء تلك المخلفات،الى هنا بدأ يتضح إجابه سؤال ألقيناه على 
أنفسنا في أول صدمة حضارية "لماذا تظهر شوارع الدنمارك دوما بهذا الشكل الرائع من النظافة؟".


 الدنمارك من بلد الاساءة الى الرسول إلى مهاجمة إسرائيل



 الكثير من الدنماركيين أدركوا أنهم على خطأ – على الأقل بسبب الخسائر الاقتصادية التي لحقت بها- بعد أزمة رسوم الكارتون المسيئة الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم،هذه حقيقة رصدتها داليا العقاد  في رحلة علمية الى كوبنهاجن العاصمة الدنماركية استمريت 7 أيام في منتصف عام 2010،تمكت خلالها من الاحتكاك المباشر مع الشخصيات هنا سواء صحفيين و سياسيين أو حتى فنانين ،وشاهدت محاولات تفعلها وزارة الخارجية لتصحيح الصورة لدى الحكومات العربية والاسلامية بسبب شعورهم ان المسلمين لا يريدون نسيان الموضوع بسهولة.


 "اقتصادنا تأثر بشدة بعد أزمة الكارتون وأدركنا ان السياسيين لدينا في الحكومة وقت الحادثة اخطئوا في التعامل بحكمة مع الموقف" قالها توماس جينسن الصحفي الدنماركي في حديث ودي مع داليا العقاد، هذا الاعتراف لم يكن جديدا خاصة ان هناك رؤساء تحرير لبعض الجرائد مثل بولتيكن أقر بعدم حسن التصرف في الأزمة .


موقف الدنمارك -عضو في الاتحاد الاوروبي- لها موقفها القوي أيضا في الهجوم على اسرائيل ربما تكون الحرب الاسرائيلية على غزة دافعا لذلك الهجوم أو بسبب وجود أعداد كبيرة من الفلسطيين في الدنمارك -20 ألف نسمة 90% منهم متجنسين.
رأيت التعاطف  الذي يبديه الشعب هنا مع الفلسطينين وحضور فعاليات ثقافية تنتقد الاحتلال رغم مضايقات اللوبي الاسرائيلي، حيث نظمت الحكومة  احتفالية بالقدس عاصمة الثقافة العربية في أول دولة أوروبية يونيو 2010،  رصدت لهذه الاحتفالية نحو150 ألف دولار ، وقد تم عرض 4 أفلام وثائقية سياسية في هذه الاحتفالية تنتقد الأوضاع في فلسطين منها فيلم "ملح هذا البحر"للمخرجه آن ماري جاسر وفيلم "رحلة101 " وفيلم بعثة الفضاء "لاريسا صنصور .

الفلسطينيون هنا لا يتعجبون من هذا الموقف لعلمهم ان الحكومة شاركت في حملة تبرعات ضخمة لغزة عقب الحرب كما أن الفلسطينيون خارج الدنمارك يعلمون بدور "رواف هولمبو" السفير الدنماركي السابق بفلسطين في دعم القضية الفلسطسنية واعلانه صراحه دعم بلاده لقيام دولة فلسطينية مستقلة، والمساعدة في بنائها يشهد له بذلك احتفالية التكريم التى نظمها الفلسطينيون في رام الله مؤخرا بمناسبة انتهاء مهامه كسفير لبلاده في الاراضى الفلسطينية.

"من الدنمارك الى القدس سلام"كان عنوان احتفالية القدس التى  كانت بكل المقاييس منبرا للهجوم على الاحتلال الاسرائيلي وحصدا لمزيد من التعاطف الدنماركي تجاه الشعب الدنماركي ، كنت حاضرة في الاحتفالية، ولاحظت تفاعل الدنماركيين مع معاناة الفلسطينين بسبب الانتهاكات اليومية التى يفعلها الجيش الاسرائيلي، والحقيقة ان الفلسطينيين برعوا في توضيحها سواء بعزف قطع موسيقية أو أفلام تسجيلية فحتى آخر ليلة في الاحتفالية لم يتواجد شرطي دنماركي واحد.

عبر عن تحول هذا الموقف بلهجة مصرية نبيل حبشي السفير المصري في الدنمارك قائلا" الدنماركيون لم يعودوا يتشدقوا بنغمة حرية الرأى والتعبير بعد علم الجميع ان الامر لم يكن سوى عملية تجارية يقف ورئها الاحزاب اليمينية المتطرفة،وأضاف انهم ايقنوا على الاقل بخطأ رفضهم التحاور مع السفراء العرب ولقد دفعوا الثمن أجتماعيا وأمنيا بعد ان تم تفجير سفارتهم في باكستان ،وعبر عن هذا أيضا السماح للدبلوماسيين المصريين الدخول إلى الدنمارك كأول دولة خارج الاتحاد الأوروبي بدون تأشيره  





No comments:

Post a Comment