Sunday, February 2, 2020

حينما كان هناك أمل موضوع نشر في Nature Middle East

المرشحون لرئاسة مصر يتحدثون عن العلم

Published online 16 مايو 2012

مع اقتراب موعد أول انتخابات رئاسية في تاريخ جمهورية مصر العربية، بعد أقل من شهرين، يتحدث المرشحون الطامحون إلى الرئاسة عن خططهم لإعطاء التعليم والبحث العلمي دورًا محوريًّا في برامجهم؛ من أجل تطوير البلاد. ولكن هل يستطيع هؤلاء تحقيق هذه الوعود الطموحة؟

داليا العقاد

نظَّمَ عددٌ من طلاب جامعة القاهرة مسيرة، انطلقت من الجامعة؛ للمطالبة بمزيد من الحريات الأكاديمية.
نظَّمَ عددٌ من طلاب جامعة القاهرة مسيرة، انطلقت من الجامعة؛ للمطالبة بمزيد من الحريات الأكاديمية.
داليا العقاد
يتوجه الناخبون المصريون إلى مراكز الاقتراع يوم 23 و24 مايو 2012، لانتخاب رئيس جديد للبلاد، للمرة الأولى منذ أكثر من 30 عامًا. وفي الوقت الذي تحتدم فيه الحملات الانتخابية، يكشف مرشحو الرئاسة عن برامجهم، ويشرحون ـ بالتفصيل ـ كيف سيُسَيِّرون الأمور بشكل مختلف. وفي هذا الصدد، يستمع Nature Middle East إلى ما يقوله المرشحون حول التعليم والبحث العلمي.
تعهَّد عمر موسى ـ المرشح الليبرالي الأوفر حظًّا للفوز في الانتخابات، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، وصلت نسبتها إلى 41% في أحدث استطلاعات الرأي ـ بالتركيز على البحث العلمي والتدريب التقني، في حال انتخابه رئيسًا للجمهورية. كما تعهَّد موسى بالحفاظ على مجانية التعليم، وتعهَّد بأنْ يجعل وزارة البحث العلمي تقوم بوضع استراتيجية وطنية للبحث في غضون مئة يوم من توليه المنصب.
كما يعتزم موسى تكليف الجامعات بأنْ تصبح مراكز للبحث العلمي والابتكار، مع تخصيص تمويلات كبيرة للمشروعات البحثية في إطار الخطة القومية. ويأمل موسى في تعزيز الأبحاث التي تتناول مشكلات القطاع الخاص، وتشجع بدورها على ضخ المزيد من الاستثمارات.
تنفق مصر أقل من 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم، وأقل من 0.5٪ من هذا الناتج على الأبحاث العلمية؛ مما أدى إلى وجود بيئة علمية راكدة، ومدارس وجامعات مكتظة بالطلاب وتعاني من سوء الإعداد والتجهيز، فضلاً عن خيبة الأمل المستمرة التي تصيب المعلمين والباحثين، على حد سواء.
ويعتزم موسى زيادة مخصصات البحث العلمي من 0.24٪ من الناتج المحلي الإجمالي حاليًّا إلى 2٪ بحلول عام 2016، على الرغم من أنه لم يوضح مصدر هذه الأموال التي سيرفع بها مخصصات البحث العلمي. ويقول موسى إنه ينبغي على الباحثين التركيز على البحوث التطبيقية، والاستفادة بأقصى قدر ممكن من فرص التمويل المتاحة من المؤسسات العربية والدولية الداعمة للعلوم.

الأمن القومي


أثناء حدثٍ أقيم لتدشين حملته الانتخابية الرئاسية، وعد أبو الفتوح بزيادات كبيرة في التمويلات المخصصة للتعليم والبحث العلمي.
أثناء حدثٍ أقيم لتدشين حملته الانتخابية الرئاسية، وعد أبو الفتوح بزيادات كبيرة في التمويلات المخصصة للتعليم والبحث العلمي.
محمد يحيى
أطلق عبد المنعم أبو الفتوح ـ وهو مرشح ذو ميول يسارية، يحظى بشعبية، ويعمل طبيبًا، ويشغل حاليًّا منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب ـ حملته الانتخابية في حدث أقيم بحديقة الأزهر في القاهرة يوم الثاني من أبريل 2012.
يقول أبو الفتوح، الذي زادت شعبيته الشهر الماضي إلى 27%، إن التعليم والبحث العلمي اثنتان من قضايا الأمن القومي، وينبغي أن تلبيان احتياجات الشعب، لا احتياجات النخبة الحاكمة.
وأوضح قائلا: "سألتزم بوعدي بزيادة مخصصات التعليم إلى 25% من الموازنة العامة في غضون أربعة أعوام، بدلاً من نسبة الـ10% الماضية غير الصالحة للاستخدام".
وقالت رباب المهدي، المستشارة السياسية للمرشح عبد المنعم أبو الفتوح، وأستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة: "إن برنامجنا هو مشروع وطني، لا يهتم فقط بالحفاظ على مجانية التعليم للجميع، بل سيحررنا من المركزية الحالية؛ مما يسمح باستقلال الجامعات، بحيث تكون لها ميزانيتها وإدارتها المستقلتين".
وتقول المهدي إن البحث العلمي لن يركز فقط على التعاون مع الغرب، بل سيركز كذلك على المساعدة المستمدة من العلاقات مع الاقتصادات الصاعدة، مثل الصين، والبرازيل. وأضافت: "بالنسبة لنا، يمثل البحث العلمي قضية جوهرية، وليس وسيلة من وسائل الرفاهية".
كما يتعهد أبو الفتوح ـ الذي كان ذات يوم عضوًا بارزًا في جماعة الإخوان المسلمين، قبل طرده منها على خلفية قراره الترشح في الانتخابات رغمًا عن الجماعة ـ بتطبيق سياسات الضرائب التصاعدية، وزيادة الضرائب المفروضة على الدخل؛ لتوفير الأموال اللازمة لزيادة النفقات المخصصة للأبحاث إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتقول المهدي: "نحتاج إلى التركيز على القضايا ذات الصلة باحتياجاتنا، مثل الطاقة المتجددة، والبحوث الزراعية، والتوصل إلى حلول للأمن الغذائي، تكون مرتكزة على أسس علمية".
وقد وصف النقاد خطط أبو الفتوح بأنها طموحة أكثر من اللازم، حيث تقول جيهان سليمان، المستشارة التعليمية والباحثة في معهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس: "إن التعليم هو فرس الرهان في الانتخابات القادمة.. فكيف يخطط (أبو الفتوح) لزيادة نفقات التعليم من أقل من 7% إلى نسبة كبيرة للغاية، وهي 25%؟".
وتابعت قائلةً: "بالإضافة إلى ذلك.. فإذا تم تخصيص ربع الموازنة العامة للتعليم، فماذا سيكون الحال فيما يتعلق بالتحديات الأخرى التي عليه أنْ يواجهها أيضًا، مثل الصحة، والإسكان، والأمن الغذائي، وغيرها؟".

التعليم من أجل الحياة

لا يمكنك أن تحيا في بلد يسعى إلى التحديث والتقدم، ولكنه يعارض تدريس نظريات وأعمال تشارلز داروين بشأن التطور.
يتعهد حمدين صباحي ـ وهو مرشح اشتراكي، يحظى بنسبة تأييد تبلغ 7.4%، وزعيم حزب الكرامة الناصري ـ بإعادة النظر في الموازنة العامة؛ لوضع التعليم والعلوم على رأس الأولويات. وتتمثل رؤية صباحي في جعل مصر دولة رائدة في غضون 18 عامًا.
يقول بهي الدين عرجون، أستاذ ديناميكا المركبات الفضائية والطيران بكلية الهندسة في جامعة القاهرة، ومدير الحملة الانتخابية لصباحي، إن برنامج المرشح يسعى لتعزيز التعليم التقني، ويركز على دعم التقنيات التي تتماشى مع الموارد الوطنية الوفيرة في الصحارى المصرية، مثل الصناعات القائمة على السيليكون، والاستفادة من أعداد المغتربين المصريين الكبيرة في الخارج.
وأوضح عرجون قائلا: "الرمال البيضاء في سيناء مثالية لإنتاج رقائق السيليكون التي تستخدم في صناعة الأجهزة الإلكترونية، والخلايا الشمسية، والألياف البصرية. ورغم ذلك، نُصَدِّر هذه الرمال بأسعار زهيدة للغاية".
وأضاف قائلاً: "يجب أن يتغير ذلك بمجرد أن نكتسب الخبرة اللازمة".
ويقول عرجون إنه بالتركيز على الطاقة المتجددة، ستنتج مصر 20٪ من احتياجاتها من الطاقة من مصادر الطاقة الشمسية في غضون ثمانية أعوام؛ مما يجعلها واحدة من الدول الرائدة في مجال إنتاج الطاقة الشمسية في العالم.
كما يؤكد صباحي على أهمية إصلاح نظام التعليم؛ لدعم التفكير النقدي، بدلاً من طريقة التعلم بأسلوب الحفظ عن ظهر قلب، المُتَّبَعَة حاليًّا في معظم المدارس، ويؤكد كذلك على ضرورة ربط التعليم باحتياجات السوق؛ لإنتاج قوى عاملة قوية.

الحرية الأكاديمية


الطلاب المشاركون في اعتصام احتجاجي بجامعة القاهرة يعلقون لافتة، مكتوب عليها
الطلاب المشاركون في اعتصام احتجاجي بجامعة القاهرة يعلقون لافتة، مكتوب عليها "جامعة حرة".
داليا العقاد
يدرك خالد علي – البالغ من العمر 40 عامًا – وهو مرشح يساري، وأصغر مرشحي الرئاسة سنًّا، وأقلهم شعبية، أن العديد من التحديات التي تواجه مصر في الوقت الراهن ستحتاج إلى حلول علمية. ومِن هذه التحديات التي تواجه مصر: فقدان الأراضي الصالحة للزراعة، وانعدام الأمن الغذائي والطاقة، والتغير المناخي، وارتفاع منسوب مياه البحر.
ويقول: "إن التعامل مع هذه المشكلات سيتطلب نهجًا وطنيًّا، تتعاون فيه كافة الوزارات الحكومية مع بعضها".
ويتعهد علي ـ في حال توليه رئاسة الجمهورية ـ برفع الميزانية الوطنية للتعليم إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي، مع توفير معامل مجهزة على مستوى عالٍ للباحثين، وزيادة أجورهم. كما يدعو علي إلى استقلال الجامعات، وصياغة قوانين تمكِّن الطلاب من ممارسة حريتهم السياسية، وتحظر على قوات الأمن التدخل في الحرم الجامعي.
ويؤكد عادل وسيلي، مدير حملة علي الانتخابية، على أن برنامج المرشح هو برنامج خاص، نظرا إلى أنه سيسمح بممارسة كامل الحريات الأكاديمية التي كان النظام القديم يعاقب ممارسيها.
وقال وسيلي: "لا يمكنك أن تحيا في بلد يسعى إلى التحديث والتقدم، ولكنه يعارض تدريس نظريات وأعمال تشارلز داروين بشأن التطور". وأضاف قائلاً إنَّ البحوث العلمية لن تخضع لقيود، كما يجب أن يتم إلغاء نظام التعلم بطريقة الحفظ في المدارس. وتابع: "لن نسمح بتدخل الدين في كافة الأمور".
وبالإضافة إلى وعود مماثلة لوعود المرشحين الآخرين، يؤكد وسيلي رغبة علي في إشراك الطلاب في عملية وضع السياسات التي تحدد كيفية إصلاح التعليم.
وفضلاً عن أبحاث الطاقة المتجددة، يريد علي أيضًا تعزيز استخدام الطاقة النووية. كما يتعهد بتجديد برنامج الفضاء المصري؛ لكي تتمكن البلاد من تصنيع أقمارها الاصطناعية بنفسها، بدلاً من استيراد مكوناتها، وتجميعها.
وفي الآونة الأخيرة، تم خفض ميزانية البرامج الفضائية بشكل كبير، لتصل إلى 7.5 مليون دولار أمريكي، وهو ما يكفي بالكاد لدفع رواتب العاملين في هذا القطاع. وجدير بالذكر أن مصر لم تطلق أي أقمار اصطناعية للأبحاث في الفضاء، بعد أن فقدت الاتصال بالقمر الاصطناعي الوحيد الذي أطلقته سابقًا.
ورغم ذلك.. ربما تشكِّل قضيتا الفقر والبطالة عاملاً أكثر حسمًا وقوة في الانتخابات المقبلة، بالنسبة إلى بلد يعيش خُمْس سكانه على أقل من دولارين أمريكيين في اليوم.
يقول محمد عبد المطلب، مدير مركز أبحاث النانو تكنولوجي بجامعة النيل: "يلعب البحث والتطوير دورًا ثانويًّا في حياة المواطن المصري العادي، ناهيك عن السياسة المصرية".
وتقول جيهان سيلمان: "زيادة الإنفاق على التعليم أمر جيد، ولكنه ليس كافيًا. إننا نحتاج إلى تخطيط أفضل لأموالنا؛ للاستفادة بأقصى قدر ممكن من الأموال المتاحة لدينا؛ من أجل توفير تعليم مناسب للطلاب".

أين ذهب مشروع نوبل؟

الشروق» تحقق فى هدم مشروع «الطريق إلى نوبل»..

من «مشروع نوبل» إلى «مركز التميز».. أحلام العلماء تتحطم على صخرة «القومى للبحوث»

تحقيق ــ داليا العقاد: 
نشر فى : الإثنين 7 ديسمبر 2015 - 9:59 ص | آخر تحديث : الإثنين 7 ديسمبر 2015 - 10:03 ص
• مؤسس بالمشروع بعد استبعاده: استلمنا المعامل «على الحديدة«.. و«شلت الطين» لتحقيق الحلم.. لا أصدق أن يكون هذا جزائى
• أستاذ باحث:«مجلس شعلان» كان بداية نهاية الحلم.. ورئيس المركز طردنا وهدد بالاستيلاء على أجهزتنا بالقوة
• شيماء يحيى: إدارة المركز حرمتنى من استكمال أبحثى وسحبت عهدتى.. وحولتنى للتحقيق دون سبب
• شعلان: لم أهدم المشروع لكن لا يمكن أن أحلم بنتائج تفوق مقدرتنا.. والدولة ليس لديها إمكانيات
منذ 10 سنوات تقريبا، كان هناك حلم مصرى نسج خيوطه مجموعة من العلماء وشباب الباحثين فى المركز القومى للبحوث ــ أكبر جهة بحثية فى مصر ــ بهدف الترشح للوصول إلى جائزة نوبل فى مجالات الفيزياء أو الكيمياء أو الطب خلال 20 عاما، وبالفعل ظهر المشروع للنور خلال مؤتمر صحفى حاشد عقده رئيس المركز السابق، الدكتور هانى الناظر، تحت اسم «الطريق إلى نوبل».
استمد المشروع اسمه من عنوان كتاب «الطريق إلى نوبل» لمؤلفه العالم المصرى الأمريكى الدكتور أحمد زويل، الحاصل على جائزة نوبل فى الكيمياء فى عام 1999، لكن المشروع حاليا يواجه ما وصفه البعض بهدم فكرته الأساسية بعد تحول اسمه إلى «مركز التميز العلمى» والاستغناء عن مؤسسينه، وطرد باحثين من معاملهم دون توفير بديل لهم، فضلا عن الاستيلاء على أجهزة أحد شباب الباحثين بالقوة.
«الشروق» حققت فى حلم نوبل، والتقت برئيس المركز، الدكتور أشرف شعلان الذى نفى ذلك كله، ونعرض وجهتى النظر فى السطور التالية.
اشتكى عدد من الباحثين فى مشروع «الطريق إلى نوبل» من استبعادهم وسحب أجهزتهم بعد تولى مجلس جديد إدارة المركز القومى للبحوث، وذلك على الرغم من عودتهم من الخارج للمشاركة فى المشروع، متهمين الإدارة الجديدة بطردهم من أماكن عملهم لصالح آخرين، بينما رد رئيس «القومى للبحوث» نافيا هذه الاتهامات، ومؤكدا أن قرار استبعاد الباحثين سببه «عدم تميزهم».
مؤسس المشروع.. خارج الخدمة
يقول أحد مؤسسى المشروع ــ وهو حاصل على الدكتوراه من الخارج ــ إنه وجد نفسه يغرد خارج سرب «نوبل» دون سبب بعد قرار استبعاده، ويصف حاله قائلا: «شلت الطين على دماغى من أجل تحقيق الحلم، ولا أصدق أن يكون هذا جزائى».
يوضح الأستاذ المساعد لـ«الشروق» أنه ساهم فى التجهيزات اللازمة لاستكمال البنية التحتية للمعامل التى خصص لها جناح فى المبنى الرئيسى بالقرب من مكتب رئيس المركز، قائلا: «استلمنا المعامل على الحديدة»، وكان مطلوبا من العلماء الذين عادوا بعد حصولهم على الدكتوراه من جامعات متقدمة الدخول فى مشروعات لشراء أجهزة ومعدات حديثة، والإشراف على جيل الشباب من طلاب الماجستير والدكتوراه، حيث كان يشترط ألا يزيد سن الملتحقين بالمشروع على 45 عاما.
ويرى المؤسس فى المشروع أن محاولات هدم «نوبل» بدأت مع تغير الإدارة فى2011، بتولى الدكتور أشرف شعلان رئاسة المركز، حيث تم تهميشه وتفريغ المركز من الباحثين النابغين من أصحاب التخصصات المهمة مثل قسم الزراعات الآمنة، حسب قوله، مضيفا: «العاملون كانوا يخضعون لاستمارات تقييم سنوية فى عهد إدارة الناظر، وتم استبعادنا دون النظر لتلك الاستمارات».
أرسل الأستاذ المساعد ــ الحاصل على جوائز الأفراد والهيئات ضمن جوائز الدولة ــ شكوى إلى وزير التعليم العالى والبحث العلمى يقول فيها «رئيس المركز أصدر فرمانا بأخذ أجهزتى بعد طردنا، وبعض الزملاء امتنع عن نقل العهدة، وأنا منهم فتم تهديدى بالحصول عليها بالقوة».
ويوضح: «بعد أن حققنا إنجازات كبيرة ساهمت فى رفع اسم المركز دوليا فى النشر الدولى، فوجئنا بقرار شفوى من رئيس المركز بنقل الشعبة البيطرية مكاننا فى الدور الأول، والبعض قدم استقالته ومنهم الدكتورة أليس عبدالعليم، التى أسست معمل الخلايا الجذعية بالمركز».
ووفقا للأستاذ الباحث، اشتكى بعض العلماء الذين جاءوا من أمريكا بعد ثورة يناير 2011 من قلة المرتبات فى مرحلة صعود «نوبل»، كما أن حركة الانتداب التى طالت مديرى «نوبل» أثرت بالسلب على المشروع، حيث تم انتداب الدكتور محمود صقر، ليصبح رئيسا لأكاديمية البحث العلمى، كما تم انتداب الدكتور محمود زورة مديرا لصندوق العلوم والتكنولوجيا، وبعدها صدر قرار بعدم تعيين مديرين جدد لمشروع نوبل، وإخضاعه لنائب رئيس المركز للشئون الفنية بصفته، وتشكيل مجلس إدارة للمركز، بينما لم يعد رئيس المركز يجتمع بعلماء المشروع، وقال لهم: «من يريدنى يرسل لى رسالة بريدية»، حينها علم الجميع أن هذا سيكون «بداية النهاية» للمشروع.
أعقب ذلك قرار من شعلان فى اجتماعه مع 9 من الباحثين فى «نوبل» بإخلاء الدورين الخاصين بالمشروع، ونقلهما إلى مبنى «العلوم التطبيقية»، ثم صدر قرار الاستغناء عن العديد من الباحثين وإجبارهم على ترك معاملهم ــ ومنهم مؤسس المشروع ــ على الرغم من أنه كان يقترض أموالا لإطعام أولاده، حسب تأكيده، واستطرد: «كنت أنام وسط الكيماويات سنوات عديدة لكى أكمل عملى، على الرغم من معاناتى من حالة مرضية كان من الممكن استغلالها للحصول على مرتبى وأنا أنام وسط أولادى».
رفض الباحث نقل عهدته من الأجهزة بعد قرار غير رسمى باستبعاده، قائلا: «قلت لممثلى الإدارة أنتم تذبحوننى بحرمانى من الأجهزة التى أعمل عليها، وما ذنب طلابى فى ذلك، واشترطت تقديم الأجهزة بحيث تكون متاحة للجميع وألا تنتقل لملكية زميل باحث، ومع ذلك تصر الإدارة على نقل الأجهزة لباحث بعينه».
«شيماء» وقصة الاستيلاء على أجهزتها بالقوة
حررت الأستاذ الباحث المساعد بالشعبة الطبية فى المركز القومى للبحوث، شيماء يحيى الشهر الماضى محضرا فى قسم شرطة الدقى برقم 6022، تتهم فيه إدارة المركز بالحصول على عهدتها من أجهزة ومعدات علمية دون رغبتها لصالح باحث آخر، على الرغم من أن هذه الأجهزة حصلت عليها بالمجهود الذاتى حينما تقدمت لبرنامج EquipMe فى ديسمبر 2011، الذى يخصص أجهزة لشباب الباحثين فى المراكز المختلفة.
حصلت شيماء على الأجهزة بناء على الخبرة فى مجال زراعة الخلايا وتطبيقاتها فى مجال علاج السرطان وفيروس سى، مشيرة إلى أن تركيب هذه الأجهزة فى معملها كلف المركز نحو 12 ألف جنيه، وأن نقلها من مكانها يمثل إهدارا للمال العام، مضيفة: «قرار رئيس المركز تعسفى لأنه يحرمنى من استكمال مشروعاتى البحثية الممولة من صندوق العلوم والتكنولوجيا، التى أمثل فيها الباحث الرئيسى، وأنا طرف ثالث فى التعاقد تم بين المركز والصندوق، علما بأن تمويل هذه المشروعات بلغت 750 ألف جنيه».
شيماء حصلت فى 2012 على منحة قصيرة الأجل إلى ألمانيا من هيئة التبادل العلمى الألمانية، وتمت ترقيتها العام الماضى إلى أستاذ بحاث مساعد، وحصلت على شهادتى تكريم من رئيس المركز الذى تشتكيه، بسبب تميزها فى الحصول على معامل تأثير متميز فى النشر العلمى بمجلات عالمية، وحصولها على المركز الـ17 على مستوى باحثى المركز فى المخرجات البحثية لعام 2014، ومع ذلك تم استبعادها أيضا من مركز التميز العلمى دون معايير واضحة، وناشدت وزير التعليم العالى بالاطلاع على آخر استمارة تقييم لها، موضحة أنها تعكس تميزها عن العديد من أقرانها بالمركز.
وفوجئت الأستاذ الباحث المساعد بالشعبة الطبية بخطاب لتحويلها للتحقيق منذ شهرين، قائلة: «الخطاب الذى وصلنى لم يوضح السبب، ولم يحقق معى أحد حتى الآن.
تعطيل العمل وتلف الأجهزة فى أثناء النقل
«م. د» أستاذ باحث فى المركز القومى للبحوث، فضل عدم ذكر اسمه خوفا من استبعاده من مركز التميز العلمى، وقال: «فوجئنا بقرار نقلنا إلى مكان جديد كان أشبه بالمكاتب الإدارية، ولم تنته التشطيبات به بعد، وهو قرار غير حكيم فى هذا الوقت، خصوصا أنه أدى إلى تعطيل العمل، وتلف بعض الأجهزة فى أثناء عملية النقل».
وأضاف أن إدارة المركز لم تعد تهتم بمركز «نوبل»، ولم تكن هناك آلية تقييم واضحة معلنة فى عملية استبعاد بعض الباحثين، حيث تم ضم العديد من المقربين من إدارة المركز، مشيرا إلى أن اهتمام أشرف شعلان انصب على مركز التميز الطبى الذى افتتحه أخيرا، خصوصا أنه طبيب فى الأصل.
أستاذ مساعد: طردونى من معملى وأوقفوا مشروعاتى
قبل أيام قليلة من إخلاء معامل مركز التميز العلمى، التقت «الشروق» بالأستاذ الباحث المساعد بقسم الآفات ووقاية النبات، الدكتورة منى حسين، فى معملها، وبدت الباحثة منهارة بعدما أخطرتها الإدارة بضرورة تسليم معملها وإخلائه فورا، قائلة: «قالوا لى تصرفى فى تلك الأجهزة، علما بأنها غالية الثمن وكل قطعة منها تمثل قصة كفاح، حيث حصلت عليها بعد الدخول فى مشروعات تنافسية مع آلاف الباحثين».
وحول ضمها إلى «نوبل»، قالت الباحثة إنها حصلت على الماجستير من الولايات المتحدة ثم الدكتوراه من ألمانيا، وحينما عادت إلى المركز لم يكن لديها مكان للعمل، فأستأذنت رئيس المركز حينها، هانى الناظر، فى تحويل حمام نسائى إلى معمل، وظلت تعمل فيه 7 شهور بعد تهيئته، مشيرة إلى أن الناظر لاحظ تميزها خصوصا أنها تسهر يوميا للعمل على مشروعاتها، فعرض عليها الانضمام إلى «نوبل»، ووفر لها هذا المعمل الذى كان خاليا من أية أجهزة.
وأردفت «الآن بعد كل هذه السنوات، أعلنوا استغناءهم عن فريق العمل فى معمل الزراعات الآمنة دون إخطار مسبق، على الرغم من أن طبيعة أبحاثنا تركز على توفير بديل طبيعى للمبيدات الحشرية فى الزراعة»، وتستطرد: «يجد البعض مصلحته فى تهميش باحثى الزراعة لصالح آخرين، مع أن الاهتمام بهذا القطاع من شأنه إصلاح حال البلد كله».
وتابعت: «عندما سافرت إلى الصين سألتهم كيف نجحتم فى تأمين غذائكم وتصدير ما تبقى منه للخارج، فكان الرد أن الحكومة تضع أولوياتها للنهوض بقطاع الزراعة، ودعم الأبحاث الخاصة به، حتى إن الصين بها جامعات للزراعة وليس كليات فقط، وبعد ذلك يأتى الاهتمام بالصناعة، لكننا هنا فى مصر نجحنا فى تبوير الأراضى الزراعية وتهميش علمائها والتقليل من شأنهم».
حاولت الدكتورة منى إقناع رئيس المركز الحالى بفتح حجرة مغلقة منذ عام 1993 لأستاذ متفرغ بالمركز كبديل للمعمل الذى أخلته، لكن الإدارة رفضت، وتعلق على ذلك قائلة: ذهبت إلى نائب رئيس المركز، الدكتور أحمد شعبان، لكى يسمح لى بتحويل حمام سيدات إلى معمل، فكان رده: أكرملك وأشرف لك تقعدى فى بيتك وسط جوزك وأولادك» مشيرة إلى أن ضيق أماكن العمل فى مركز نوبل دفع الرئيس السابق للموافقة على تحويل عدد من الحمامات إلى معامل».
وواصلت: «مشروع نوبل اتهدم خلاص، والإدارة حاولت إقناعى بالحصول على مكتب فقط لكننى رفضت، أنا لا أبحث عن كراسى وإنما معمل أنفذ فيه مشروعاتى، وأشرف من خلاله على طلابى من شباب الباحثين، لكن الإدارة تجاهلت شكواى لأننى سيدة غلبانة أمشى بعصى بسبب حادثة قديمة، فاعتبروا أننى كائن ضعيف لن يقف أمامهم».
الأستاذ المساعد الباحث حصلت على جوائز عديدة من برنامج البحوث والابتكار التابع لوزارة البحث العلمى والممول من الاتحاد الأوروبى، وحصلت على أكثر من تكريم، كما كرمها رئيس المركز الحالى هذا العام لتميز أبحاثها، حيث نشرت أكثر من 40 بحثا دوليا، وعرضت عليها منحة مفتوحة من وزارة الزراعة الأمريكية لاستكمال مشروعاتها فى الولايات المتحدة لكنها رفضت، قائلة: «أنا لفيت بلاد كتير وتعبت من الغربة، ونفسى ارتاح هنا وأخدم بلدى».
الدكتورة منى ــ التى لا تملك سيارة خاصة وتركب الأتوبيس أو الميكروباص كوسيلة مواصلات ــ تقول باكية «تعاملت مع أساتذة فى الغرب كانوا يعطوننى قدرى، ومن حقى بعد الغربة أن أكرم هنا فى بلدى»، وتواصل: «حرمت من رؤية ابنتى فى عمر 4 شهور فى أثناء إعدادى الماجستير بالولايات المتحدة، ولا أصدق أن يكون جزائى الطرد من معملى»، وتختم كلامها قائلة: «والله لو وفروا لى كشكا فسوف أعمل فيه».
رئيس المركز ينفى هدم المشروع
نفى رئيس المركز القومى للبحوث، الدكتور أشرف شعلان، اتهامات الباحثين والإدارة السابقة له بالسعى لهدم مركز التميز العلمى ــ الاسم الجديد للمشروع ــ قائلا: «منذ بداية إدارتى رأيت أنه فى المكان الخطأ نظرا لضيقه، لذلك سعيت لنقله إلى مبنى جديد ملحق به معمل مركزى وأتوقع انتهاء التشطيبات به قريبا»، مضيفا أنه أعاد تقييم العاملين واستبعد من لا يتفق مجهوده ورؤيته مع الفكر الجديد للإدارة، وتوجه الدولة، وأولوياتها البحثية فى أبحاث الطاقة المتجددة، والعلاجات المتقدمة، وتكنولوجيا النانو والخلايا الجذعية، لذلك تم ضم باحثين فى تخصصات جديدة لإثراء المكان.
وردا على اتهامات الرئيس السابق له بتعطيل المشروع، قال: «الناظر لا يحضر معنا أغلب الاجتماعات حاليا، وليس لديه معلومات كافية عن تطورات الوضع هنا، فالمركز لم يفتتح بعد، وأرى أنه استبق الأحداث، نحن كمصريين نخاف من التغيير، والباحثون اشتكوا من تغيير المكان دون رؤية المكان الجديد».
وحول استبعاد بعض التخصصات مثل معامل الزراعات الآمنة، أوضح شعلان أن فريق العمل به لم يحقق تحسنا على مدى 3 سنوات على الرغم من توفير كل الإمكانيات له، حسب قوله، مضيفا: «الإنتاج البحثى من هذه المجموعة البحثية صفر، ويمكنهم أن يكملوا علمهم من خلال شعبة الزراعة، وليس من خلال مركز التميز العلمى»، وردا على تكريمه عاملين بالمعمل بسبب النشر العلمى، قال: «اكتشفنا أن أحدهم كان ينشر نشرا مزدوجا، وهناك لجنة علمية من 15 أستاذا حققت فى الموضوع، وثبت وقوع الغش».
وردا على طرد بعض الباحثين من معاملهم دون توفير بديل، قال: «سيعهد بالأجهزة إلى باحثين آخرين، وسنوفر للدكتورة منى حسين مكتبا بديلا، من حقى كرئيس مركز سحب عهدة الأجهزة من الباحثين حتى إن كانوا حصلوا عليها من مشروعات تنافسية من أجل الصالح العام، والإدارة السابقة لم تصدر قرارا رسميا بضم باحثين لمركز التميز العلمى، وبالتالى لم نصدر قرارا رسميا باستبعاد باحثين منه».
وأما بخصوص مشكلة شيماء يحيى، فيقول شعلان: «حولتها للتحقيق مرتين لأنها لا تريد التعاون مع زملائها داخل القسم، وسيعهد بأجهزتها لباحث آخر مع السماح لها بالعمل عليها بنظام حجز الوقت»، وتابع: «العالم كله لا يوجد فيه باحث يحرم آخرين من العمل على أجهزته».
ويرى شعلان أن أهم مؤشرات نجاح مركز التميز العلمى حصوله على مشروعات أكثر من المعدل العادى للمركز، مشيرا إلى أن أحد مشروعاته الرائدة تصنيع خلايا شمسية بخبرات وخامات مصرية، ومن المعروف أن تلك الصناعة غير موجودة فى العالم الثالث، فهناك 4 دول صناعية تحتكر هذه الصناعة، كما أن هناك مشروع محاكاة إلكترونيا لفيروس سى.
وحول فكرة الوصول إلى «نوبل»، أوضح شعلان: «لا يمكن أن أحلم بنتائج تفوق مقدرتنا، يجب أن نبدأ بتخطيط نظام تعليم ومعدل صرف عالميين على البحث العلمى، نحن فى طريقنا للتحسن، والدولة لا يوجد لديها إمكانيات للوصول للنسبة العالمية للصرف».
يطمح رئيس المركز خلال السنوات المقبلة إلى فصل المكاتب عن المعامل، وأن ينجح المركز العلمى فى الوصول لمخرج بحثى تطبيقى فى الصناعة، وليس فقط من أجل الحصول على الجوائز، وزيادة النشر العلمى.
ومن جهتها، قالت رئيس مجلس إدارة مركز التميز العلمى، الدكتورة هالة القاضى، إنها أشرفت على إعداد تقييمات الباحثين المراد استبعادهم، قائلة: «حدث هذا فى مارس 2012، وتوقفت التقييمات الآن بعدما تعرفنا على الباحثين المتميزين»، مشيرة إلى أن المركز تعاون مع مركز بحث علمى ألمانى بغرض اتباع نظامهم فى التقييم البحثى، وتمت الاستعانة بخبراء فى إدارة العلوم بالاتفاق مع السفارة الألمانية وبناء عليه تم التقييم.
«الشروق» تجولت فى المبنى الجديد الذى انتقل إليه مركز التميز العلمى، وتحاورت مع بعض الباحثين الذين أبدوا ترحيبهم بالعمل فى مكان أوسع وأفضل، واشتكى البعض الآخر من مجهود عملية نقل الأجهزة، وتغيير المكان بعيدا عن جناح المبنى الرئيسى، متمنين أن تنتهى إدارة المركز قريبا من افتتاح المركز حتى يستطيعوا الاستمرار فى مشروعاتهم البحثية.
اقرأ أيضا
حوار ــ داليا العقاد:
نشر فى : الإثنين 7 ديسمبر 2015 - 10:02 ص | آخر تحديث : الإثنين 7 ديسمبر 2015 - 10:03 ص
منذ 10 سنوات تقريبا، كان هناك حلم مصرى نسج خيوطه مجموعة من العلماء وشباب الباحثين فى المركز القومى للبحوث ــ أكبر جهة بحثية فى مصر ــ بهدف الترشح للوصول إلى جائزة نوبل فى مجالات الفيزياء أو الكيمياء أو الطب خلال 20 عاما، وبالفعل ظهر المشروع للنور خلال مؤتمر صحفى حاشد عقده رئيس المركز السابق، الدكتور هانى الناظر، تحت اسم «الطريق إلى نوبل».
«الشروق» التقت بمؤسس مشروع «نوبل «رئيس المركز القومى للبحوث السابق الدكتور هانى الناظر، وتحدث معنا فى هذا الحوار القصير عن أهداف المشروع وسبب تعثره».
*هل تحققت أهداف مشروع نوبل الذى أعلنت عنه عام 2007؟
للأسف لا، كنا نطمح لتعميمه على باقى المراكز البحثية فى مصر لتحقيق نهضة علمية كبيرة، حينما أعلنا عن المشروع كان هدفه عودة العقول المهاجرة إلى الوطن، وضمان وقف نزيفها، واحتواء الكفاءات العلمية الفذة داخل المركز، بتخصيص معامل فى مجال التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو والطاقة الجديدة والمتجددة والزراعات الحيوية، وإجراء البحوث التطبيقية، وزيادة النشر العلمى المتقدم فى دوريات عالمية محكمة، وتسجيل براءات الاختراع والحصول على جوائز دولية ترفع اسم مصر عاليا، فضلا عن إعداد جيل من شباب العلماء، لكن أرى أن المشروع حاليا يواجه تعثرا شديدا بسبب عدم اهتمام الإدارة الجديدة به.
*ما أهم مظاهر هذا التعثر من وجهة نظرك؟
خلق مناخ غير مشجع للعمل، اضطر معه أغلب العلماء والشباب المؤسسين بالمشروع إلى السفر خارج مصر أو العمل فى جامعات خاصة، ورغم تركى رئاسة المركز فقد حاولت تشجيع الفكرة، وإنشاء مشروع موازٍ على موقع التواصل فيس بوك يحمل نفس الاسم يضم بعض العلماء والشباب الذين هاجروا بالفعل، ونجحت الفكرة فى خلق بيئة بحثية افتراضية ربطت بين العلماء فى الداخل والخارج، واشترك بالصفحة الآلاف، ويتم من خلالها الإعلان على منح ومؤتمرات وشراكات بحثية، ونشر دولى مشترك داخل وخارج مصر.
*يرى البعض صعوبة فى حصول عالم من داخل مصر على جائزة نوبل ما رأيك؟
المشروع كان يمهد الطريق لبيئة علمية سليمة، عبر إنشاء أول مركز تميز علمى فى مصر، ولم يكن شرطا الوصول لجائزة نوبل، وإنما الوصول لأبحاث تحل مشاكل محلية، وتنهى أزمات تواجه الحكومة المصرية، لذلك أتمنى أن يعاد له بريقه، وأن يجد دعما من الحكومة.
*ما أهم الإنجازات العلمية التى حققها المشروع؟
المشروع حقق فى بداياته صدى واسعا حتى أنه تلقى تبرعات من أحد الباحثين المصريين خارج مصر بقيمة 25 مليون جنيه، وبناء عليه تم شراء أجهزة متقدمة ساعدت فى إجراء أبحاث رائدة، وأهم إنجازاته نجاح مركز التميز العلمى بقسم الفيروسات بقيادة الدكتور محمد أحمد، فى عمل لقاح لمواجهة أنفلونزا الطيور، فضلا عن مشروعات فى طور البحث مثل علاج السرطان بتكنولوجيا النانو ذهب، تحت إشراف العالم المصرى مصطفى السيد، والأبحاث الخاصة بتشخيص بفيروس الكبد الوبائى سى.


Friday, January 31, 2020

تكملة موضوع جامعة العاشر من رمضان

ننشر التقارير المالية والقانونية لمصطفى ثابت (2ــ2)

«الشروق» ترصد مخالفات «ابن عم الهانم» فى جامعة العاشر

داليا العقاد
نشر فى : الثلاثاء 19 فبراير 2013 - 1:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 20 فبراير 2013 - 4:14 م
 الطلاب: الإدارة اكتفت بالوعود والمسكّنات.. ومستقبلنا بعد التخرج فى خطر

 أول عميد للمعهد: أمن الدولة اتهمنى بالتخابر مع دولة أجنبية لإبعادى لصالح ثابت

مصدر: لم نخدع الطلاب.. ووزارة الإسكان رفضت توفير أرض للجامعة

ما بين انتقادات حادة من جانب طلاب جامعة العاشر من رمضان، الباحثون عن مبنى جامعى يأويهم، بدلا من تشريدهم فى قاعات مستأجرة بمقر الجامعة الروسية فى مدينة بدر، وما بين دفاع د.إيهاب كامل، محامى رئيس مجلس أمناء الجامعة، د.مصطفى ثابت عن موكله، تستكمل «الشروق» نشر الجزء الثانى من تحقيقها حول جامعة العاشر من رمضان، التى يمتلك معظم أسهمها، ابن عم زوجة الرئيس السابق حسنى مبارك. فى الجزء الثانى من التحقيق، تستطلع «الشروق» آراء طلاب الجامعة، مع نشر الرد القانونى لمحامى ثابت، كما تنفرد بنشر التقرير المالى والقانونى الخاصى بمعهد وجامعة العاشر من رمضان، والمعروض حاليا على مكتب وزير التعليم العالى.

تحقيق وتصوير ــ داليا العقاديقول مصدر مقرب لرئيس مجلس الأمناء، مصطفى ثابت، «الجامعة لم تخطئ فى حق الطلاب، ولم تضحك عليهم، كل ما فى الأمر أن وزارة الإسكان رفضت تنفيذ توصية وزارة التعليم العالى، بمساعدتها فى توفير أرض للجامعة، منذ أكتوبر 2011، الخطأ فى المماطلة من جانب الحكومة فى توفير الأرض، لمجرد أن رئيس مجلس الأمناء من النظام القديم».

وأضاف المصدر: «نبحث منذ 6 أشهر مع جهاز العاشر من رمضان، وجمعية المستثمرين على قطعة أرض للإيجار، ونأمل أن نصل إلى اتفاق معهم، مراعاة لتعهداتنا مع الطلاب، وفكرنا أن نبعد ثابت عن رئاسة مجلس أمناء الجامعة، حتى نستطيع الحصول على أرض، لكننا علمنا أن هذا لن يجدى نفعا، خاصة أن كثيرا من المساهمين هم من آل ثابت».

وحول الاتهامات الموجهة لثابت بالتلاعب فى عقود التنازل عن أرض ومبانى المعهد لصالح الجامعة، قال المصدر: «هناك موظفون يحاولون تهييج الطلاب ضد مجلس الأمناء، لمجرد أن رئيسها على صلة قرابة مع النظام القديم، لكن ليس هناك أى تلاعب فى عملية البيع، حيث تم بشكل قانونى، والأمر كله معروض على القضاء ليقول كلمته».

أما عن التحفظ على أموال وممتلكات ثابت، فيقول المصدر إنه تم دون ذكر أسباب، مضيفا: «العدالة بطيئة، والتحقيقات لم تنتهِ، وأى أموال كانت تخرج من المعهد، كانت تتم بموافقة من الجمعية المشرفة على المعهد، وعلى العكس تماما، وفر ثابت على المعهد أموالا كثيرة، حينما فكر فى شراء أرض للمعهد فى التجمع الخامس، مقابل 3 ملايين جنيه، وهى تساوى حاليا 25 مليونا».

وحول سبب تغيير العديد من القيادات القديمة فى الجامعة، واتهام الموظفين لثابت بشراء ميكروباص وسيارة ملاكى لصالح وزارة التعليم العالى والمجلس الاعلى للجامعات الخاصة، للتساهل فى الحصول على الموافقة لإنشاء الجامعة، أوضح المصدر أن «القيادات القديمة بالجامعة فشلت فى حل المشكلات، وبعضها يواجه قضايا تزوير، أما ما يتعلق بالميكروباص والسيارة، فأكد أنها ليست رشوة، فالوزارة فضلت أن يتم دفع الأموال المستحقة بهذه الطريقة، نظرا لصعوبة شراء السيارات بسبب تعقيدات قانون المناقصات والمزايدات، الذى يؤخر شراء أية سيارة فى الجهات الحكومية، من ناحية، ولأن المعهد بفضل علاقاته مع رجال الأعمال فى المنطقة الصناعية، كان يحصل على خصومات جيدة فى السيارات».

من جهتها، قالت أمين عام الجامعة، نانسى سليم: «ما حدث هو زوبعة من بعض الطلاب المحرضين، والإدارة تتخذ جميع الإجراءات حاليا لراحة الطلاب، وتم الاتفاق على أكثر من قطعة أرض، لبناء الجامعة خلال الفترة المقبلة»، مشيرة إلى أن «الطلاب ذهبوا إلى وزارة التعليم العالى للتأكد من سمعة الجامعة، كما أن الدراسة انتظمت بشكل كامل حاليا، على حد قولها، دون أى إضرابات مع جانب الطلاب.

لكن على الجهة الأخرى تكشف الدعوى التى رفعتها إدارة معهد العاشر أن ثابت قام بالتوقيع على عقدى تنازل عن مبنى المدرجات والمعامل والمكون من دور أرضى، وأربعة أدوار متكررة، ومبنى التسجيل وشئون الطلاب، المكون من دور واحد أرضى، لافتة إلى قيام ثابت وعثمان بتحويل المال العام للمعهد، إلى مال خاص تابع لجامعة خاصة، واستندت الدعوى إلى بطلان قرار الجمعية العمومية لجمعية تنمية المجتمعات العمرانية الجديدة، فى 16 نوفمبر 2009، بشأن الموافقة على التنازل عن الأرض والمبانى، لأن المادة 28 من اللائحة الداخلية للجمعية، تنص على أنه «لا يجوز لعضو الجمعية الاشتراك فى التصويت، إذا كان موضوع القرار المعروض، إبرام اتفاق معه، وكذلك كلما كانت له مصلحة شخصية فى القرار المطروح».

وأضافت الدعوى أن ثابت كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية المجتمعات، وعثمان كان عضو مجلس إدارة بالجمعية، ومؤسسين بالجامعة فى نفس وقت الموافقة على التنازل عن الأرض والمبانى، «وبذلك لهما مصلحة شخصية فى عملية التنازل لصالح الجامعة، وهم يمتلكون أسهم فيها».

ووفقا للدعوى، فإن «نقل الملكية من المعهد إلى الجامعة يشوبه البطلان، نظرا لعدم وجود موافقة كتابية من وزارة التعليم العالى، وهو ما يخالف نص المادة رقم 11 من القانون رقم 52 لسنة 1970، بشأن تنظيم العمل بالمعاهد العليا الخاصة، والذى ينص على أنه لا يجوز لصاحب المعهد نقل ملكيته للغير أو تغيير أو مخالفة أى بيان من البيانات التى صدر الترخيص بإنشاء المعهد على أساسها، إلا بعد الحصول على ترخيص كتابى من وزارة التعليم العالى.

ويحكى أول عميد بمعهد العاشر من رمضان، الدكتور مصطفى كامل، جانبا آخر من قصة إنشاء الجامعة، موضحا أن المعهد كان أول معهد تعليمى خاص فى مصر، عام 1988، ولم يكن هادفا للربح، فهدفه كان خدمة المنطقة الصناعية بالعاشر من رمضان، ويوضح كامل أنه عند إنشاء المعهد، كان لديه حلم بأن يتحول إلى جامعة أهلية، وقدم اقتراحا بذلك قبل إقصائه من العمادة، بعد 8 سنوات من توليه لها «إلا أن وزير التعليم العالى وقتها، حسين كامل بهاء الدين، رفض الاقتراح، وأصدر قرارا بمنع تحويل المعاهد إلى جامعات».

ويكشف كامل عن تفاصيل إقصائه من عمادة المعهد، لأول مرة فى تصريحات لـ«الشروق»، قائلا: «عندما فشلت محاولات ثابت ومعاونيه من النظام السابق فى إدانتى، زارنى عميد من الرقابة الإدارية، التى أكدت تقاريرها أن ثروتى تتناسب مع دخلى، وقال لى إن الهيئة لن تكون شومة فى يد أحد، لكن الوزير يرغب فى إقالتى، وحذرنى الضابط من أمن الدولة، مشيرا إلى تضخم ثروة المعهد، الذى يضم 10 آلاف طالب، وتبلغ الرسوم الدراسية 12 ألف جنيه، وهو ما كان سببا رئيسيا لإبعادى بشكل فج، فالرسوم الدراسية كانت تضخ فى العملية التعليمية على المبانى والمعامل وتوسعات المعهد، وليس فى جيوب المساهمين، كما يحدث فى بعض الجامعات الخاصة حاليا».

وأضاف كامل أنه عقب تلقيه التحذير، تم استدعاؤه فى جهاز مباحث أمن الدولة، وقال له ضباط هناك: «أنت تجلس على صندوق من الذهب، ومصطفى ثابت سيأتى بدالا منك عميدا للمعهد»، ثم تم اتهامه بالتخابر لصالح جهة أجنبية، ويدلل كامل على براءته من هذه الاتهامات، قائلا: «تم تعيينى بعد ذلك مدير برنامج للتنمية التكنولوجية، التابع لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فى مجلس الوزراء».

وفى تصريحات لـ«الشروق»، أكد وزير التعليم العالى مصطفى مسعد، أنه سيحقق فى مدى تورط الوزارة فى المخالفات الخاصة بالجامعة، موضحا أنه يتم إعداد تقرير عن الجامعات الخاصة للعرض على مجلس الوزراء خلال الشهر الجارى، وسيتضمن آراء لتطوير أدائها، فى الفترة المقبلة، وتعديلات تشريعية بما يسمح باستقلال إدارة الجامعة عن مجلس الأمناء، لأداء واجب الجامعة على النحو الأكمل.


حكاوى الطلاب عن جامعة العاشر


 داليا العقاد
نشر فى : الثلاثاء 19 فبراير 2013 - 1:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 19 فبراير 2013 - 1:25 م
يقول الطالب فى أول دفعات كلية الهندسة بالجامعة، أحمد الشريف، «إن أولياء أمورنا ذهبوا قبل التقديم إلى وزارة التعليم العالى، للسؤال عن الجامعة، فما كان من المسئولين هناك إلا أن أكدوا لهم أنها جامعة مضمونة، وذات سمعة طيبة، ومعتمدة من الوزارة، وتخضع لإشرافها، وهو ما لم يتحقق بعد عام من دفع المصروفات، ففى النهاية، رحنا ضحية تصفية حسابات».

يوضح الشريف «بعد ثورة 25 يناير، حدثت أزمة مطالبة المعهد بإخلاء مبنى الجامعة من الطلاب، وظلت الإدارة فى نقاشات واجتماعات معنا، حتى توصلوا فى نهاية عام 2011، إلى السماح لنا بإجراء معادلة فى أى جامعة نختارها، وتم الاتفاق مع الجامعة البريطانية، على انتقال قسم التمريض إليها».

أما رئيس اتحاد طلبة الجامعة، أحمد نجاح، فيقول: «إحنا فقدنا الثقة فى إدارة الجامعة، ووصل الأمر بنا إلى تنظيم بعض طلاب الجامعة الروسية وقفة احتجاجية للمطالبة بطردنا من جامعتهم»، مطالبا الرئيس محمد مرسى التدخل لحل أزمة الجامعة.

وناشدت الطالبة بكلية الصيدلة، فاطمة عادل، وزارة التعليم العالى، بتوفير أماكن خاصة بهم «فنحن أصبحنا مهددين بالتشرد فى أى لحظة، بسبب ضغوط طلاب الجامعة الروسية، نظرا لضيق المكان، كما أن إدارة الجامعة يجب أن تحاسب على اللى يحدث لنا»، كما أعربت عن مخاوفها من عدم الاعتداد بالجامعة بعد التخرج، خاصة فى ظل عدم تخصيص أرض للجامعة حتى الآن.

ويفسرالدكتور محمد رمضان أمين عام المعهد سر عداء الطلاب لجامعة العاشر من رمضان قائلا: اقتطاع جزء كبير من أرض ومبان المعهد أدى إلى تزايد أعداد الطلاب داخل قاعات المحاضرات وخفض المخصصات المالية للمعهد مما أثر سلبا على تحديث الأدوات المستعملة وزيادة المصروفات، لأن المعهد كان يتحمل كافة تكاليف الجامعة بداية من فاتورة الكهرباء حتى مرتب الأساتذة المحاضرين فى الجامعة.

تقارير على مكتب الوزير

داليا العقاد
نشر فى : الثلاثاء 19 فبراير 2013 - 1:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 19 فبراير 2013 - 1:30 م
حول العلاقة المالية والقانونية بين المعهد والجامعة، يقول عميد المعهد، الدكتور عمرو أمين إن «الوزير مصطفى مسعد طلب تقريرا بذلك، وتم إرساله فى خطاب إلى الوزارة على هيئة تقريرين»، وحصلت «الشروق» على نسخة منهما، حيث تضمن الشق المالى، التأكيد على أن المعهد صرف 20 مليونا و559 ألف جنيه على الجامعة من ميزانيته الخاصة، بناء على موافقة الدكتور مصطفى ثابت، ولم تسدد منها الجامعة سوى 550 ألف جنيه. وكشف التقرير أن المبالغ التى صرفها المعهد على الجامعة، انقسمت إلى 16 مليونا و195 ألف جنيه لشراء معامل وتجهيزات وأثاث، و4 ملايين و345 ألف جنيه مكافآت إشراف على الجامعة، فيما أشار مدير عام الشئون القانونية بالمعهد، إلى أن الجامعة لم تقم بسداد قيمة أى قسط عما تم التنازل عنه لها حتى الآن، مضيفا أنه بعد ثورة 25 يناير وتغيير إدارة المعهد، أقامت الإدارة دعوى قانونية برقم 501 لسنة 2011 مدنى كلى بلبيس ضد ثابت وعثمان، «وسبق إرسال بيان المديونية إلى الجامعة لسداد مديوناتها، ولم نتسلم أى رد حتى تاريخه».

وأوضح التقرير أن ثابت استصدار قرارا من مجلس إدارة جمعية تنمية المجتمعات العمرانية الجديدة، فى 15 سبتمبر 2009، وقرارا من الجمعية العمومية للجمعية، مالكة المعهد، فى 16 نوفمبر من نفس العام، وقرارا من مجلس إدارة المعهد، بجلسة 24 أكتوبر، بالتنازل عن مساحة 73 ألف متر مربع، ومبنى المعامل والمدرجات، ومبنى التسجيل، لصالح الجامعة المملوكة له ولأفراد أسرته، على أن يتم سداد قيمتها للمعهد بالتقسيط على عشرة أقساط سنوية، دون عرض الأمر على وزارة التعليم العالى، بصفتها الجهة المختصة، أو اتباع الإجراءات القانونية فى هذا الشأن، وهى تنازلات محل طعن عليها أمام القضاء، وفقا لما جاء فى الموقف القانونى بالتقرير.

وفى الشق الثانى من التقرير، الخاص بالموقف القانونى، والموقع من مدير عام الشئون القانونية فى المعهد، والمتعلق بالدعوى القضائية رقم 861 لسنة 2011 إدارى أول العاشر من رمضان، والمنظورة حاليا أمام خبراء الكسب غير المشروع، للنظر فى المخالفات المالية المنسوبة لثابت، أشار التقرير إلى أنه استغل أموال المعهد فى إنشاء الجامعة البريطانية، بدفع مبلغ 21 مليون جنيه، وشراء معامل لجامعة العاشر من رمضان بقيمة بمبلغ 14 مليون جنيه.

وكانت إدارة المعهد أقامت دعوى قضائية فى 2011 ضد الدكتور محمد عثمان، بصفته نائب رئيس الجامعة، وضد مصطفى ثابت بصفته رئيس مجلس الأمناء، ببطلان عقود التنازل عن أرض ومبانى المعهد لصالح المعهد، لأن مصطفى ثابت قام بصفته عميدا للمعهد فى 2009، بالتنازل عن 73 ألف متر مربع للجامعة، منحتها له الدولة بأسعار زهيدة، رغم أنه أحد المساهمين فى الجامعة.
نشر هذا التحقيق لي هنا في هذا اللينك  

الفساد وصل للجامعات في عهد مبارك

قرار جمهورى من مبارك يسمح لابن عم زوجته بإنشاء جامعة خاصة دون امتلاكها أرضًا لمبانيها

العاشر من رمضان..جامعة آل ثابت التى نشأت بقرار جمهورى بلا أرض أو مبانٍ (1 ــ 2)

تحقيق - داليا العقاد
نشر فى : الأحد 17 فبراير 2013 - 10:50 ص | آخر تحديث : الأحد 17 فبراير 2013 - 10:50 ص
وسط المئات من زملائه، وقف باسم أمام وزارة التعليم العالى، رافعا واحدة من لافتاتهم، التى بدت غريبة بالنسبة للمارة فى شارع قصر العينى، فرغم اعتيادهم على كل أنواع الاحتجاجات والمطالب، إلا أن مطالب باسم ورفاقه بالنسبة لهم، كانت مثيرة للحيرة، وهى «أرض ومبان لجامعة العاشر من رمضان».

باسم الذى يسكن فى مدينة «العاشر من رمضان»، بالقرب من مقر جامعته الخاصة التى تحمل نفس الاسم، قطع نحو 50 كيلومترا إلى وسط القاهرة، ليتظاهر مع زملائه، قائلا «نحن ضحايا جامعة نشأت منذ 3 سنوات، دون أرض أو مبان، ومجلس الأمناء الذى يرأسه مصطفى ثابت، ابن عم زوجة الرئيس المخلوع، كذب علينا، وأصبحنا الآن نواجه مستقبلا مجهولا، وفى نفس الوقت لا نثق فى أن وزارة التعليم العالى ستلبى مطالبنا». عند سماع شكوى الطلاب لأول وهلة، يقفز إلى العقل سؤال سريع «إذا لم تكن هناك أرض أو مبان للجامعة، فأين يدرس الطلاب؟، وهل هى جامعة من الأساس؟»، وقبل أن تزداد الحيرة، يكشف الطلاب السر، فمنذ صدور قرار جمهورى بإنشاء الجامعة فى عام 2009، وهم يدرسون فى قاعة محاضرات مستأجرة من الجامعة الروسية بمدينة بدر.تحقيق وتصوير ــ داليا العقادعلى أكتاف معهد العاشر من رمضان، أقيمت الجامعة على الورق.. كان يكفيها صدور القرار الجمهورى، حتى تصبح موجودة على الورق، حتى لو لم تكن تملك أرضا لبناء مبانى عليها، وسط صمت مريب من وزارة التعليم العالى، فى عهد الوزير الأسبق هانى هلال.

فى رحلها للكشف عن أسرار الجامعة، كانت كل الإجابات التى تحصل عليها «الشروق» عند سؤال أى من المسئولين أو الموظفين عن الجامعة، أو عن علاقتها بالمعهد، تدور حول كلمتين هما «نفوذ» و«سلطة» آل ثابت، الذين يملكون أسهما عديدة فى الجامعة، طبقا لمستندات تأسيسها، التى حصلت «الشروق» على نسخة منها، كما كشفت معالم «كنز» معهد العاشر من رمضان، والذى تحمل الجامعة نفس اسمه.

منذ تأسيس الجامعة فى عام 2009، يشغل منصب رئيس مجلس أمنائها، مصطفى ثابت، الذى صدر قرار من النائب العام السابق، بمنعه وزوجته من التصرف فى أموالهما وممتلكاتهما، فى عام 2011، كإجراء تحفظى لحين الانتهاء من التحقيق فى البلاغات والاتهامات الموجهة ضده، من جانب إدارة المعهد.

و«الشروق» استمعت إلى جميع أطراف الأزمة داخل المعهد، الذى يقع على طريق الإسماعيلية الصحراوى، وبينما اختار عدد كبير من الطلاب الرحيل عن الجامعة، إلى جامعات اخرى، هربا من الوضع الملتبس لها، واصل نحو 300 طالب الدراسة فيها، فى انتظار تحديد مصير الجامعة من داخل مقرها المؤقت داخل الجامعة الروسية، والتى من المقرر أن يغادروها إلى مقر مؤقت آخر فى الجامعة البريطانية، بحسب الطلاب.

«بداية قصة هدم جامعتنا، كانت بلدوزر»، هكذا يبدأ طالب كلية الصيدلة، باسم، قصة الجامعة، بعدما أصر على مرافقتنا فى الرحلة إلى العاشر من رمضان، موضحا «بعد الثورة مباشرة، وسقوط نظام مبارك، نظم طلاب وموظفو معهد العاشر‏ من رمضان، الذين كان يفصلهم عن الجامعة سور، عدة تظاهرات واعتصامات أمام وزارة التعليم العالى، للمطالبة باسترداد مبانيهم وأرضهم، التى سيطر عليها ثابت، بموجب عقود بيع لأرض متنازع عليها أمام القضاء».

يضيف باسم «عندما لم تستجب الوزارة لمطالب طلاب المعهد، فى عام 2011، استأجروا بلدوزرا على حسابهم الخاص، وبدأوا فى هدم السور الفاصل بين المعهد والجامعة، فيما قام موظفو المعهد بخلع ثابت من منصب العميد، الذى كان يشغله بجانب منصبه كرئيس لمجلس أمناء الجامعة، وحصلوا من مكتبه على أوراق خاصة، تم بمقتضاها تقديم بلاغ إلى النائب العام لمنعه من الدخول، بالإضافة إلى منع طلاب الجامعة من الاستمرار فى الدراسة داخل المعهد».

رواية باسم لم يكذبها أمين موافى، أحد العاملين فى الشئون الادارية بالمعهد العالى للتكنولوجيا بالعاشر من رمضان، الذى اتهم وزارة التعليم بمنح تصاريح ببدء الدراسة فى كيان وهمى، دون وجود مكان يسمى جامعة العاشر، مضيفا «الوزارة تعلم أن المبانى التى تمت الموافقة عليها مملوكة للمعهد، والموافقة تمت بسبب وجود اسم مصطفى ثابت، لذلك فما حدث من جانب الطلاب والعاملين فى المعهد، لا يعد بلطجة، لكنه عودة للحقوق، بعد سقوط نظام مبارك».

وكشف موافى، الذى تم استدعاؤه إلى جهاز أمن الدولة «المنحل» 7 مرات، فى عهد النظام السابق، بالإضافة إلى خصم ثلاث أرباع راتبه لمدة عام كامل، لأنه تقدم مع مجموعة من موظفى المعهد ببلاغ إلى النائب العام، يتهمون فيه الدكتور مصطفى ثابت، بإهدار المال العام، والاستيلاء على 73 ألف متر من أراضى المعهد عن طريق استغلال النفوذ، بوصفه كان يرأس مجلس امناء الجامعة، فى نفس الوقت الذى كان فيه عميد لمعهد العاشر من رمضان العالى للتكنولوجى، وهو ما وصفه موافى بـ«غير القانونى، لأنه بذلك يشرف على نفسه».

«فى بداية عام 2004،  تصرف ثابت بالبيع فى أرض المعهد، لأصدقائه رجال أعمال، لإنشاء جامعة العاشر من رمضان بأقل الأسعار»، بحسب موافى، الذى أوضح أن «المستندات التى تكشف أن المساحة المخصصة للمعهد من جهاز تنمية العاشر من رمضان، هى 190 ألف متر، لأن أرض المعهد كانت تتبع جمعية المجتمعات العمرانية الجديدة، التى حصل منها ثابت وبعض أفراد أسرته المساهمين فى الجامعة، ومن بينهم منير ثابت، شقيق زوجة مبارك، على 73 ألف متر، فضلا عن المبانى والتجهيزات التى تم إعدادها بثمن بخس».

ووفقا لموافى «لو كانت ثورة 25 يناير تأخرت أسبوعا واحدا، لكان ثابت وشركاؤه انتهوا من تسجيل عقود البيع فى الشهر العقارى، حيث كتبوا عقود بيع عرفية، لكن جاءت الثورة لتوقف خطتهم، على حد قوله، وأضاف «من استعجالهم وقعوا فى الخطأ، فختموا العقود بشعار إدارة المخازن فى وزارة الشئون الاجتماعية، ولم يحصلوا على جميع توقيعات نقل الملكية من جهاز العاشر من رمضان».

وأمام عدم حصول جامعة العاشر من رمضان على عقد رسمى بالأرض والمبانى، اضطرت إدارتها فى بداية سبتمبر2011، بموافقة المجلس الأعلى للجامعات، على استئجار قاعات المحاضرات والمعامل من الجامعة الروسية فى مدينة بدر، وانتقل الطلاب إليها على خمس دفعات، لاستكمال محاضراتهم، ورغم أن الاتفاق بين الجامعة والمجلس، اقتضى ألا تزيد فترة توفيق أوضاع الجامعة عن سنة واحدة، يتعهد خلالها مجلس الأمناء بتوفير أرض للجامعة، إلا أن الطلاب فوجئوا باستمرار الوضع نفسه لعام آخر، لتمتد المهلة الممنوحة إلى سبتمبر المقبل.

ومع استمرار حالة عدم الاستقرار فى الجامعة، تم تحويل جميع طلاب كلية التمريض إلى جامعات أخرى، فى سبتمبر 2011، مع بداية السنة الدراسية، حيث يبلغ العدد الإجمالى للطلاب 323، من بينهم 227 بكلية الصيدلة، و96 بـ«الهندسة»، ورغم هذه الظروف الصعبة، وافق المجلس الأعلى للجامعات فى تنسيق عام 2012- 2013، على إلحاق 30 طالبا جديدا بالجامعة.

«فين الجامعة»، «مستقبلنا فى خطر»، «كفاية كلام عايزين أفعال»، «مستقبلى كطالب أسمى من كل المطالب»، كانت هذه بعض الشعارات التى مازالت معلقة على جدران القاعات المستأجرة داخل الجامعة الروسية، حيث اعتصم فيها الطلاب على مدار شهرى سبتمبر وأكتوبر الماضيين، ثم بدأوا إضرابا عن حضور المحاضرات، فى محاولة للضغط على إدارة الجامعة، للبدء فى إجراءات نقلهم إلى أرض ومبان خاصة بهم، أو قبول تحويلهم إلى جامعة أخرى.

يقول باسم، «مجلس الأمناء اكتفى بتقديم الوعود والمسكّنات، ورغم أن الجامعة ‎تقترب من تخريج أول دفعة لها، فى أغسطس 2014، إلا أنه حتى الآن لا توجد أرض ولا مبنى للجامعة، وهو ما يهدد مستقبل الطلاب، بعدم الاعتراف بشهاداتهم الجامعية بعد التخرج».

فى عهد وزير التعليم العالى الأسبق، معتز خورشيد، أصدر مجلس الجامعات الخاصة والأهلية، قرارا يسمح لجامعة العاشر من رمضان باستئجار قاعات داخل الجامعة الروسية، للتدريس لطلابها، ورغم خروج خورشيد من الوزارة، إلا أنه كشف لـ«الشروق»، أن المجلس اشترط على الجامعة توفيق أوضاعها، فى موعد أقصاه عام، وتم الاتفاق على أن تودع الجامعة نسبة 50% من الرسوم الدراسية للطلاب فى فى خزينة الجامعة الروسية».

وفى رده على سؤال حول تفسيره لقبول طلاب جدد فى الجامعة هذا العام، رغم استمرار حالة عدم الاستقرار فى أوضاعها، قال خورشيد «كنا نحاول أن ننقذ الجامعة، وأن نحافظ على مستقبل الطلاب من الضياع، فالوزارة حاولت إعطاء الجامعة التى صدر قرار جمهورى بإنشائها فرصة للاستمرار، أما عدم التزامها بالتعهدات الخاصة بتوفيق الأوضاع، رغم مرور سنتين، فليس لدى علم بأسبابه، لكنه يعتبر خرقا لتعهدات الجامعة، وينبغى أن تلتزم بتوفير مقر ومبان فورا».

وفى منتصف ديسمبر الماضى، شكل وزير التعليم العالى، مصطفى مسعد، لجنة برئاسة خورشيد، لإجراء مقابلات مع رؤساء الجامعات الخاصة الجدد، كأول لجنة من نوعها لضمان مستوى الجودة فى الجامعات الخاصة، وكانت أولى المقابلات التى أجرتها اللجنة، مع الرئيس الجديد لجامعة العاشر من رمضان، الدكتور مصطفى زهران، وانتهت وقتها بالموافقة على تعيينه، بديلا عن الدكتور محمد عثمان، بموجب ترشيح من مجلس أمناء الجامعة، وهو ما يعلق عليه خورشيد قائلا «لا أعلم تحديدا سبب تغيير الرئيس السابق للجامعة، محمد عثمان، فهذا شأن داخلى بالجامعة، لا نتدخل فيه».

ومن جانبه يعلق باسم على تصريحات الوزير الأسبق قائلا «إدارة الجامعة ادعت مرة أن لها حقا فى أرض المعهد، ومرة أخرى قالت لنا إنها اشترت أرضا، لكننا لم نصدقها، لأنها لم تظهر العقود الخاصة بها، ومرة أخرى قالت إنها ستحصل على أرض من وزارة الإسكان، عند طرحها فى المزاد، لكن أيا من ذلك لم يتحقق، قبل أن نفاجأ بمجموعة من التغييرات على مستوى رئاسة الجامعة وعمادة كليتى الصيدلة والهندسة، دون أن نعرف مبرراتها، سوى أنها محاولة لإعادتنا إلى نقطة الصفر، دون أن تتحقق أى من مطالبنا».

يحتفظ طلاب الجامعة بتسجيل لنائب رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، الدكتور محيى حافظ، أحد المساهمين فى الجامعة، قال فيه «للجامعة حق أصيل فى أرض المعهد التكنولوجى العالى، وهو ما تنظره المحاكم حتى الآن، وللجامعة 50 فدانا فى أرض المعرفة بالعاشر من رمضان، لكن لم يتم فتح المزاد عليها حتى الآن»، ووفقا للطلاب وعدهم رئيس الجامعة السابق بالانتهاء من توقيع العقد الخاص بالمكان المؤقت للجامعة، الواقع على 12 فدانا، فى 4 أكتوبر الماضى.

وخلال اجتماع لاحق للطلاب مع أمين مجلس الجامعات الخاصة والأهلية، جمال نوارة، علموا أن حصول الجامعة على قطعة أرض جديدة لم يتم، وأن وزارة الإسكان لم تفتح أى مزاد فى هذه المنطقة، متعهدا لهم بأن يكون تخرجهم وحصولهم على شهادة معادلة، مسئولية المجلس.

ولدت الجامعة «مبتسرة» منذ البداية، فمنذ إصدار رئيس الجمهورية قراره رقم 299 فى 31 أغسطس 2009، بشأن الموافقة على إنشائها، متضمنا الموافقة على إنشاء 9 كليات فيها، تثار شكوك عديدة حول القرار، خاصة أنه جاء بناء على طلب من جمعية تنمية المجتمعات العمرانية الجديدة، التى يرأسها ثابت نفسه، والذى يشغل فى نفس الوقت، منصب وكيل مؤسسى الجامعة، كما أن موافقة مجلس الوزراء فى جلستها المنعقدة فى 24 ديسمبر 2008، تمت دون أن تحصل الجامعة على عقد رسمى بملكية الأرض والمبانى، وهو أهم شروط الموافقة على إنشاء أى جامعة، حيث اكتفت وزارة هانى هلال بالحصول على تعهد من وكيل المؤسسين، بنقل ملكية الأرض والمبانى من المعهد إلى الجامعة، دون دراسة إمكانية ذلك قانونا.

من جانبها، حصلت «الشروق» على تقرير حول مدى قانونية تنازل المعهد عن جزء من الأرض للجامعة، أعده المستشار القانونى لجمعية تنمية المجتمعات العمرانية الجديدة، وأستاذ القانون العام بجامعة عين شمس، رمزى الشاعر، بتفويض من ثابت نفسه، إلا أن التقرير لكنه صدر بعد القرار الجمهورى بشهرين، وتم عرضه فى اجتماع الجمعية العمومية غير العادية للجمعية، بتاريخ 16 نوفمبر 2009، وتغيب عنه ممثلو الشئون الاجتماعية، كما تقتضى اللوائح، حيث يشير جدول الأعمال أنه تم إبلاغهم بالموعد، إلا أنهم اعتذروا عن الحضور.

وخلال الاجتماع تم عرض الرأى القانونى للشاعر، الذى أكد فيه قانونية نقل ملكية الأرض، بشرط تقدير قيمتها التعاقدية، مضافا إليها 10% سنويا، منذ تسلُّمها، وحتى نقل الملكية، ثم انتهى التقرير القانونى بأن قيمة الأرض والمبانى المزمع بيعها، هى 33 مليونا و850 ألف جنيه، يتم سدادها بطريقة ميسرة، حتى لا تتعثر الجامعة فى بداية عملها.

ويوضح الدكتور إيهاب كامل، محامى الدكتور مصطفى ثابت، لـ«الشروق»، أن الجمعية تعهدت ضمن مستندات إنشاء الجامعة، بنقل ملكية جزء من الأرض وبعض المبانى إلى الجامعة، فور صدور القرار الجمهورى، نظير مقابل يتم الاتفاق عليه بين المعهد والجامعة، وبعد عام تقريبا على صدور القرار، وتحديدا فى 27 أكتوبر 2010، أرسل قطاع الشئون العقارية والتجارية مذكرة إلى رئيس جهاز العاشر من رمضان، لإخطاره بالموافقة على تنازل الجمعية التى يتبعها المعهد العالى للتكنولوجيا، عن مساحة 73 ألف لصالح الجامعة، وختم المذكرة بجملة: برجاء تنفيذ الأمر، وبذلك يكون موقفنا قانونيا تماما، وننتظر كلمة القضاء فى الدعوى التى أقامها المعهد ضد موكلى».

ورغم تأكيدات محامى ثابت عن قانونية موقف موكله، إلا أن المستندات التى حصلت عليها «الشروق»، كشفت أزمة أخرى تتعلق بتأسيس الجامعة، وهى أن الوديعة التى تبلغ قيمتها 10 ملايين جنيه، المودعة من المعهد لصالح الجامعة، ضمن مستلزمات إنشاء الجامعة، كانت دينا على الجامعة، ولم يدفع المؤسسون وقتها قرشا واحدا منها رغم أن المادة الأولى من القرار الجمهورى، يؤكد أن «الجامعة خاصة، وتكون لها شخصية اعتبارية خاصة، ولا تهدف أساسا إلى الربح»، فيما تنص المادة الرابعة على أن «للجامعة موازنة خاصة بها، تديرها بنفسها، وتحدد نفقاتها وإيراداتها»، كما أشار القرار إلى توزيع نسبة من فائض الأرباح على المؤسسين.

ومن جهتهم، قدم عدد من موظفى المعهد بلاغا إلى النائب العام، يطلب مساءلة ثابت عن تحويل مبلغ 298 ألفا و632 دولار أمريكى، من حساب المعهد فى أحد البنوك إلى حسابه الشخصى، وهو ما يؤكد الموظفون أنه قيمة مرتبه الشهرى والمكافآت التى كان يحصل عليها، رغم أن «هذا المبلغ لم يحصل عليه أى من عمداء المعهد من قبل»، وهو ما رد عليه محامى ثابت بتأكيده أن «العقد شريعة المتعاقدين»، مشيرا إلى أن «ثابت كان يحصل على راتبه بالدولار، وفقا لاتفاق مع المعهد، ولا يحق لأى طرف الاعتراض على قيمة المبلغ الذى يتقاضاه أيا ما كانت قيمته».

ووجه الموظفون اتهاما آخر إلى ثابت بالتلاعب فى عقد التنازل عن أرض المعهد وما عليها من مبان، وعقد آخر للتنازل عن مبنى المدرجات والمعامل، فى 18 نوفمبر 2009، لصالح الجامعة، حيث تم توقيع العقدين من جانب ثابت كطرف أول، باعتباره رئيس مجلس إدارة المعهد وعميده، إلى الطرف الثانى، نائب رئيس الجامعة محمد عثمان، والقائم بأعمال رئيس الجامعة، رغم أن الأخير كان يشغل وقتها منصب وكيل المعهد، حيث حصلت «الشروق» على مستند بخط يد عثمان، يثبت عدم تقديم استقالته من المعهد حتى 6 مارس 2010، وتم قبولها من ثابت، بصفته العميد فى 13 مارس 2010، ليقوم ثابت نفسه، بصفته الثانية، وهى رئيس مجلس أمناء الجامعة، بتعيين عثمان نائبا لرئيس الجامعة، فى مارس 2010، بموافقة أمين مجلس الجامعات الخاصة والأهلية، الذى أشر على القرار بـ«لا مانع».

يذكر أن البلاغ المقدم إلى النائب العام، تمت إحالته إلى نيابة الأموال العامة بنيابة استئناف المنصورة، وبدأت نيابة الزقازيق الكلية إجراء التحقيقات الجنائية فيه تحت رقم 861 إدارى أول العاشر من رمضان، ثم قرر المحامى العام الأول لنيابة استئناف المنصورة إحالة الملف إلى الإدارة العامة لخبراء الكسب غير المشروع بوزارة العدل، للفحص والتحقق من المستندات.



هدايا ثابت إلى التعليم العالى

حصلت «الشروق» على 3 وثائق تكشف عن إهداء ثابت لسيارتين إلى المجلس الأعلى للجامعات الخاصة، ووزارة التعليم العالى، إحداهما ملاكى ماركة نيسان صنى وأخرى ميكروباص، وهو ما أشار إليه أمين موافى، المسئول فى المعهد، باعتباره «رشوة قدمها ثابت إلى الجهتين، وهو ما يدخل تحت بند تعارض المصالح، بين الوزارة والمعهد، باعتبار أن الوزارة جهة رقابية، لا يحق لها استلام هدايا من الجهات التى تشرف عليها».

ووفقا للوثائق الثلاث، فإن السيارة الأولى التى تم شراؤها باسم المعهد فى 29 يوليو 2008، وهى ماركة نيسان صنى، أتوماتيك، بجميع الكماليات، قيمتها 93 ألف جنيه، والسيارة الثانية ميكروباص، قيمتها 162 ألف جنيه فى 2010،  وتكشف الوثائق عن موافقة ثابت، باعتباره عميدا للمعهد، على أوامر توريد السيارة الميكروباص، حيث جاء فى المستند «سوف نستخرج جميع أوراق السيارة للتراخيص من إدارة المرور، باسم وزارة التعليم العالى، على أن يتم استخراج الفاتورة باسم المعهد».

وفى رده على اتهامات موافى، قال محامى ثابت لـ«الشروق»، إن «هذه السيارات كانت جزءا من أقساط مستحقة على المعهد لصالح وزارة التعليم العالى»، وقدم مستندا من إدارة الحسابات فى المعهد، تؤكد أن هذه المبالغ كانت خصما من مستحقات صندوق دعم المعاهد العليا الخاصة مرة، ومرة أخرى جزءا من قيمة رسوم خاصة بالمعادلات.

نشر هذا التحقيق لي في الشروق في هذا اللينك

عيسى فنان الثورة من قتله؟ ذكريات من وحي الجرافيتي في المقطم

كتبت ــ داليا العقاد
نشر فى : الأحد 4 أغسطس 2013 - 9:09 ص | آخر تحديث : الإثنين 5 أغسطس 2013 - 4:19 م

طلق نارى من الظهر أدى إلى تهتك بالرئة والقلب»، كانت هذه نهاية عيسى المصرى، 17 سنة، فى مذبحة المنصة، رصاصة غادرة انهت حلم عيسى، الذى خلد بفنه شهداء 25 يناير على جدران الجامعة الأمريكية بالتحرير، فى تنظيم معرض يجسد وجوها كثيرة رسمها فأبدع.
عيسى عضو رابطة فنانى الثورة الذى سارع الجميع إلى نسبته لتياره وحزبه، عقب موته، «لم يكن محسوبا على أحد بل هو شهيد الاعلام غير المحايد» بحسب وصف والده الدكتور عصام عبدالفتاح، الذى خرج عن صمته ليتحدث مع أول وسيلة إعلام.
وأضاف عبدالفتاح لـ«الشروق» أن عيسى نزل ليرى بعينيه ما يحدث فى اعتصام ميدان رابعة، ونفى كل ما نشر وما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعى حول تفاصيل موت ابنه، يضيف «كفى متاجرة بدم ابنى، فأنا وعائلتى لا ننتمى لأى تيارات سياسية، ولست إخوانيا كما ادعت بعض الجرائد ذلك».
وجه فيروز
«هنا كان عيسى يرسم وجه فيروز، لكن الموت لم يسعفه لكى يكمل رسم التاج فوق رأسها، وكذلك لم يضع توقيعه على اللوحة كما اعتاد فى لواحاته السابقة» قالت والدة عيسى، 37 عاما، والتى كانت تتحدث فيه الأم المكلومة عن آخر يوم رأته فيه.
«الشروق» التقت عائلة عيسى فى شقته بالمقطم، استقبلنا الأب بابتسامة صابرة وقد احتسب ابنه عند الله شهيدا، والأم قدمت واجب الضيافة ودموعها المنهمرة تأبى ألا تجف بعد فراق عيسى.
تضيف الأم أنه بعد أن تسحر عيسى معها مكث يرسم لوحة فيروز، وبعدها نزل، دون أن تدرى، فى السادسة صباح المذبحة، الأم وجدت اللوحة غير المكتملة والكمبيوتر المحمول الخاص به يضىء غرفته، والتليفزيون ظل مفتوحا على قناة الجزيرة حيث تعرض الأخبار عن الأحداث، تتابع «كان والده وجدته فى ميدان رابعة. هنا تدخلت فى الحديث الجدة ماجدة: «وصلنا الساعة الثامنة فوجدنا أصدقاء عيسى أمام البيت يقولون إن عيسى مصاب إصابة خطيرة، توجهنا لمستشفى الدمرداش، بينما تحدث استاذه أحمد لطفى عن لحظات خروج الجثمان من المستشفى، بعد أن ظل 18 ساعة بالمشرحة، حتى لحظات دفنه فى بنها، متذكرا عبارات والده والدموع فى عينيه «عيسى مات..عيسى مات».
عدد المعزين فى الجنازة يشهد بحب الناس لعيسى، تحكى عمته عواطف، مشيرة إلى أن المئات من أصدقائه فى المدرسة والألتراس وجميع التيارت حرصوا على المجىء فى العزاء ويوم الدفن «كأنه كان يوم فرحه»، يتدخل الأب فى الحديث «كان عيسى شفافا نقيا، يقبل الانسان بكل اختلافه ويعيش معه ويتقبل أفكاره لدرجة أن كل واحد اعتقد أن عيسى تبعه، وهم صادقون لأنه عاش أفكارهم بصدق وحب، ويؤمن بتنوع وتعدد الافكار لبناء مصر».
لا عودة لمرسى أو العسكر
يضيف الأب الذى يعمل، رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الأدوية الخاصة: «عمرى ما قلت له اذهب لرابعة أو التحرير، كان ينزل بنفسه ليستقى الحقيقة رغم صغر سنه، ولا يقبل أن يملى عليه أحد شيئا»، يضيف «عيسى كان يرى أن مصر تستحق قائد أقوى من الدكتور محمد مرسى، ولكنه كان رافضا أن تساق مرة أخرى للحكم العسكرى.
وحول عضويته فى حزب الجبهة الديمقراطى، قال والده «كان عيسى فرحان إن معاه كارنيه فى الحزب، ولم اعترض لأن الأحزاب فى البلد تتكامل لنهضة البلد، لكنى أؤكد أنه لم يكن مسيسا ولم يستطع أحد توجهيه لصالح تيار أو حزب، وظل يعبر عن كل الاتجاهات».
فيما تقول والدته «عيسى أكبر أولادى وهو مختلف منذ صغره، وحياته فى البيت بسيطة جدا، كان زاهدا يفرح بالقليل، ويقضى يومه وسط وجوه يرسمها، يسمع توجيهاتنا ويقول لى طيب نتناقش، يأخذ رأيى فى لوحاته التى كان يحرص على وضع لمساته المختلفة علىها»، تضيف «نزلت مع أولادى إلى ميدان التحرير أثناء ثورة يناير، باعتبار أن هذا من مسئوليتى كأم لكى يروا ما تمر به مصر من أحداث، وعيسى كان نتاج هذه التربية».
قلادة بها رصاصة
يقوم الأب، بعد أن أحضر بعضا من لوحات عيسى من غرفته «عيسى رسم مصطفى محمود وجيفارا وحسن البنا وحمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد مرسى وأم كلثوم، كان بيرسم بقلبه»، موضحا أن خاله هو من علمه الرسم، ومؤخرا كان يتعلم الرسم بالزيت، فرسم صورة لحصان يظهر الحزن فى عينيه، كان يحلم أن يعرض لوحاته على الجمهور قبل بدء دروس الثانوية العامة، علاوة على فنه فقد كان عيسى متفوقا دراسيا حيث كان من الأوائل فى الشهادة الاعدادية، أيضا كان بطلا فى السباحة، والتنس، ومشجعا متحمسا للنادى الأهلى، وكان يحضر الأنشطة ويقرأ الأدب الإنجليزى الذى جعل شخصيته منطلقة».
تضيف إيمان أخته «عيسى مات وكان يعلق حول عنقه قلادة بها رصاصة لزميلة له أصيبت فى شارع محمد محمود فى عينيها اليمنى ورسم لها لوحة، وأهداها لها»، ويعرض الأب رؤية حكاها عيسى لهم «انه فى الجنة مع النبى محمد صلى الله عليه وسلم الذى قال له أنت حتفطر عندنا».
ماجدة الجدة واحلام الخالة وعفاف عمة عيسى ينفون وجود خلاف بين عيسى ووالده «هذا ليس صحيحا لأن عيسى يحفظ القرآن، ويصلى بانتظام فى مسجد بلال، وكان يسمع أم كلثوم وفيروز، وتربيته شجعته أن يتحرر من أى قيود»، وتساءلت عفاف «إلى متى سنظل نقتل بعضنا، الأرض مشبعتش من شرب دم أولادنا، كفاية دم، عايزين نبنى بلدنا».
محمد العم يقول «عيسى كان مثل الريشة، كان خفيفا على قلوبنا، لم يكن يستطيع أحد أن يفرض عليه رسم أى لوحة»، وتذكر عيسى حينما رفض أن يبيع لوحاته، ثم قال له: «هى لك بعد أن أموت لأن قيمتها ستكون غالية»، كان عيسى محبا للحياة يكره العنف، وكان يرغب فى دخول كلية الهندسة.
عيسى فى ميدان رابعة
صديق طفولته عبدالرحمن أيمن، رفض التواجد فى منزل عيسى بالمقطم، لكنه قال لـ«الشروق» عبر التليفون «تعاهدت مع نفسى ألا أغادر اعتصام ميدان رابعة»، مشيرا إلى أنه انضم للاعتصام منذ أسبوعين تقريبا، رغم أنه ضد الرئيس المعزول محمد مرسى، قائلا «كان يقول لى إنه ضد عودة العسكر».
على محمد، صديق عيسى فى معسكر جمعية بداية، لمدة تزيد على الست سنوات قال «عيسى لم يرض بالظلم أو التهميش، وسقط برصاص الغدر والخيانة»، ونفى ما تردد عن أن عيسى ذهب إلى رابعة فى يوم الحادث كى يعيد أباه إلى المنزل، وتابع «كان يذهب إلى رابعة من قبلها لأنه ضد حكم العسكر».
أحمد لطفى، مسئول لجنة الأطفال والمراهقين بفريق بداية للتنمية البشرية، يقول «عيسى شاب مؤدب جدا تربى تربية إسلامية وسطية، ودعانى للذهاب إلى رابعة واستغربت لأنه غير إخوانى».
تم نشره في الشروق على هذا اللينك

Wednesday, June 22, 2016

عشرينات ولاد البلد

وجدت بالمصادفة مقالة كنت نشرتها في 2008 في موقع ولاد البلد-عشرينات التابع لشبكة اسلام أون لاين بعنوان "أوائل الثانوية العامة الفقير يرفع ايده"

داليا العقاد - ولاد البلد - عشرينات 


رغم أننا اعتدنا طوال سنوات عمرنا على سماع الزغاريد ورؤية دموع الفرح تتساقط من أعين أوائل الثانوية العامة، إلا أن هذا العام جاء مختلفاً كثيراً.

جو الفقر والمرض الذي أصبح يحيط بالشعب المصري من كل الاتجاهات كان هو العامل المؤثر في عدم اكتمال فرحة الطلاب الأوائل، فقد ذابت دموع الفرح وسط أنهار من دموع الحزن، مما أضفى جواً من الكآبة لم نعتادها من قبل في موسم نتيجة الثانوية العامة كل عام، ولهذا يمكننا الآن أن نردد أغنية "الفقير يرفع إيده.. ييييي".

فقد أبكتنا الطالبة "هبة" الأولى على قسم (علمي علوم) وهي تخبئ دمعة سريعة سقطت من عينيها حزنا على حال والدها الذي يرقد في العناية المركزة، فهي لم تستطع سماع كلمة تهنئة من والدها بعد أن دخل في غيبوبة كبدية، فأسرتها لا تقدر على توفير الأموال اللازمة لسفره إلى الخارج وتحمل تكاليف زراعة كبد، مع أن أسرة "هبة" من الطبقة المتوسطة ووالدها يعمل استشاري بوزارة الصحة منذ أكثر من 15 عاما.

كما جعلنا الطالب "أحمد" الأول على الثانوية الخاصة بقسم المكفوفين أن نتجرع الألم مرة بعد مرة بسبب ظروفه الصعبة ليس لأنه من المكفوفين، ولكن لأنه فقد بصره بسبب جرعة زائدة من المخدر الطبي أثناء إجراء صغيرة أجراها مما تسبب في إصابته بالعجز، ولكن لأن والدته العائل الوحيد له عانت كثيرا معه ولم تبخل عليه بالحنان والدعم، رغم أن مصدر دخلها لا يتعدى الـ150 جنيه فشعر بالإحراج وهي تقص لنا معاناتها فبكى كأن عينيه تؤازرانه في محنته رغم ما بها من ضعف. 

أما الست وهيبة والدة "أحمد" فهي بحق مثال للأم المصرية المثالية، فهي فلاحة لا تقرأ ولا تكتب ولكنها شقت بأظافرها صخور الحياة ظهرت على ملامح وجهها - رغم صغر سنها - علامات تقدم السن كأن الدهر أبى أن تخرج من تحت يديه دون أن يترك عليها بصمته.

المدقق لمظاهر الفرح التي يحاول الشعب المصري أن يسرقها عنوة من بين مخالب حكومته الحالية، ستجد أنها قصيرة، سرعان ما سيتمكن كثيرون من انتزاعها من قلوب السعداء.

مصر تحت رحمة التغيرات المناخية



داليا العقاد 
نشر فى : السبت 18 يونيو 2016 - 10:33 ص | آخر تحديث : السبت 18 يونيو 2016 - 10:56 ص
تقلبات حادة فى الطقس وظواهر مناخية غير معتادة ضربت مصر خلال العام الماضى. فمن ارتفاعات غير مسبوقة لدرجات الحرارة، إلى سيول قوية، ومن عواصف ترابية غير معهودة إلى موجات برد ثلجية، لقى أكثر من 100 شخص حتفه، وأصيب المئات وتلفت أراض زراعية واسعة بسبب هذه الظواهر حتى وصل الأمر إلى غرق قرية بكاملها فى محافظة البحيرة تسمى عفونة، وإصابة أجزاء عديدة من محافظة الإسكندرية بالشلل التام، ومن المتوقع طبقا للتقارير الدولية، أن تزداد حدة التغيرات المناخية خلال الأعوام القادمة، ما لم يتكاتف العالم ويلتزم بتقليل الانبعاثات الحرارية حتى درجتين مئويتين.

التزاما بذلك وقعت مصر، فى إبريل من العام الحالى على اتفاق باريس لمواجهة التغيرات المناخية، حينما شارك وزير البيئة خالد فهمى، التوقيع مع عدة دول أخرى تمهيدا لتفعيلها لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحرارى فى العالم عام 2020، وبهذا التوقيع تكون مصر قد أعلنت التزامها الكامل بكل ما ورد بالاتفاقية من بنود، بهدف مواجهة التهديد الذى تشكله ظاهرة الاحتباس الحرارى.
من أجل فهم أكثر لبنود الاتفاقية ومعرفة التزامات مصر تجاهها، تحاورت «الشروق» مع الدكتور خالد حسن، الباحث فى التغيرات المناخية، والدكتور عماد عدلى رئيس المنتدى المصرى للتنمية المستدامة، والأخير حضر مؤتمر باريس فى ديسمبر الماضى كممثل للمجتمع المدنى فى مصر.
اقرأ أيضا: 

الباحث خالد حسن: اتفاق باريس يعزز دخول مصر عصر الطاقة الشمسية

 شر فى : السبت 18 يونيو 2016 - 10:36 ص | آخر تحديث : السبت 18 يونيو 2016 - 10:44 ص
• انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى مصر انخفضت من 0.71% عام 2009 إلى 0.63% فى 2011
• مصر تستهدف تحقيق 20% للطاقة المتجددة من إجمالى الطاقة الكهربائية المنتجة بحلول 2020.. وزيادتها لـ25% عام 2030

• ما أهم ملاحظاتك على اتفاقية باريس للتغيرات المناخية؟

ـ الاتفاق جاء بعد 6 سنوات على فشل مؤتمر كوبنهاجن، الذى عجز عن التوصل إلى اتفاق مشابه، ومن أهم الملاحظات الإبقاء على ارتفاع درجة الحرارة العالمية فى حدود أقل بكثير من درجتين مئويتين، «حيث إن المستهدف 1.5 درجة مئوية»، فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية، فى حين أنه لم يتم تحديد الفترة الزمنية المقصودة بهذه الحقبة الصناعية، أو درجات الحرارة التى كانت سائدة عندئذ، والتى تعتبر نقطة الانطلاق لقياس مدى النجاح أو التقدم فى تحقيق ذلك الهدف، وإدراج بند يوضح أن الاتفاق «لن يشكل قاعدة» لتحميل «المسئوليات أو المطالبة بتعويضات»، علما بأن الولايات المتحدة والصين هما أكبر ملوثين فى العالم، لقى هذا الاتفاق ترحيب الدول والمجتمع المدنى المشارك فى القمة.
• ما حجم الانبعاثات الحرارية التى تصدرها مصر؟
ـ كمية الانبعاثات من غازات الاحتباس الحرارى فى مصر انخفضت من 0.71% عام 2009 إلى 0.63% فى 2011 من إجمالى انبعاثات العالم، ومن المعروف أن الدول الصناعية هى المسئول الأساسى عن انبعاثات الغازات الدفيئة وما ينتج عنها من ارتفاع درجة حرارة الأرض، فمثلا 25% من حجم هذه الانبعاثات فى العالم تأتى من الولايات المتحدة، ومثلها من أوروبا، مقابل 5% فقط تأتى من إفريقيا.
وفيما يتعلق بمصر، فقد أشارت الاستراتيجية المصرية الرسمية لوقف استخدام المواد المسببة لاستنفاد طبقة الأوزون فى القطاعات الصناعية والزراعية إلى خفض استخدام هذه المواد اعتبارا من أول يناير 2013، ليستمر الخفض تدريجيا ليصل إلى 35% فى أول يناير 2020، ثم 100% فى أول يناير 2030.
• معنى هذا أن موقف مصر جيد فى المجال البيئى بالنسبة للمستوى الدولى؟
ـ موقف مصر فى مجال الأداء البيئى ظهر فيه تحسن ملحوظ، حيث سجلت مصر 11.61 درجة، وحصلت على المرتبة الـ50 من إجمالى 178 دولة، خلال عامى 2013ــ2014، بعد أن كانت فى المرتبة الـ60 عام 2012، وذلك طبقا للتقرير الدولى لدليل الأداء البيئى الصادر عن مركز التشريعات والسياسات البيئية التابع لجامعة «يال» الأمريكية لعام 2014.
• هل من العدل أن تتساوى الدول النامية مع المتقدمة فى تعاهداتها بشأن خفض الانبعاثات الدفيئة؟
ـ طبقا لاتفاقية باريس تلتزم مصر، مثل غيرها من الدول النامية الموقعة على الاتفاقية، بالإبلاغ عن مساهمات محددة وطنيا كل خمس سنوات، تلتزم بها وتسعى من خلالها إلى اتخاذ تدابير لتخفيف الانبعاثات، ويكون التزام الدول المتقدمة بمساهمات تلتزم من خلالها بتحقيق أهداف مطلقة لخفض الانبعاثات، فمن الممكن للدول الموقعة على هذه الاتفاقية أن تعدل فى أى وقت مساهمتها القائمة المحددة وطنيا، بهدف رفع مستوى الطموح فيها، وفقا لإرشادات مؤتمر الاطراف الموقعة على الاتفاقية.
والاتفاقية فرقت بين مساهمات الدول المتقدمة ومساهمات الدول النامية، حيث ألزمت الدول المتقدمة بتقديم مساهمات تحتوى على أهداف محددة لخفض الانبعاثات، بينما ألزمت الدول النامية بتقديم مساهمات من شأنها اتخاذ تدابير لتخفيف الانبعاثات فقط، على أن يتم مراجعة المساهمات فى عام 2018، تمهيدا للدخول فى حيز التنفيذ عام 2020، وقد تم وضع آلية مراجعة كل خمس سنوات للتعهدات الوطنية التى ستبقى اختيارية، وستجرى أول مراجعة إجبارية لاتفاق باريس عام 2025، أى بعد خمس سنوات من بدء التنفيذ الفعلى للاتفاقية.
• إذن، أنت تتفق مع هذا البند فى الاتفاقية؟
ـ نعم، لا أرى فى ذلك أى مانع، طالما ستتقدم كل الدول الموقعة على الاتفاقية بمساهمات وطنية تتفق مع نصيبها من حجم الانبعاثات الحرارية والغازات الدفيئة، ومع إمكانياتها التمويلية.
• هل ستحصل مصر على أى مساعدات مالية باعتبارها من الدول التى ستتأثر سلبيا من التغير المناخى لتمويل انتقالها للطاقة النظيفة؟
ـ نصت المادة التاسعة من الاتفاقية على أن تقدم البلدان المتقدمة موارد مالية لمساعدة البلدان النامية فى والتكيف مع آثار التغيرات المناخية، وأن تواصل الدول المتقدمة ريادتها فى تقديم مساعدات للدول الأخرى، علما بأن الاتفاقية لم تتضمن تحديدا واضحا لحجم وكم المساعدات المالية المقدمة، وماهى الدول التى سوف تقوم بتقديمها؟ وما هى حصة كل منها؟ ولمن سوف تقدم؟ وماهى حصة كل دولة من الدول النامية المعرضة لخطر، وتبعات التغيرات المناخية من هذه المساعدات المالية، كما أنه قد ربط حجم التمويل المناخى المبهم أساسا بشىء أكثر إبهاما وهو «أن يتجاوز التمويل المناخى الجهود المبذولة سابقا».
ومن الجدير بالذكر أن الدول الغنية تعهدت عام 2009 بتقديم 100 مليار دولار سنويا، بداية من 2020، لمساعدة الدول النامية على تمويل انتقالها إلى الطاقات النظيفة، لتتلاءم مع انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحرارى، وقد سجلت نقاشات المؤتمر بناء على طلب الدول النامية، أن مبلغ المئة مليار دولار ليس سوى حد أدنى، وسيتم اقتراح هدف جديد وأعلى عام 2025، إلا أن النقاشات أظهرت رفض الدول المتقدمة أن تدفع وحدها المساعدات المقترحة، وتطالب دول أخرى مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة والدول النفطية الغنية، بأن تساهم فى ذلك، لذلك نص الاتفاق على «وجوب أن تقدم الدول المتقدمة موارد مالية لمساعدة الدول النامية»، وأضاف «نشجع باقى الأطراف (دول أو منظمات تشمل مجموعة دول) على تقديم الدعم على أساس طوعى.
• هل فى استطاعة مصر التقليل من الاعتماد على الوقود التقليدى، وزيادة استخدامها للطاقة المتجددة تنفيذا لاتفاقية باريس؟
ـ يمثل البترول والغاز الطبيعى المصدرين الأساسين للطاقة فى مصر حتى وقتنا الحالى، وتبلغ نسبة الاعتماد عليهما نحو 95% من إجمالى احتياجات مصر من الطاقة، ورغم امتلاك مصر لاحتياطات من هذه المصادر، إلا أنه نظرا لتنامى استخدامها وارتفاع تكلفة استخراجها، فإن مصر سوف تواجه عجزا فى تغطية احتياجاتها، وستظل مستوردا دائما للبترول والغاز خلال السنوات العشر المقبلة، وهذا الوضع سيمثل تحديا إضافيا للاقتصاد المصرى، حيث يصبح معرضا للاضطرابات السعرية فى أسواق الطاقة العالمية، والتى لا يمكن توقعها أو السيطرة عليها، بالإضافة إلى ما يمثله ذلك من استنزاف لموارد مصر من النقد الاجنبى، والتأثير على ميزان التجارة، وخفض القدرة التنافسية للاقتصاد الوطنى، وبالتالى كان لابد من إعادة النظر فى تنويع مصادر الطاقة بما يحقق تعظيم الاستفادة من الموارد المحلية، والتى تتمتع بصفة الاستدامة والاستقرار فى الأسعار، وهى سمات تمتاز بها مشروعات إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة (الطاقة الشمسة والرياح والماء)، أخذا فى الاعتبار ثراء مصر من هذه الموارد.
وتستهدف مصر، وفقا لاستراتيجية الطاقة، تحقيق 20% للطاقة المتجددة من إجمالى الطاقة الكهربائية المنتجة بحلول 2020 وزيادتها لنحو 25% عام 2030، ويتفق ذلك مع خطط الدولة لخفض الانبعاثات، وتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية من مصادر الطاقة المتجددة لتخفيف العبء عن الموارد البترولية والغاز، بالإضافة إلى انتاج الكهرباء من الطاقة النووية من محطة الضبعة عام 2024.
• كيف ترى توجه مصر نحو انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية؟
ـ تتمثل القدرات المستهدفة لإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة بنحو 4300 ميجاوات، موزعة بين 2300 ميجاوات من الطاقة الشمسية، و2000 ميجاوات من الرياح وفقا للتصريحات الرسمية، ويعزز هذا الانخفاض المضطرد فى تكلفة انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، حيث انخفضت من 359 دولارا لكل ميجاوات/ ساعة عام 2009، إلى 79 دولارا عام 2014، أى بنسبة 78% فى خمس سنوات، كما أنها من أنظف مصادر الطاقة، وتعتمد على مصدر محلى متوافر بصورة مجانية.
وأرى أن التوجه إلى إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية يعزز الاكتفاء الذاتى، ويمنع التبعية للدول المصدرة للنفط، كما أنها تحد وتخفض بصورة كبيرة من تكلفة نقل الوقود إلى محطات التوليد ثم نقل الكهرباء المتولدة من مناطق الانتاج إلى مناطق الاستهلاك، فأشعة الشمس التى تغطى البيت تكفى لسد حاجته الاستهلاكية من الطاقة، أضف إلى ذلك العديد من الاستخدامات الأخرى المهمة للطاقة الشمسية، مثل تحلية مياه البحر وتدفئة البيوت وإنارتها وطهى الطعام.

رئيس المنتدى المصرى للتنمية المستدامة: حذرنا من خطر التغيرات المناخية القادم فاعتبرونا مجانين

دأ الدكتور عماد الدين عدلى اهتمامه بالبيئة منذ أن كان طالبًا فى كلية الطب جامعة القاهرة، ليؤسس مع زملائه المكتب العربى للشباب والتنمية عام 1978، برعاية الدكتور محمد القصاص «أبو البيئة» ــ رحمه الله، وشارك بالتعاون مع منظمة اليونسكو، فى مشروع التثقيف البيئى للشباب بخمس محافظات، وكان من ثماره إنشاء جهاز شئون البيئة، وإدارات حماية البيئة بالمحافظات، وتحضير مسودة قانون البيئة، وإدخال مفهوم البيئة فى المناهج الدراسية على حسب قوله.
وفى عام 1990 نظم المكتب العربى أول نشاط له عن التغيرات المناخية فى مصر، ويتبع هذا المكتب عدة جهات غير حكومية، ومنها المنتدى المصرى للتنمية المستدامة الذى يحتفل فى شهر يونيه بمرور أربع سنوات على إنشائه، عن ذلك يقول عدلى: «تم اتهامنا وقتها بأننا مجموعة من المجانين ونتكلم عن خزعبلات لن تحدث»، لكن هذا لم يؤثر على مواصلة اهتمامه بالتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية التى ضربت مصر مؤخرًا، من سيول وارتفاع فى درجات الحرارة، ونزوح الأهالى، وجفاف بعض الأراضى الزراعية بقرى الخريجين المستصلحة زراعيًا، بمنطقة بنجر السكر جنوب الساحل الشمالى بالقرب من النوبارية.
عدلى شارك كممثل للمجتمع المدنى فى مؤتمر باريس للتغيرات المناخية الذى عقد فى ديسمبر الماضى، يقول: «عرضت مشكلة قرى الخريجين لأنها أصبحت تواجه تداعيات التغيرات المناخية، حيث بدأت تعانى من الجفاف رغم انتاجيتها العالية»، مضيفًا «يجب ألا ننسى فى اطار مشروع الرئيس عبدالفتاح السيسى لزراعة مليون ونصف مليون فدان، الأراضى القديمة وضرورة حمايتها من الجفاف والتعديات».
وأشار عدلى إلى أن المنتدى استطاع بالتعاون مع الحكومة، فى حل جزء من مشكلة الجفاف الذى تعرضت له قرية بنجر السكر، موضحًا أنه تم تشكيل لجنة وزارية، أثمرت قراراتها فى عام 2014 عن فصل خط المياه، الذى تعتمد عليه القرية فى رى الأراضى الزراعية من نهر النيل، عن قرى الساحل الشمالى السياحية ومارينا، حيث أصبحت القرى الأخيرة تعتمد على تحلية المياه.
تتعرض مصر ودول منابع النيل لأكثر من مشكلة نتيجة التغيرات المناخية، أبرزها قلة المياه والجفاف، ويرى عدلى أن توقيع مصر على اتفاقية التغيرات المناخية كان ضروريًا، لمواجهة ظاهرة الاحترار العالى، حتى لو كان حجم انبعاثاتنا من غاز ثانى أكسيد الكربون قليلا، لأنها ستكون من أكثر المتضررين فى حالة ارتفاع درجة حرارة الأرض، حيث ستتعرض الدلتا للغرق، ومن المصلحة المشتركة أن يعمل الجميع على تقليل انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون، لذلك اتفقت دول العالم فى مؤتمر باريس على تقليل درجة حرارة الأرض 2 درجة مئوية فى حدود عام 2100، وإلا لزادت درجة حرارة الأرض لـ4.5 درجة، مما يزيد من مخاطر التغيرات المناخية.
«لكن أسهل شىء هو التوقيع على الاتفاقية»، يضيف عدلى مستدركًا «لكن يجب أن يتبع ذلك عدة خطوات تضمن أن تكون جميع مؤسساتنا على وعى بالالتزامات البيئية الواجبة، ومنها التخفيف من الانبعاثات بالتقليل من استخدام الوقود الأحفورى من فحم وبترول وغاز وزيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة، والتكيف مع التغيرات المناخية بإنشاء مشروعات تحمى شواطئنا من الغرق، مع حسن الترشيد فى إدارة المياه خصوصا مع التخوفات المحتملة من السد الإثيوبى على نقص حصتنا من نهر النيل».
ويرى عدلى أنه لا تعارض مع خطط التنمية فى مصر وبين التوقيع على التزامات اتفاقية باريس بتقليل استخدام الوقود التقليدى، قائلًا: «مصر لديها مشكلة نقص طاقة، وتتعرض لمشكلة انقطاع الكهرباء، ونعانى من التلوث فى الجو، مع وجود زيادة مستمرة فى السكان بمعدل 2 مليون طفل سنويًا، وإذا التزمت مصر بتقليل استهلاكها للطاقة التقليدية، مع زيادة الاعتماد على مشروعات الطاقة الشمسية، وفقًا لبرنامج قومى للطاقة سيؤدى هذا إلى المضى قدمًا فى خطط التنمية، بشرط تخصيص مايسترو لتنظيم تلك الجهود فى كل قطاعات الدولة».
والمايسترو بحسب عدلى يجب أن يكون موجودًا فى ستة أماكن فى الدولة، بداية من رئيس الدولة، بحيث تتوافق مشروعاته الكبرى مع التزامات اتفاقية باريس، مرورًا بمجلس الوزراء، والمجلس الأعلى للتخطيط والاستدامة، لفحص أى مشروع قبل تطبيقه، ثم مجلس الشعب ليتأكد من عدم معارضة أى قانون للاتفاقية، ثم المجتمع المدنى، والإعلام، وضرب مثالًا بقرار مصر استيراد الفحم، لحل أزمة الطاقة قائلا: «ليس معقولًا أن نصبح دولة «فحمجية» فى الوقت الذى يتخلص فيه العالم من الفحم، فصانع القرار لم يضع استراتيجية له، وأتخوف من زيادة الاعتماد عليه، بحيث يتعارض مع اتفاقية باريس.
وحول الدعم الذى طالبت به مصر لمساعدة الدول النامية على مواجهة التغيرات المناخية، قال عدلى: «يجب أن نضع فى الاعتبار أن هذا الدعم عبارة عن منح مؤقتة، فلا يعقل أن تعتمد الحكومة على الدعم الخارجى لحماية سواحلها من الغرق دون بذل أى مجهود وطنى فى سبيل ذلك، فلو انتظرنا الدعم سنغرق بالفعل، والأمن الغذائى سيختل، وسيكون المواطن المصرى أول المتضررين»، وتابع «من الأفضل أن تسعى مصر أولًا لبذل كل جهودها مع دعوة الجهات الخارجية الداعمة لتقديم مساعدتها المادية متى تم توافرها»، علما بأن اتفاقية باريس لم تلزم الدول الأكثر انبعاثا للغازات الدفيئة على دفع تكلفة معينة للدول المتضررة.
وعن دور المجتمع المدنى حاليًا إزاء مواجهات آثار التغيرات المناخية، قال «نعمل على زيادة الوعى بين المواطنين للاهتمام بقضايا المناخ بما فيه صانع القرار، بشكل يجعله قادرًا على مواجهة التغيرات المناخية بمرونة»، مشيرًا إلى أن المواطن الإسكندرانى متابع جيد لحركات النوة والمطر، بعكس المواطن القاهرى، الذى لا يتابع نشرات الطقس، ولا يتمتع بالمرونة اللازمة لمواجهة موجات الحرارة الشديدة، مما زاد من عدد الوفيات الصيف الماضى بحسب قوله.
«اعتبرونا مجانين مما قلص من دورنا كمجتمع مدنى فى التوعية بالتغيرات المناخية» يقول عدلى، لافتًا إلى أنهم مستمرون فى التوعية عبر عقد لقاءات ومؤتمرات، لكى نضمن الاستدامة فى المشروعات الكبرى، مضيفًا «من المهم أن يدرك المسئول أهمية دور المجتمع المدنى حتى تتكامل الأدوار، ولا يجب أن ننسى أهمية التعليم والإعلام فى ذلك».