Wednesday, June 22, 2016

عشرينات ولاد البلد

وجدت بالمصادفة مقالة كنت نشرتها في 2008 في موقع ولاد البلد-عشرينات التابع لشبكة اسلام أون لاين بعنوان "أوائل الثانوية العامة الفقير يرفع ايده"

داليا العقاد - ولاد البلد - عشرينات 


رغم أننا اعتدنا طوال سنوات عمرنا على سماع الزغاريد ورؤية دموع الفرح تتساقط من أعين أوائل الثانوية العامة، إلا أن هذا العام جاء مختلفاً كثيراً.

جو الفقر والمرض الذي أصبح يحيط بالشعب المصري من كل الاتجاهات كان هو العامل المؤثر في عدم اكتمال فرحة الطلاب الأوائل، فقد ذابت دموع الفرح وسط أنهار من دموع الحزن، مما أضفى جواً من الكآبة لم نعتادها من قبل في موسم نتيجة الثانوية العامة كل عام، ولهذا يمكننا الآن أن نردد أغنية "الفقير يرفع إيده.. ييييي".

فقد أبكتنا الطالبة "هبة" الأولى على قسم (علمي علوم) وهي تخبئ دمعة سريعة سقطت من عينيها حزنا على حال والدها الذي يرقد في العناية المركزة، فهي لم تستطع سماع كلمة تهنئة من والدها بعد أن دخل في غيبوبة كبدية، فأسرتها لا تقدر على توفير الأموال اللازمة لسفره إلى الخارج وتحمل تكاليف زراعة كبد، مع أن أسرة "هبة" من الطبقة المتوسطة ووالدها يعمل استشاري بوزارة الصحة منذ أكثر من 15 عاما.

كما جعلنا الطالب "أحمد" الأول على الثانوية الخاصة بقسم المكفوفين أن نتجرع الألم مرة بعد مرة بسبب ظروفه الصعبة ليس لأنه من المكفوفين، ولكن لأنه فقد بصره بسبب جرعة زائدة من المخدر الطبي أثناء إجراء صغيرة أجراها مما تسبب في إصابته بالعجز، ولكن لأن والدته العائل الوحيد له عانت كثيرا معه ولم تبخل عليه بالحنان والدعم، رغم أن مصدر دخلها لا يتعدى الـ150 جنيه فشعر بالإحراج وهي تقص لنا معاناتها فبكى كأن عينيه تؤازرانه في محنته رغم ما بها من ضعف. 

أما الست وهيبة والدة "أحمد" فهي بحق مثال للأم المصرية المثالية، فهي فلاحة لا تقرأ ولا تكتب ولكنها شقت بأظافرها صخور الحياة ظهرت على ملامح وجهها - رغم صغر سنها - علامات تقدم السن كأن الدهر أبى أن تخرج من تحت يديه دون أن يترك عليها بصمته.

المدقق لمظاهر الفرح التي يحاول الشعب المصري أن يسرقها عنوة من بين مخالب حكومته الحالية، ستجد أنها قصيرة، سرعان ما سيتمكن كثيرون من انتزاعها من قلوب السعداء.

مصر تحت رحمة التغيرات المناخية



داليا العقاد 
نشر فى : السبت 18 يونيو 2016 - 10:33 ص | آخر تحديث : السبت 18 يونيو 2016 - 10:56 ص
تقلبات حادة فى الطقس وظواهر مناخية غير معتادة ضربت مصر خلال العام الماضى. فمن ارتفاعات غير مسبوقة لدرجات الحرارة، إلى سيول قوية، ومن عواصف ترابية غير معهودة إلى موجات برد ثلجية، لقى أكثر من 100 شخص حتفه، وأصيب المئات وتلفت أراض زراعية واسعة بسبب هذه الظواهر حتى وصل الأمر إلى غرق قرية بكاملها فى محافظة البحيرة تسمى عفونة، وإصابة أجزاء عديدة من محافظة الإسكندرية بالشلل التام، ومن المتوقع طبقا للتقارير الدولية، أن تزداد حدة التغيرات المناخية خلال الأعوام القادمة، ما لم يتكاتف العالم ويلتزم بتقليل الانبعاثات الحرارية حتى درجتين مئويتين.

التزاما بذلك وقعت مصر، فى إبريل من العام الحالى على اتفاق باريس لمواجهة التغيرات المناخية، حينما شارك وزير البيئة خالد فهمى، التوقيع مع عدة دول أخرى تمهيدا لتفعيلها لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحرارى فى العالم عام 2020، وبهذا التوقيع تكون مصر قد أعلنت التزامها الكامل بكل ما ورد بالاتفاقية من بنود، بهدف مواجهة التهديد الذى تشكله ظاهرة الاحتباس الحرارى.
من أجل فهم أكثر لبنود الاتفاقية ومعرفة التزامات مصر تجاهها، تحاورت «الشروق» مع الدكتور خالد حسن، الباحث فى التغيرات المناخية، والدكتور عماد عدلى رئيس المنتدى المصرى للتنمية المستدامة، والأخير حضر مؤتمر باريس فى ديسمبر الماضى كممثل للمجتمع المدنى فى مصر.
اقرأ أيضا: 

الباحث خالد حسن: اتفاق باريس يعزز دخول مصر عصر الطاقة الشمسية

 شر فى : السبت 18 يونيو 2016 - 10:36 ص | آخر تحديث : السبت 18 يونيو 2016 - 10:44 ص
• انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى مصر انخفضت من 0.71% عام 2009 إلى 0.63% فى 2011
• مصر تستهدف تحقيق 20% للطاقة المتجددة من إجمالى الطاقة الكهربائية المنتجة بحلول 2020.. وزيادتها لـ25% عام 2030

• ما أهم ملاحظاتك على اتفاقية باريس للتغيرات المناخية؟

ـ الاتفاق جاء بعد 6 سنوات على فشل مؤتمر كوبنهاجن، الذى عجز عن التوصل إلى اتفاق مشابه، ومن أهم الملاحظات الإبقاء على ارتفاع درجة الحرارة العالمية فى حدود أقل بكثير من درجتين مئويتين، «حيث إن المستهدف 1.5 درجة مئوية»، فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية، فى حين أنه لم يتم تحديد الفترة الزمنية المقصودة بهذه الحقبة الصناعية، أو درجات الحرارة التى كانت سائدة عندئذ، والتى تعتبر نقطة الانطلاق لقياس مدى النجاح أو التقدم فى تحقيق ذلك الهدف، وإدراج بند يوضح أن الاتفاق «لن يشكل قاعدة» لتحميل «المسئوليات أو المطالبة بتعويضات»، علما بأن الولايات المتحدة والصين هما أكبر ملوثين فى العالم، لقى هذا الاتفاق ترحيب الدول والمجتمع المدنى المشارك فى القمة.
• ما حجم الانبعاثات الحرارية التى تصدرها مصر؟
ـ كمية الانبعاثات من غازات الاحتباس الحرارى فى مصر انخفضت من 0.71% عام 2009 إلى 0.63% فى 2011 من إجمالى انبعاثات العالم، ومن المعروف أن الدول الصناعية هى المسئول الأساسى عن انبعاثات الغازات الدفيئة وما ينتج عنها من ارتفاع درجة حرارة الأرض، فمثلا 25% من حجم هذه الانبعاثات فى العالم تأتى من الولايات المتحدة، ومثلها من أوروبا، مقابل 5% فقط تأتى من إفريقيا.
وفيما يتعلق بمصر، فقد أشارت الاستراتيجية المصرية الرسمية لوقف استخدام المواد المسببة لاستنفاد طبقة الأوزون فى القطاعات الصناعية والزراعية إلى خفض استخدام هذه المواد اعتبارا من أول يناير 2013، ليستمر الخفض تدريجيا ليصل إلى 35% فى أول يناير 2020، ثم 100% فى أول يناير 2030.
• معنى هذا أن موقف مصر جيد فى المجال البيئى بالنسبة للمستوى الدولى؟
ـ موقف مصر فى مجال الأداء البيئى ظهر فيه تحسن ملحوظ، حيث سجلت مصر 11.61 درجة، وحصلت على المرتبة الـ50 من إجمالى 178 دولة، خلال عامى 2013ــ2014، بعد أن كانت فى المرتبة الـ60 عام 2012، وذلك طبقا للتقرير الدولى لدليل الأداء البيئى الصادر عن مركز التشريعات والسياسات البيئية التابع لجامعة «يال» الأمريكية لعام 2014.
• هل من العدل أن تتساوى الدول النامية مع المتقدمة فى تعاهداتها بشأن خفض الانبعاثات الدفيئة؟
ـ طبقا لاتفاقية باريس تلتزم مصر، مثل غيرها من الدول النامية الموقعة على الاتفاقية، بالإبلاغ عن مساهمات محددة وطنيا كل خمس سنوات، تلتزم بها وتسعى من خلالها إلى اتخاذ تدابير لتخفيف الانبعاثات، ويكون التزام الدول المتقدمة بمساهمات تلتزم من خلالها بتحقيق أهداف مطلقة لخفض الانبعاثات، فمن الممكن للدول الموقعة على هذه الاتفاقية أن تعدل فى أى وقت مساهمتها القائمة المحددة وطنيا، بهدف رفع مستوى الطموح فيها، وفقا لإرشادات مؤتمر الاطراف الموقعة على الاتفاقية.
والاتفاقية فرقت بين مساهمات الدول المتقدمة ومساهمات الدول النامية، حيث ألزمت الدول المتقدمة بتقديم مساهمات تحتوى على أهداف محددة لخفض الانبعاثات، بينما ألزمت الدول النامية بتقديم مساهمات من شأنها اتخاذ تدابير لتخفيف الانبعاثات فقط، على أن يتم مراجعة المساهمات فى عام 2018، تمهيدا للدخول فى حيز التنفيذ عام 2020، وقد تم وضع آلية مراجعة كل خمس سنوات للتعهدات الوطنية التى ستبقى اختيارية، وستجرى أول مراجعة إجبارية لاتفاق باريس عام 2025، أى بعد خمس سنوات من بدء التنفيذ الفعلى للاتفاقية.
• إذن، أنت تتفق مع هذا البند فى الاتفاقية؟
ـ نعم، لا أرى فى ذلك أى مانع، طالما ستتقدم كل الدول الموقعة على الاتفاقية بمساهمات وطنية تتفق مع نصيبها من حجم الانبعاثات الحرارية والغازات الدفيئة، ومع إمكانياتها التمويلية.
• هل ستحصل مصر على أى مساعدات مالية باعتبارها من الدول التى ستتأثر سلبيا من التغير المناخى لتمويل انتقالها للطاقة النظيفة؟
ـ نصت المادة التاسعة من الاتفاقية على أن تقدم البلدان المتقدمة موارد مالية لمساعدة البلدان النامية فى والتكيف مع آثار التغيرات المناخية، وأن تواصل الدول المتقدمة ريادتها فى تقديم مساعدات للدول الأخرى، علما بأن الاتفاقية لم تتضمن تحديدا واضحا لحجم وكم المساعدات المالية المقدمة، وماهى الدول التى سوف تقوم بتقديمها؟ وما هى حصة كل منها؟ ولمن سوف تقدم؟ وماهى حصة كل دولة من الدول النامية المعرضة لخطر، وتبعات التغيرات المناخية من هذه المساعدات المالية، كما أنه قد ربط حجم التمويل المناخى المبهم أساسا بشىء أكثر إبهاما وهو «أن يتجاوز التمويل المناخى الجهود المبذولة سابقا».
ومن الجدير بالذكر أن الدول الغنية تعهدت عام 2009 بتقديم 100 مليار دولار سنويا، بداية من 2020، لمساعدة الدول النامية على تمويل انتقالها إلى الطاقات النظيفة، لتتلاءم مع انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحرارى، وقد سجلت نقاشات المؤتمر بناء على طلب الدول النامية، أن مبلغ المئة مليار دولار ليس سوى حد أدنى، وسيتم اقتراح هدف جديد وأعلى عام 2025، إلا أن النقاشات أظهرت رفض الدول المتقدمة أن تدفع وحدها المساعدات المقترحة، وتطالب دول أخرى مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة والدول النفطية الغنية، بأن تساهم فى ذلك، لذلك نص الاتفاق على «وجوب أن تقدم الدول المتقدمة موارد مالية لمساعدة الدول النامية»، وأضاف «نشجع باقى الأطراف (دول أو منظمات تشمل مجموعة دول) على تقديم الدعم على أساس طوعى.
• هل فى استطاعة مصر التقليل من الاعتماد على الوقود التقليدى، وزيادة استخدامها للطاقة المتجددة تنفيذا لاتفاقية باريس؟
ـ يمثل البترول والغاز الطبيعى المصدرين الأساسين للطاقة فى مصر حتى وقتنا الحالى، وتبلغ نسبة الاعتماد عليهما نحو 95% من إجمالى احتياجات مصر من الطاقة، ورغم امتلاك مصر لاحتياطات من هذه المصادر، إلا أنه نظرا لتنامى استخدامها وارتفاع تكلفة استخراجها، فإن مصر سوف تواجه عجزا فى تغطية احتياجاتها، وستظل مستوردا دائما للبترول والغاز خلال السنوات العشر المقبلة، وهذا الوضع سيمثل تحديا إضافيا للاقتصاد المصرى، حيث يصبح معرضا للاضطرابات السعرية فى أسواق الطاقة العالمية، والتى لا يمكن توقعها أو السيطرة عليها، بالإضافة إلى ما يمثله ذلك من استنزاف لموارد مصر من النقد الاجنبى، والتأثير على ميزان التجارة، وخفض القدرة التنافسية للاقتصاد الوطنى، وبالتالى كان لابد من إعادة النظر فى تنويع مصادر الطاقة بما يحقق تعظيم الاستفادة من الموارد المحلية، والتى تتمتع بصفة الاستدامة والاستقرار فى الأسعار، وهى سمات تمتاز بها مشروعات إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة (الطاقة الشمسة والرياح والماء)، أخذا فى الاعتبار ثراء مصر من هذه الموارد.
وتستهدف مصر، وفقا لاستراتيجية الطاقة، تحقيق 20% للطاقة المتجددة من إجمالى الطاقة الكهربائية المنتجة بحلول 2020 وزيادتها لنحو 25% عام 2030، ويتفق ذلك مع خطط الدولة لخفض الانبعاثات، وتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية من مصادر الطاقة المتجددة لتخفيف العبء عن الموارد البترولية والغاز، بالإضافة إلى انتاج الكهرباء من الطاقة النووية من محطة الضبعة عام 2024.
• كيف ترى توجه مصر نحو انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية؟
ـ تتمثل القدرات المستهدفة لإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة بنحو 4300 ميجاوات، موزعة بين 2300 ميجاوات من الطاقة الشمسية، و2000 ميجاوات من الرياح وفقا للتصريحات الرسمية، ويعزز هذا الانخفاض المضطرد فى تكلفة انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، حيث انخفضت من 359 دولارا لكل ميجاوات/ ساعة عام 2009، إلى 79 دولارا عام 2014، أى بنسبة 78% فى خمس سنوات، كما أنها من أنظف مصادر الطاقة، وتعتمد على مصدر محلى متوافر بصورة مجانية.
وأرى أن التوجه إلى إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية يعزز الاكتفاء الذاتى، ويمنع التبعية للدول المصدرة للنفط، كما أنها تحد وتخفض بصورة كبيرة من تكلفة نقل الوقود إلى محطات التوليد ثم نقل الكهرباء المتولدة من مناطق الانتاج إلى مناطق الاستهلاك، فأشعة الشمس التى تغطى البيت تكفى لسد حاجته الاستهلاكية من الطاقة، أضف إلى ذلك العديد من الاستخدامات الأخرى المهمة للطاقة الشمسية، مثل تحلية مياه البحر وتدفئة البيوت وإنارتها وطهى الطعام.

رئيس المنتدى المصرى للتنمية المستدامة: حذرنا من خطر التغيرات المناخية القادم فاعتبرونا مجانين

دأ الدكتور عماد الدين عدلى اهتمامه بالبيئة منذ أن كان طالبًا فى كلية الطب جامعة القاهرة، ليؤسس مع زملائه المكتب العربى للشباب والتنمية عام 1978، برعاية الدكتور محمد القصاص «أبو البيئة» ــ رحمه الله، وشارك بالتعاون مع منظمة اليونسكو، فى مشروع التثقيف البيئى للشباب بخمس محافظات، وكان من ثماره إنشاء جهاز شئون البيئة، وإدارات حماية البيئة بالمحافظات، وتحضير مسودة قانون البيئة، وإدخال مفهوم البيئة فى المناهج الدراسية على حسب قوله.
وفى عام 1990 نظم المكتب العربى أول نشاط له عن التغيرات المناخية فى مصر، ويتبع هذا المكتب عدة جهات غير حكومية، ومنها المنتدى المصرى للتنمية المستدامة الذى يحتفل فى شهر يونيه بمرور أربع سنوات على إنشائه، عن ذلك يقول عدلى: «تم اتهامنا وقتها بأننا مجموعة من المجانين ونتكلم عن خزعبلات لن تحدث»، لكن هذا لم يؤثر على مواصلة اهتمامه بالتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية التى ضربت مصر مؤخرًا، من سيول وارتفاع فى درجات الحرارة، ونزوح الأهالى، وجفاف بعض الأراضى الزراعية بقرى الخريجين المستصلحة زراعيًا، بمنطقة بنجر السكر جنوب الساحل الشمالى بالقرب من النوبارية.
عدلى شارك كممثل للمجتمع المدنى فى مؤتمر باريس للتغيرات المناخية الذى عقد فى ديسمبر الماضى، يقول: «عرضت مشكلة قرى الخريجين لأنها أصبحت تواجه تداعيات التغيرات المناخية، حيث بدأت تعانى من الجفاف رغم انتاجيتها العالية»، مضيفًا «يجب ألا ننسى فى اطار مشروع الرئيس عبدالفتاح السيسى لزراعة مليون ونصف مليون فدان، الأراضى القديمة وضرورة حمايتها من الجفاف والتعديات».
وأشار عدلى إلى أن المنتدى استطاع بالتعاون مع الحكومة، فى حل جزء من مشكلة الجفاف الذى تعرضت له قرية بنجر السكر، موضحًا أنه تم تشكيل لجنة وزارية، أثمرت قراراتها فى عام 2014 عن فصل خط المياه، الذى تعتمد عليه القرية فى رى الأراضى الزراعية من نهر النيل، عن قرى الساحل الشمالى السياحية ومارينا، حيث أصبحت القرى الأخيرة تعتمد على تحلية المياه.
تتعرض مصر ودول منابع النيل لأكثر من مشكلة نتيجة التغيرات المناخية، أبرزها قلة المياه والجفاف، ويرى عدلى أن توقيع مصر على اتفاقية التغيرات المناخية كان ضروريًا، لمواجهة ظاهرة الاحترار العالى، حتى لو كان حجم انبعاثاتنا من غاز ثانى أكسيد الكربون قليلا، لأنها ستكون من أكثر المتضررين فى حالة ارتفاع درجة حرارة الأرض، حيث ستتعرض الدلتا للغرق، ومن المصلحة المشتركة أن يعمل الجميع على تقليل انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون، لذلك اتفقت دول العالم فى مؤتمر باريس على تقليل درجة حرارة الأرض 2 درجة مئوية فى حدود عام 2100، وإلا لزادت درجة حرارة الأرض لـ4.5 درجة، مما يزيد من مخاطر التغيرات المناخية.
«لكن أسهل شىء هو التوقيع على الاتفاقية»، يضيف عدلى مستدركًا «لكن يجب أن يتبع ذلك عدة خطوات تضمن أن تكون جميع مؤسساتنا على وعى بالالتزامات البيئية الواجبة، ومنها التخفيف من الانبعاثات بالتقليل من استخدام الوقود الأحفورى من فحم وبترول وغاز وزيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة، والتكيف مع التغيرات المناخية بإنشاء مشروعات تحمى شواطئنا من الغرق، مع حسن الترشيد فى إدارة المياه خصوصا مع التخوفات المحتملة من السد الإثيوبى على نقص حصتنا من نهر النيل».
ويرى عدلى أنه لا تعارض مع خطط التنمية فى مصر وبين التوقيع على التزامات اتفاقية باريس بتقليل استخدام الوقود التقليدى، قائلًا: «مصر لديها مشكلة نقص طاقة، وتتعرض لمشكلة انقطاع الكهرباء، ونعانى من التلوث فى الجو، مع وجود زيادة مستمرة فى السكان بمعدل 2 مليون طفل سنويًا، وإذا التزمت مصر بتقليل استهلاكها للطاقة التقليدية، مع زيادة الاعتماد على مشروعات الطاقة الشمسية، وفقًا لبرنامج قومى للطاقة سيؤدى هذا إلى المضى قدمًا فى خطط التنمية، بشرط تخصيص مايسترو لتنظيم تلك الجهود فى كل قطاعات الدولة».
والمايسترو بحسب عدلى يجب أن يكون موجودًا فى ستة أماكن فى الدولة، بداية من رئيس الدولة، بحيث تتوافق مشروعاته الكبرى مع التزامات اتفاقية باريس، مرورًا بمجلس الوزراء، والمجلس الأعلى للتخطيط والاستدامة، لفحص أى مشروع قبل تطبيقه، ثم مجلس الشعب ليتأكد من عدم معارضة أى قانون للاتفاقية، ثم المجتمع المدنى، والإعلام، وضرب مثالًا بقرار مصر استيراد الفحم، لحل أزمة الطاقة قائلا: «ليس معقولًا أن نصبح دولة «فحمجية» فى الوقت الذى يتخلص فيه العالم من الفحم، فصانع القرار لم يضع استراتيجية له، وأتخوف من زيادة الاعتماد عليه، بحيث يتعارض مع اتفاقية باريس.
وحول الدعم الذى طالبت به مصر لمساعدة الدول النامية على مواجهة التغيرات المناخية، قال عدلى: «يجب أن نضع فى الاعتبار أن هذا الدعم عبارة عن منح مؤقتة، فلا يعقل أن تعتمد الحكومة على الدعم الخارجى لحماية سواحلها من الغرق دون بذل أى مجهود وطنى فى سبيل ذلك، فلو انتظرنا الدعم سنغرق بالفعل، والأمن الغذائى سيختل، وسيكون المواطن المصرى أول المتضررين»، وتابع «من الأفضل أن تسعى مصر أولًا لبذل كل جهودها مع دعوة الجهات الخارجية الداعمة لتقديم مساعدتها المادية متى تم توافرها»، علما بأن اتفاقية باريس لم تلزم الدول الأكثر انبعاثا للغازات الدفيئة على دفع تكلفة معينة للدول المتضررة.
وعن دور المجتمع المدنى حاليًا إزاء مواجهات آثار التغيرات المناخية، قال «نعمل على زيادة الوعى بين المواطنين للاهتمام بقضايا المناخ بما فيه صانع القرار، بشكل يجعله قادرًا على مواجهة التغيرات المناخية بمرونة»، مشيرًا إلى أن المواطن الإسكندرانى متابع جيد لحركات النوة والمطر، بعكس المواطن القاهرى، الذى لا يتابع نشرات الطقس، ولا يتمتع بالمرونة اللازمة لمواجهة موجات الحرارة الشديدة، مما زاد من عدد الوفيات الصيف الماضى بحسب قوله.
«اعتبرونا مجانين مما قلص من دورنا كمجتمع مدنى فى التوعية بالتغيرات المناخية» يقول عدلى، لافتًا إلى أنهم مستمرون فى التوعية عبر عقد لقاءات ومؤتمرات، لكى نضمن الاستدامة فى المشروعات الكبرى، مضيفًا «من المهم أن يدرك المسئول أهمية دور المجتمع المدنى حتى تتكامل الأدوار، ولا يجب أن ننسى أهمية التعليم والإعلام فى ذلك».

Tuesday, May 10, 2016

الجسر السعودي كله مخاطر

«الجسر السعودى».. حلم محفوف بالمخاوف

6 كيلو المسافة بين جزيرة تيران وشرم الشيخ
6 كيلو المسافة بين جزيرة تيران وشرم الشيخ
تحقيق ــ داليا العقاد: نشر فى : الإثنين 9 مايو 2016 - 10:32 ص | آخر تحديث : الإثنين 9 مايو 2016 - 12:22 م

• الخبراء يختلفون حول تأثير المشروع على البيئة والسياحة
• رئيس غرفة الغوص يقترح استبدال الجسر بـ«نفق» ويطالب بدراسة تأثر مطار شرم الشيخ.. ووزير النقل: تكلفة النفق أعلى
• هيثم العوضي: المشروع يمثل «تحديًا هندسيًا» ولابد من دراسته جيدًا
• ناصر تركي: المملكة تهتم بالنواحي الأمنية في تأمين الرحلات البرية عبر الطرق الصحراوية


كانت العلاقات السياسية بين مصر والسعودية، على مدى سنوات عديدة، دعامة أساسية ارتكزت عليها فكرة إنشاء جسر يربط بين البلدين عبر جزيرة تيران بالبحر الأحمر.

الفكرة طرحت عام 1988، وأعيد النظر فيها خلال عامى 2006 و2012، ليتم إحياؤها خلال زيارة الملك السعودى سلمان بن عبدالعزيز لمصر مطلع إبريل الماضى، غير أنه لوحظ أن الترحيب السياسى كان أكثر حضورا من النقاش العلمى حول فائدة الجسر.

الملك السعودى قال فى تصريحاته حول الجسر، إن «هذه الخطوة التاريخية المتمثلة فى الربط البرى بين قارتى آسيا وأفريقيا، تعد نقلة نوعية ذات فوائد عظمى، حيث سترفع التبادل التجارى بين القارات إلى مستويات غير مسبوقة، وتدعم صادرات البلدين إلى العالم، كما سيشكل الجسر منفذا دوليا للمشاريع الواعدة فى البلدين، ومعبرا أساسيا للمسافرين من حجاج ومعتمرين وسياح، إضافة إلى فرص العمل التى سيوفرها الجسر لأبناء المنطقة».

بعد انتهاء زيارة سالمان لمصر، أبدى بعض الخبراء المصريين تخوفا شديدا من تأثير هذا الجسر على تغيير هوية مدينة شرم الشيخ السياحية، التى تستحوذ على 40% من السياحة فى مصر، والتأثير السلبى على الشعب المرجانية، فضلا عن طرح تساؤل هندسى حول إمكانية تنفيذه، والبدائل التى يمكن طرحها بديلا عنه.. «الشروق» فتحت هذا الملف مع عدد من الخبراء، الذين ناقشوا المسألة خلال السطور التالية..

• جسر أم نفق؟
«الأمور لا تدار بالأمنيات، ولكن بالعلم والخبرة»، يقول الدكتور هيثم عوض رئيس قسم هندسة الرى والهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، معلقا على مشروع إنشاء جسر برى بين مصر والسعودية، واصفا الأمر بالتحدى الهندسى صعب التنفيذ حاليا: «لأن المسافة بين خطى الشاطئ الذى يربط شرم الشيخ بجزيرة تيران تبلغ 5709 أمتار، والقطاع العرضى يوضح أنه فى حالة إنشاء الدعامات، فإن البحر الصافى بين الدعامتين سيكون 3474 مترا، فى حين أن كوبرى (أكاشى كايكيو) باليابان، أكبر كوبرى معلق فى العالم، تبلغ المسافة بين الدعامتين 1991 مترا».
خريطة توضح المسافة بين شرم الشيخ وجدة والرياض


وحول الدراسات الاستشارية القديمة عن مشروع الجسر، يقول عوض: «كل هذا حبر على ورق، لأن تطبيق المشروع على أرض الواقع يحتاج إلى عمل دراسات بيئية، للتأكد من أن الجسر لن يدمر منطقة الشعاب المرجانية، فلا يمكن أن نقبل مثلا إنشاء كوبرى عند أهرامات الجيزة تحت دواعى التنمية الاقتصادية»، لافتا إلى ضرورة عمل مجسات لدراسة طبيعة القاع.

البديل الثانى الذى يقترحه عوض يتضمن عمل دراسات إنشاء نفق يربط بين مصر والسعودية، حيث يرى أن إمكانية تحقيقه، ترجع إلى أن منسوب أقل نقطة فى مضيق تيران 143.07 متر تقريبا تحت البحر، وفى حالة إنشاء النفق يجب أن يكون منخفضا عن منسوب هذا القاع بمسافة 50 مترا، مدللا على أن جزيرتى (هونشو وهوكايدو) فى اليابان بينهما نفق على عمق 240 مترا من سطح البحر، و100 متر أسفل قاع البحر واسم النفق (سايكن) وطوله 25 كم.

ويوضح عوض، أن الكوبرى والنفق اليابانيين أنفق عليهما ميزانيات ضخمة، كما أن مدة الإنشاء منذ بداية التصميم حتى التنفيذ قدرت بـ42 عاما لكل منهما، ويعتقد أن الحل العملى للربط التجارى السريع بين مصر والسعودية هو الربط البحرى عبر استخدام العبارات السريعة، بشرط عمل طريقين دوليين فى قلب سيناء من النقب لنويبع، وفى السعودية، وبذلك يتم تحقيق جدوى اقتصادية جيدة والمحافظة على الشعاب المرجانية والبيئة السياحية فى شرم الشيخ.

فى المقابل يرى الدكتور هانئ الهاشمى، أستاذ الخرسانة بكلية الهندسة جامعة القاهرة، أن إنشاء جسر معلق على مسافة كبيرة ليس به مشكلة هندسية ويمكن تنفيذه، وإن كان يحتاج لميزانية كبيرة، مشترطا عمل العديد من الدراسات البحرية لدراسة أفضل مسار للجسر هندسيا، ومدى تأثيره بيئيا على الشعاب المرجانية ومنطقة محميات جزيرتى صنافير وتيران، فضلا عن الدراسات الجيولوجية المطلوبة.

ودعا الهاشمى إلى الاستعانة بالمكاتب الاستشارية لكليات الهندسة فى الجامعات الحكومية، علاوة على باقى الكليات لعمل تلك الدراسات الاستراتيجية بدلا من الاعتماد على المكاتب الخاصة، مع الرجوع للدراسات القديمة المتوافرة عن المشروع، مضيفا: «أتمنى أن يتحول النقاش السياسى الدائر حاليا إلى نقاش علمى للمفاضلة بين إمكانية إنشاء جسر أو نفق للربط بين مصر والسعودية بعد عمل دراسة الجدوى للناحية الاقتصادية للمشروع»، وتابع: «خيار إنشاء النفق وارد جدا، ولا مجال للحديث عن العبارات فى هذا المشروع الاستراتيجى».

كان وزير النقل والمواصلات، الدكتور جلال السعيد، قال فى تصريحات صحفية، خلال اجتماعات المكتب التنفيذى لوزراء النقل العرب، إن هناك اقتراحا لإنشاء نفق بدلا من الجسر، وإن كان هذا الحل ليس هو الحل الأفضل من الناحية الاقتصادية، موضحا أن تكلفة حفر الأنفاق تفوق تكلفة إنشاء الكبارى، موضحا أنه فور الانتهاء من الدراسات الفنية للمشروع من الجانب المصرى، سيتم عرض نتائج الدراسات على الجانب السعودى وبدء المفاوضات معهم فى هذا الشأن.

• الجسر يتعارض مع قانون المحميات
على المستوى السياحى، أوضح هشام جبر، رئيس مجلس إدارة غرفة سياحة الغوص والأنشطة البحرية ورئيس جمعية سيناريف، أن مسارات الجسر الثلاثة التى أعلن عنها مهندس المشروع، الدكتور إبراهيم الدميرى، ستعمل على تدمير الشعب المرجانية، والقضاء على مراكز الغوص الموجود أغلبها بحذاء الساحل وبعضها فى مضيق تيران، مشيرا إلى أن إحداثيات محمية تيران تتعارض مع مسارات الجسر المقترحة، بما يعنى خرق القانون رقم 102 لسنة 1983، الذى يحظر «القيام بأعمال أو تصرفات أو أنشطة أو إجراءات من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية أو المساس بمستواها الجمالى بمنطقة المحمية».

ناصر تركي - هشام جبر - هيثم عوض

وأضاف جبر لـ«الشروق»، أن تصريحات الدميرى حول عدم تأثير مسارات الجسر على الشعاب المرجانية تدل على أنه لم يطلع على إحداثيات نطاق محمية تيران وصنافير، كما أن توقعاته بتحقيق التنمية فى سيناء بعد إنشاء الجسر تحتاج إلى إعادة نظر، لأن المنطقة من شرم إلى نويبع ذات طابع خاص لوجود محميات صحراوية بها، ويقبل عليها السائحون، قائلا:«التنمية المطلوبة هنا هى تنمية سياحية بيئية، ولا نريد تحويلها لمناطق لوجيستيه تجارية»، وتابع: «غير مقبول من الدولة مخالفة قوانينها».

وذكر جبر أن الموارد الطبيعية التى تتمتع بها شرم الشيخ أدرت دخلا على الدولة المصرية وصل إلى 6 مليارات دولار من السياحة فى عام 2010، وتستحوذ على نسبة 40% من السياحة فى مصر، وفقا لإحصائيات وزارة السياحة، فكانت عامل جذب لإنشاء نحو 170 فندقا، وأكثر من 59 ألف غرفة فندقية ومثلهم تحت الإنشاء، و110 مراكز غوص، مشيرا إلى أن منطقة تيران ورأس محمد تعدان من أفضل مناطق الغوص فى العالم، وأكثر منطقة يقبل عليها السائحون، قائلا: «أتوقع أن ينتهى الطابع السياحى لشرم الشيخ لو تم إنشاء الجسر وستتحول إلى منطقة لوجيستيه وتجارية».

• أكثر من 1000 كيلومتر برى بين مصر والسعودية
ويقترح جبر عدة بدائل للجسر، منها إنشاء نفق لنقل خطوط أنابيب البترول والغاز، ورصيف ميناء لعبارات سريعة فى منطقة ميناء نويبع حتى رأس سويحل الصغير وبير الماشى بخليج العقبة، تستطيع نقل أفراد وشاحنات خلال 20 دقيقة لأن المسافة لا تتجاوز 10 أميال بحرية، وتستطيع أن تحمل نحو 300 شاحنة فى الرحلة الواحدة، وعمل خمس رحلات فى اليوم، بمعدل نحو 1500 شاحنة لكل عبارة يوميا، وبالنسبة للركاب يمكن نقل نحو 1000 راكب خلال خمس رحلات، بمعدل 5000 يوميا فى حالة استخدام عبارة واحدة.

يكمل: «فى حين أن المسافة التى تم احتسابها بواسطة فريق عمل جمعية سيناريف، بين مدينة شرم حيث الجسر الافتراضى لمدينة الرياض، بلغت 1572، والمسافة بين الجسر لجدة تبلغ 1051».

ويطالب جبر خبراء الطيران المدنى بدراسة مدى تأثير الجسر على مطار شرم الشيخ، خصوصا أن مسارات الجسر تقترب من منطقة المطار كما هو موضح بالخريطة التى قام بها فريق عمل جمعية سيناريف، فالخريطة التى تم إعدادها بالأقمار الصناعية توضح أن مسارات الجسر تتعارض مع توسعات مطار شرم الشيخ.
خريطة بالأقمار الصناعية عن تأثير الجسر على مطار شرم الشيخ


• الحجاج لا يفضلون الطرق البرية
وعلى مستوى السياحة الدينية نفى ناصر تركى، أمين الصندوق فى اتحاد الغرف السياحية ورئيس لجنة السياحة العربية، ما تردد عن أن تكلفة مشروع الجسر يمكن استردادها خلال عشر سنوات عن طريق رسوم عبور الحجاج والمعتمرين والسياح والعاملين فى دول الخليج، قائلا: «الدراسات المالية يمكن أن تثبت فائدة الجسر تجاريا، ولكن الحديث عن أن الجسر سيجذب السياح العرب من دول الخليج أمر مشكوك فيه لبعد المسافة بريا لأكثر من ألف كيلو متر، فضلا عن وجود احتمالات كبيرة لأن يدمر هذا الجسر أماكن الغوص، والمحميات التى يقبل عليها السائح».

وينطبق الأمر على العاملين فى دول الخليج، بحسب تركى، موضحا أنهم يفضلون استخدام الطيران الرخيص فى رحلات الذهاب والعودة، بدلا من العبارات السريعة بين ميناءى سفاجا/ الغردقة وضبا السعودى، أما المعتمرين والحجاج فهذا الأمر تحدده المملكة السعودية وليس مصر.

وقال تركى، رئيس غرفة السياحة الدينية سابقا: «المملكة تهتم بالنواحى الأمنية التى من شأنها تأمين رحلاتهم بريا عبر الأراضى الصحراوية التى سيمرون عليها».

ويشكو تركى تجاهل الحكومة للتحاور مع أهل السياحة، فى موضوع الجسر، متسائلا: «لماذا لم يؤخذ برأى اتحاد الغرف السياحية قبل الاتفاق المصرى مع المملكة حوله؟ وتابع: «نستعد لرفع تقرير إلى الحكومة عن طريق وزارة السياحة، للتأكيد على أن هوية مدينة شرم الشيخ السياحية ستتأثر بالسلب من جراء المشروع».

• البيئة آخر من يعلم
حتى الآن لا توجد دراسة بيئية عن الجسر، ووفقا للبيلى حطب رئيس قطاع المكتب الفنى لقطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة، فإن دور الوزارة يكمن فى مراجعة وتقييم دراسات الأثر البيئى للمشروع بعد تقديمه من قبل الشركات الدولية المقرر تنفيذها للمشروع، قائلا: «لم تستلم الوزارة أى دراسة بهذا الشأن حتى نعرف مدى تأثيره على المحميات والشعاب المرجانية، ولكى نحكم برفض أو قبول المشروع».
 
 
 
 

مبانى الحكومة لا تفرق بين أيام الإجازة والعمل فى استهلاك الكهرباء



كتبت ــ داليا العقاد: نشر فى : الإثنين 12 أكتوبر 2015 - 9:31 ص | آخر تحديث : الإثنين 12 أكتوبر 2015 - 12:01 م
• خبير بالأمم المتحدة: موظفو الحكومة أعلى شريحة تستهلك الكهرباء.. ويكلفون الدولة مليار جنيه سنويًا
• الحكومة والأمم المتحدة يطلقان حملة «وطى الوات» لتوفير الطاقة... بعد فشل التوعية فى التليفزيون الحكومى
• تنفيذ 16 مشروعًا لتحسين كفاءة نظم الإضاءة باستخدام تكنولوجيا الليد.. وخطة لاستخدام الطاقة الشمسية فى تقليل الانبعاثات
• أستاذ بجامعة الإسكندرية: استخدام طاقة غير صديقة للبيئة يرفع تداعيات الاحتباس الحرارى.. وربع مساحة الدلتا مهدد بالغرق
كشفت دراسة ــ أجراها مشروع تحسين كفاءة الطاقة للإضاءة والأجهزة المنزلية التابع لوزارة الكهرباء والطاقة ــ عن أن المبانى الحكومية لا تفرق بين يوم الإجازة ويوم العمل فى استهلاك الكهرباء، ما يشير إلى وجود هدر كبير فى حجم الطاقة بالقطاعات الحكومية المصربة، ما يتسبب فى زيادة انبعاثات حرارية لا ضرورة لها، حسب ما أكده الخبير فى البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، ومدير المشروع، الدكتور إبراهيم ياسين.
وقال ياسين لـ«الشروق» إن المشروع اعتمد على قاعدة بيانات شركة توزيع الكهرباء، لعمل حصر بأحمال الإضاءة فى بعض المبانى والمنشآت الحكومية وغير الحكومية، بهدف إشراك تلك الجهات فى مشروعات ترشيد الطاقة، كجزء من الحلول المحلية لمواجهة التأثيرات الضارة للتغيرات المناخية.
وأوضح ياسين أن قطاع الكهرباء يتحمل 20% من نسبة الانبعاثات الدفيئة، ويحقق القطاع الحكومى أعلى نسبة فى استهلاك الكهرباء، وهو ما يكلفها نحو مليار جنيه سنويا، مشيرا إلى أن هناك مفاهيم خاطئة لدى الموظفين فى التعامل مع الإضاءة وأجهزة التكييف، يترتب عليها زيادة الاستهلاك، حيث يضبط بعضهم درجة حرارة التكييف على 17°، ما يزيد من استهلاك الكهرباء بمعدل من 3 إلى 6%.
وأضاف: « تم تنفيذ 16 مشروعا استرشاديا لتحسين كفاءة نظم الإضاءة، من خلال استخدام تكنولوجيا الليد LED بدلا من لمبات الإنارة الفلوروسنت ــ النيون ــ فى بعض المبانى الحكومية والتجارية والصناعية والأهلية، بمساهمة برنامج الأمم المتحدة الإنمائى».
وعن التحديات التى تواجه التنفيذ، يؤكد ياسين أن البيروقراطية داخل بعض الجهات الحكومية تقف عائقا أمام التقدم، حيث عليك أن تبدأ من مرحلة إقناع المسئولين بالمشروع حتى مرحلة الانتهاء منه، حيث يصعب الاعتماد على فواتير الكهرباء لتسجيل الزيادة أو النقص فى الاستهلاك لعدم دقتها فى بعض الأحيان، وواصل: «هناك شائعات غير صحيحة عن خطورة اللمبة الموفرة، وادعاء أنها تحتوى على مواد سامة، على الرغم من عدم ثبوت ذلك علميا».
وتابع: «على الرغم مع أن وزارة الكهرباء طرف فى المشروع إلا أننا فشلنا فى تنظيم حملة إعلانية فى التليفزيون الحكومى لتصحيح هذه الصورة، نظرا لضخامة تكلفتها، لذلك نستمر فى حملة توعية تسمى «وطى الوات» على مواقع التواصل الاجتماعى وفى الشوارع».
ويقول مدير الحملة، المهندس هشام عميرة، إن وزارة الكهرباء دربت طلابا جامعيين تلقوا محاضرات عن ترشيد الطاقة، واختارتهم للانتشار فى النوادى والشوارع والمحلات التجارية ووسائل المواصلات، بهدف إقناع المواطنين بأن ترشيد الطاقة اليوم هو السبيل للمحافظة عليها غدا، لافتا إلى أن أن مشتركى القطاع المنزلى بلغوا 22 مليون شخص، وأن توعيتهم سيكون لها أثرا ملحوظا فى خفض الاستهلاك وتقليل الانبعاثات الحرارية.
وضمت إرشادات الحملة لخفض الطاقة، اختيار الأجهزة الكهربائية التى تحمل ملصق بطاقة كفاءة، واختيار الأجهزة ذات السهم الأخضر، لأنها أعلى كفاءة وأقل فى استخدام الكهرباء، مع عدم إضاءة الأنوار صباحا، واستخدام لمبات الليد، وفصل الأجهزة الكهربائية من «الفيشة» بعد استخدامها حيث يوفر ذلك 10% من استهلاك الجهاز، والتأكد من غلق الستائر عند تشغيل التكييف، ما يوفر بدوره 10 إلى 20% من استهلاك الجهاز، فضلا عن عدم الغسل أو الكوى خلال فترة الذروة من الساعة 6 إلى 11 مساء.
وفى سياق متصل، أرجع أستاذ الدراسات البيئية بجامعة الإسكندرية، الدكتور على الراعى، وفاة أكثر من 100 شخص خلال الارتفاع غير المسبوق فى درجات الحرارة هذا الصيف، إلى ظاهرة الاحتباس الحرارى الناتجة عن زيادة معدلات ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى وغيرها من الغازات، بسبب تنامى الأنشطة الصناعية التى تركز بصفة أساسية على استخدام مصادر للطاقة غير صديقة للبيئة مثل الفحم والبترول، محذرا من أن مصر مهددة بغرق نحو ربع مساحة الدلتا، حال ارتفاع مستوى سطح البحر الأبيض المتوسط بنحو 50 سنتيمترا بحلول عام 2050، إذا لم تسارع الحكومة بوضع حلول عملية لمواجهة هذه الظاهرة.
إبراهيم ياسين - محمد الراعي
وحصلت «الشروق» على نتائج تنفيذ المشروعات الـ16، حيث تشير الإحصائيات إلى استبدال 72.753 لمبة ليد LED، ما حقق وفرا فى الطاقة الكهربائية بلغ 9.791.627 كيلو وات فى الساعة، وهو ما ساهم بدوره فى قيمة وفر الطاقة السنوى التى بلغت 5.564.310 جنيه سنويا.
ومن أهم الجهات الحكومية المتعاونة مع المشروع شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، وهيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، ومبنى هيئة المجتمعات العمرانية، وهيئة الرقابة الإدارية، والهيئة العامة للمواصفات والجودة، ومكتبة الإسكندرية.
وحققت مكتبة الإسكندرية أعلى نسبة وفر فى الإضاءة بلغت 80%، وفى السياق قال نائب مدير جامعة الإسكندرية، الدكتور صلاح سليمان، إنه تم استبدال 1.753 لمبة موفرة، بما يحقق وفر سنوى فى الطاقة يبلغ 229.520 كيلو وات فى الساعة، لتصبح قيمة الوفر فى الطاقة 119.307 جنيه سنويا، مشيرا إلى أنهم وفروا نحو 20% من نسبة فواتير الكهرباء التى كانت تدفع على أجهزة التكيف أيضا، وأردف: «نمضى قدما فى مشروع وضع خلايا شمسية لاستخدامها فى الإضاءة، لتقليل الانبعاثات، خاصة أن الإسكندرية من أكثر المحافظات تأثرا بالتغيرات المناخية الضارة».
واستفادت نقابة المهندسين كأول نقابة مهنية أهلية من المشروع، حيث وقعت البرتوكول فى يونيو 2014، بهدف تحقيق نسبة وفر فى الإضاءة تبلغ 66%، وخصص لذلك 134 ألف جنيه مناصفة بين النقابة والمشروع، وعلى الرغم من تعرض النقابة لتحديات عديدة، شملت طول مدة الإجراءات الإدارية، وصعوبة إقناع الموظفين غير الراغبين فى استخدام اللمبات الموفرة تحت دعوى ضعف الإنارة، فضلا عن الخوف آثارها الجانبية، أكد رئيس شعبة الكهرباء بالنقابة، فاروق الحكيم، الانتهاء من 90% من المشروع، مشيرا إلى أن «المهندسين» أصبحت بيت خبرة فى إعداد دراسات خفض استهلاك الكهرباء، داعيا النقابات الأخرى للاستفادة من هذا المشروع.
كان مشروع تحسين كفاءة الطاقة بدأ عام 2000، بتمويل قدرة 10 مليون دولار على مرحلتين، وهو أحد ثمار التعاون بين وزارة الكهرباء والطاقة، والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، ومرفق البيئة العالمىGEF، وهو جزء من استراتيجية الوزارة فى تخفيض تكاليف إنشاء محطات التوليد الجديدة لتغطية الطلب المتزايد على الطاقة، وتقليل الانبعاثات الدفيئة، مع ضمان كفاءة الطاقة، والحفاظ على حق الأجيال القادمة فى الحصول على طاقة وفيرة.

Tuesday, April 19, 2016

عاشق التحف و جرائم سرقة الأثار الإسلامية





عاشق التحف يروى لـ«الشروق» جرائم سرقة الآثار الإسلامية بالقاهرة



نشر فى : الجمعة 15 أبريل 2016 - 10:32 ص | آخر تحديث : الجمعة 15 أبريل 2016 - 10:32 ص

الدكتور محمد الباز عضو اللجنة العليا لتحكيم السجاد: شركة آيس كريم استولت على قبة الأشرف خليل بن قلاون
هيكل خشبى ما تبقى من حامل المصحف فى مسجد قايتباى
مقبرة الملك فؤاد وضريح الخديو توفيق تعرضا للسرقة دون معرفة نتيجة التحقيق
أطباق ملكية مهشمة فى مخزن قصر محمد على بالمنيل ومشكاة لم تكن مدرجة فى الآثار
إزالة اسم النبى محمد من مسجد سليمان الخادم بالقلعة بعد ترميمه بمعرفة طائفة البهرة الشيعية
قبة شويكار بقرافة المماليك كانت فى حوزة رجل مسن حتى تم تسجيلها بالآثار هذا العام
الدكتور محمد الباز أستاذ غير متفرغ بكلية طب الأطفال بقصر العينى، محب وهاوٍ وقارئ جيد للآثار الإسلامية، يجيد فن التصوير الفوتوغرافى، ولديه أرشيف كبير من الصور الحديثة والقديمة للعديد من المساجد والأماكن الإسلامية بالقاهرة الكبرى.
الدكتور محمد الباز أستاذ غير متفرغ بكلية الطب جامعة القاهرة وعاشق للآثار الإسلامية، وهو عضو فى الهيئة الدولية العليا للتحكيم فى السجاد، وهى هيئة غير حكومية ومقرها إيران، معنية بتقييم قطع السجاد اليدوى والأثرى.
وقد وثق الباز بكاميرته وقائع تكرار سرقة الآثار الإسلامية فى نطاق القاهرة الكبرى بشكل محترف، علاوة على تدمير بعض الآثار وتشويهها أثناء سرقتها، موضحا أن السرقات تزايدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وأنها كانت تتم أحيانا أثناء الترميم، وأهدى للشروق صورا عدة تظهر الأثر الإسلامى قبل وبعد سرقته من أماكن مختلفة، «الشروق» تحاورت معه فى منزله، الذى يشبه المتاحف المفتوحة، حيث يحتوى على بعض القطع الأثرية، والسجاد الإيرانى غالى الثمن، ونحو 30 جهاز جيرامافون الذى كان يشغل الاسطوانات الموسيقية القديمة، ومئات من الاسطوانات لحفلات كبار المغنيين فى مصر بجودة صوت عالية، فضلا عن عشرات التحف والانتيكات التى أنفق عليها كل ما يملك من مال.
على أنغام الفنانة أم كلثوم، تحدث الباز عن تحكيمه الأخير لسجادة «منجلية» من العصر الصفوى أى منذ أكثر من 300 عاما، اشتراها أحد الأشخاص المجهولين فى مزاد علنى فى سويسرا بـ33 مليون دولار العام الماضى، متحدثا عن أهمية القطع الأثرية لدى الغرب، فى الوقت الذى تعجز فيه الدولة المصرية عن حماية آثارها، فلا تؤدى تحقيقات وزارتى الآثار والأوقاف عن أى نتيجة.
حامل المصحف بالمساجد دائم السرقة
أهم وأحدث السرقات كانت حامل المصحف فى مسجد السلطان حسن بن محمد بن قلاون بمنطقة القلعة بمصر القديمة، حيث تظهر صور الباز سرقة 4 حشوات معشقة، مكونة من سن الفيل وخشب الأبانوس، يقول الباز: إن هذه الحشوات بالغة الجمال ولا تُقدر بثمن، لافتا إلى أنه كان يشاهد أثناء زياراته المتكررة للمسجد فنانين أجانب يأتون خصيصا ليرسموا حامل المصحف، قائلاً: «من سرق هذه الحشوات شخص محترف يعرف قيمتها، واستطاع أن يخرجها من مكانها بمهارة، رغم أن هذا الجزء من المسجد عليه حراسة ومغلق بشكل دائم، وبعد السرقة لم أتمالك نفسى وانحنيت وقبلت حامل المصحف كأنى أعزيه فى فقد عزيز لديه».
تتشابه هذه السرقة مع أخرى حدثت منذ ما يقرب من عامين، يوضح الباز أن السرقة أعظم هذه المرة، حيث تمت سرقة جميع حشوات حامل المصحف فى مجموعة قايتباى بمنطقة قرافة المماليك بالقاهرة، رغم أن المكان ظل مغلقا للترميم منذ سنوات، وتظهر صور الباز أن ما تبقى منه عبارة عن هيكل فقط، كما تظهر صورة أخرى ترجع إلى 6 شهور تقريبا، إلى سرقة بخارية من البرونز الخالص تمت سرقتها أيضا من مسجد قيتباى بقرافة المماليك، رغم أنها تساوى الملايين، ويحتفظ الباز بصورتها قبل السرقة.
فى نفس المنطقة بقرافة المماليك حيث قبة الحريم فى خانقاة الناصر فرج بن برقوق، سجلت عدسة الباز سرقة النص التأسيسى بالباب مع كسر الخشب المحيط به بشكل «غشيم»، على حد قوله، وحدث هذا منذ فبراير الماضى، ويرجع تاريخ هذا النص التأسيسى إلى أكثر من 600 عام، مكتوب عليه: «أمر بإنشاء هذه التربة المباركة مولانا السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق»، ويندهش أن تحدث السرقة مع كل هذا التكسير دون أن يسمع الحراس ما حدث.
كان الباز شاهدا على واقعة سرقة أخرى فى مقبرة الملك فؤاد بمسجد الرفاعى بمنطقة القلعة بمصر القديمة، قام بها محترف، حيث تمت سرقة تركيبتين مكونتين من خزف وبرونز من المقبرة، رغم أنها فى مكان مغلق بمفتاح كبير يمتلكه حارس الأثر بالمسجد، يقول: «استطعت أن أصور المقبرة بعد السرقة رغم أنها مغلقة الآن، ولا يسمح لأحد بالدخول إليها بأمر من وزارة الأثار لحين انتهاء التحقيقات، ولن تنتهى إلى شىء كالعادة».
قبة أفندينا أو ضريح الخديو توفيق فى منشأة ناصر على طريق الأوتوستراد شرق القاهرة، تم تسجيله كأثر عام 2001، غير أنه تعرض أيضا للنهب، حيث يحتوى الضريح على طقم الأرابيسك، قيل: إنه استخدم أثناء الاحتفال بقناة السويس، وسجاجيد فاخرة وشمعدانات، كان الباز قد سجل بكاميرته جميع التحف، ليكتشف منذ 3 سنوات أن أحد الشمعدانات الفضية وكسوة الكعبة، التى كانت معلقة على الجدران تمت سرقتهما، ولم يعرف الرأى العام نتيجة التحقيق حتى الآن.
أطباق ملكية مكسورة فى قصر محمد على.
وكشف الباز عن الإهمال فى مخازن قصر الأمير محمد على بالمنيل، وكان ذلك منذ عدة أشهر، حينما كان برفقة إحدى طالبات الدكتوراه، بعد أن حصلا على موافقة رسمية من إدارة المخزن، يقول: «الأشياء الثمينة فى المخزن كانت فى حالة جيدة، إلا أننى فوجئت بأطباق ملكية مهشمة قمت بتصويرها بالمخزن وتُقدر قيمتها بآلاف الجنيهات»، فضلاً عن العثور على مشكاة أثرية بنفس المخزن مكتوب عليها اسم الخديو إسماعيل باشا، والمثير أنها لم تكن مسجلة فى دفاتر إدارة القصر، واستطاعت طالبة الدكتوراه صغيرة السن أن تثبت وجودها دون أن يكون للعاملين بوزارة الآثار أى علم بها، ويتساءل: «كم من آثار تمت سرقتها لم تكن مسجلة فى وزارة الآثار؟».
ويلفت النظر إلى أن قبة شويكار هانم بشارع الملك الظاهر برقوق بقرافة المماليك لم تكن مسجلة بالآثار حتى مارس العام الحالى، حيث كانت تمتلكها أسرة من رجل مسن وزوجته وصبية، ولم يكن مسئولو الآثار يستطيعون زيارتها أو تفقد حالتها من الداخل، إلا بعد الحصول على موافقة الرجل المسن.
يحكى الباز عشرات القصص عن الآثار الإسلامية المهملة والمنهوبة قائلاً: «كانت هناك مدرسة أثرية تسمى مدرسة الظاهر بيبرس البندقدارى فى شارع المعز، ملاصقة لمدفن الصالح نجم الدين أيوب، استولى عليها أحد الباعة، وبعد أن نجح المسئولون فى طرد هذا البائع، إلا أن فرحته لم تتم»، حيث اكتشف أن شرطة السياحة احتلت مكان البائع، ليتم إبعاد الباز من المكان بطريقة مهينة من أحد الضباط، لأن فى يده كاميرا.
يضيف الباز: «قبة الأشرف خليل بن قلاون التى تقع على الجهة الشرقية لشارع الخليفة، على شمال المتجه لميدان السيدة نفيسة بالقاهرة، استولت عليها شركة آيس كريم، ومن المعروف أن خليل بن قلاوون من أبرز سلاطين الدولة المملوكية، ومن أشهر إنجازاته فتح عكا والقضاء على آخر معاقل الصليبيين فى الشام، بعد أن استمر وجودهم فيها مائة وستة وتسعين سنة».
وفى شارع سوق السلاح، يقع سبيل رقية دودو الذى أنشىءكصدقة جارية على روح بنت بدوية شاهين بنت الامير رضوان بك عام 1174، يقول: «أمشى الآن وأبكى على حال السبيل»، موضحا أنه كان يتكون من رفرف خشبى وثلاثة شبابيك ضخمة من البرونز الخالص، لكنه فوجئ منذ عام تقريبا بسرقة الثلاثة شبابيك، وقامت وزارة الآثار بسد تلك الشبابيك بالطوب الأحمر، وتم منع دخول أى شخص، وحينما سأل الحارس عن السبب قال له: «زميلهم الذى كان مسئولاً عن حمايته اتبهدل خالص بعد السرقة، وصدر له قرار بخصم شهر من راتبه».
ويتذكر الباز زيارته الأخيرة للمتحف الاسلامى بمنطقة باب الخلق بقلب القاهرة التاريخية، وكان هذا قبل تأثره بالتفجير الذى تعرض له مبنى مديرية أمن القاهرة المقابل له، فى يناير 2014، يقول الباز: «حذرت المسئولين هناك الذين كانوا يشكون من السقف الساقط بالمتحف، أن هذا قد يعرض المتحف لخسارة التحف العديدة فى حالة سقوط السقف، وهذا ما حدث للأسف بعد القنبلة، حيث سقط السقف ما أفقدنا العشرات من القطع الأثرية الثمينة تحته».
يحتفظ الباز بصورة لهدم حدث فى قصر محمد على بشبرا، يقول: «قمت بزيارة القصر بعد افتتاحه بخمسة أيام، حيث ظل تحت الترميم لسنوات عديدة، وتوضح الصورة التى التقطها سقوط السقف على ما به من محتويات، والآن القصر مغلق أمام الزائرين، ولم نسمع عن أى تحقيق حدث مع الشركة التى رممت الأثر».
ويتعجب من بعض التشويه الذى أحدثته طائفة البهرة الشيعة فى مصر، الذين تولوا الانفاق على ترميم مسجد سليمان الخادم بقلعة صلاح الدين الأيوبى، فلديه صورتين قبل وبعد الترميم، الصورة الأولى كان مكتوبا أعلى المسجد «يا الله.. يا على.. يا محمد»، وبعد الترميم تم حذف اسم النبى محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يتحرك أى مسئول فى وزارة الآثار، قائلاً: «ربما كانت الأموال المدفوعة أكبر من أن تجعلهم يعترضون»، غير أنه لا ينكر أن البهرة استطاعوا أن يحولوا مسجد الحاكم بأمر الله فى شارع المعز إلى مكان جميل بعد أن كان مقلب زبالة فى الثمانينيات.
 
  
  
 
  
  

Monday, March 14, 2016

رسالة فيينا عن سيناريو التسلح النووي

«الدبلوماسية أم الكارثة».. بماذا ينتهى سيناريو التسلح النووى؟

«الشروق» فى مؤتمر «حظر التجارب» فى فيينا
«الشروق» فى مؤتمر «حظر التجارب» فى فيينا
رسالة فيينا- داليا العقاد: 
نشر فى : الإثنين 7 مارس 2016 - 11:09 ص | آخر تحديث : الإثنين 7 مارس 2016 - 3:58 م
•  20 عاما على إنشاء منظمة حظر التجارب.. وزهران: أمن الشرق الأوسط مرهون بنزع السلاح النووى
يظل الأمن والسلام العالمى مهددين بين جمود مفاوضات نزع التسلح النووى، وعدم دخول معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التى تبنتها الأمم المتحدة حيز التنفيذ منذ 20 عاما.
ويعد الشرق الأوسط من أكثر المناطق سخونة فى المحافل الدولية، وهو ما يظهر فى الصراع بين إيران وإسرائيل ومصر فى مؤتمر «العلوم والدبلوماسية للسلام والأمن» فى فيينا، وحصلت كاتبة هذا السطور على دعوة من منظمة حظر التجارب النووية لحضور جلسات المؤتمر على مدى 13 يوما.
وشهدت الجلسات حالة من الجدل بعد دعوة الدبلوماسيين الإسرائيليين لفرض مزيد من الضغوط على إيران والدول العربية من أجل التصديق على اتفاقية حظر التجارب النووية، وقالت سفيرة إسرائيل لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ميراف زفارى أوديز، «إسرائيل دولة ذات سيادة، وأمنها الوطنى يمنعها من الانضمام لمعاهدة منع الانتشار النووى».
وبالتوازى، كانت هناك ردود فعل قوية من الدبلوماسيين الإيرانيين ترفض الضغط على طهران من أجل التصديق على أى اتفاق لا يخدم مصالحها، وقال نائب المدير العام للشئون السياسية الدولية والأمن بوزارة الخارجية بإيران، الدكتور محمد حسن دريايى، «لن تستطيع أى دولة مهما كانت أن تضغط على إيران»، ما أثار غضب بعض الساسة الإسرائيليين.
ورد سفير مصر الدائم لدى الأمم المتحدة سابقا، منير زهران، على السفيرة الإسرائيلية أن «أمن المنطقة مرهون بتنفيذ معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التى لم توقع إسرائيل عليها»، فحاولت السفيرة الإسرائيلية تحويل الأنظار إلى بعض الدول العربية باتهامها باختراق المعاهدة، مؤكدة التزامها ببناء المحطات المحلية التابعة للمعاهدة وعدم التزام غيرها بذلك ــ قاصدة مصر ــ فى محاولة لكسب التعاطف الدولى.
وأوضح زهران لـ«الشروق» أن مصر ليس لديها أسلحة نووية كى تجرى اختبارات عليها، وإنما تسعى فقط للاستخدام السلمى للطاقة النووية فى توليد الطاقة الكهرباء، مؤكدا اشتراط مصر توقيع إسرائيل أولا على معاهدة منع الانتشار النووى قبل أن تصدق عليها.
وأشار زهران على هامش المؤتمر أن إسرائيل والهند وباكستان رفضت التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، كما انسحبت منها كوريا الشمالية فى 2002، وبذلك لم تعد المعاهدة عالمية، موضحا أن تنفيذ بنود المعاهدة يتضمن منع إنتاج واستخدام وتخزين الأسلحة النووية، فضلا عن تدميرها من خلال جدول زمنى محدد، وأردف «للأسف الدول النووية لا تريد التفاوض بشأن نزع سلاحها النووى».
ووصف زهران ــ الذى تلقى دعوة من السكرتير التنفيذى لمنظمة حظر التجارب النووية للمشاركة فى المؤتمر بصفته المسئول السابق عن النواحى القانونية والتأسيسية لاتفاقية الحظر الشامل للتجارب النووية ــ معاهدة منع الانتشار النووى بأنها فى حالة «بيات شتوى»، بسبب جمود مفاوضات نزع السلاح النووى، محذرا من أن انتشار الأسلحة النووية فى العالم يزيد من خطر الحرب النووية.
وشدد سفير مصر الدائم لدى الأمم المتحدة سابقا على ضرورة عدم وضع الدول غير النووية هدفا من المجتمع الدولى للضغط الدائم عليها للتصديق على معاهدة حظر التجارب النووية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لم تصدق على المعاهدة حتى الآن، وتابع «لو تخلصنا من الأسلحة النووية لن نحتاج إلى معاهدة».
ويرى زهران أن هناك عيوبا تشوب معاهدتى الانتشار النووى وحظر التجارب، بسبب الإخلال بمبدأ المساواة بين الدول، حيث تم تقسيمها إلى دول نووية وأخرى غير نووية، فضلا عن أنها ظلت لمدة تصل إلى 20 عاما دون أن تتحول لواقع ملموس.
كما يرى الخبير السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، يسرى أبوشادى، أهمية تصديق إسرائيل على معاهدة حظر التجارب النووية، ثم مصر بالتبعية، دون ربط ذلك بانضمام تل أبيب لمعاهدة منع الانتشار النووى، موضحا أن التصديق على الاتفاقية سيسهل دخول فرق «التفتيش الموقعى» التابعة للمعاهدة إلى إسرائيل، ومنع أية تجارب نووية مستقبلا.
وأضاف أبوشادى «هناك معلومات موثقة تقول إن إسرائيل لديها 200 رأس نووى، وأنها أجرت اختبارا على سلاح نووى فى المحيط الأطلنطى فى 1979 بالتعاون مع جنوب أفريقيا».
وحول مستقبل معاهدة حظر التجارب النووية، قال أبو شادى ــ الذى كان مسئولا سابقا عن التفتيش على كوريا الشمالية ضمن مهام وكالة الطاقة الذرية ــ «تعامل الولايات المتحدة الأمريكية غير السوى مع بيونج يانج بادعاء مسئوليتها كذبا عن سرقة مواد لتصنيع أسلحة نووية، ثم فرضها العقوبات الاقتصادية عليها، فضلا عن منع تصدير البترول الذى تعتمد عليه بنسبة 50% فى توليد الكهرباء فى الشتاء، أثار غضب المسئولين الكوريين وجعلهم أكثر حرصا على تملك السلاح».
ويؤكد المستشار فى وزارة الخارجية اليمينية، بندارى عبدالله، أن هناك تكاملا بين معاهدتى منع انتشار الأسلحة النووية والحظر الشامل للتجارب النووية، قائلا: «إسرائيل تصدر أمنها القومى كأولوية أولى للتهرب من التزاماتها الدولية، فهى تشترط تحقيق السلام فى الشرق الأوسط، فى المفاوضات الدولية، لكننا نطالب بنزع السلاح أولا».
وردا على ما عرضته السفيرة إسرائيل بخصوص خرق بعض الدول العربية اتفاقية منع الانتشار النووى، وصف عبدالله تصريحاتها بأنها سياسة «ذر الرماد على العيون»، مشيرا إلى أن التقارير الدولية لم تثبت وجود أسلحة نووية فى العراق باعتراف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، الدكتور محمد البرادعى، داعيا تل أبيب إلى الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووى لإثبات حسن نواياها.
• التجارب النووية بالأرقام.. لا منافس للولايات المتحدة
- الولايات المتحدة: أجرت 1032 تجربة بين عامى 1945 و1992.
- الاتحاد السوفيتى: أجرى 715 تجربة بين عامى 1949 و1990.
- المملكة المتحدة: أجرت 45 تجربة بين عامى 1952 و1991.
- فرنسا: أجرت 210 تجارب بين عامى 1960 و1996.
- الصين: أجرت 45 تجربة بين عامى 1964 و1996.
- كوريا الشمالية والهند وباكستان: أجرت 8 تجارب بين 1998 و2016 بواقع 4 لبيونج يانج و2 لنيودلهى ومثلهما لإسلام أباد.
أخبار متعلقة


موضوعي عن Uber

تحقيق- داليا العقاد: 
نشر فى : السبت 12 مارس 2016 - 9:01 ص | آخر تحديث : السبت 12 مارس 2016 - 9:01 ص

- سائقون: تركنا الخدمة لأنها بلا مكسب وحماية.. وآخرون: المواعيد تناسبنا ونحقق 8 آلاف جنيه شهريا
- غادة: أشعر بالأمان فى التعامل مع العملاء.. وأتمنى التعاقد مع الشركة لتحقيق الأمان الوظيفى
- وكيل قانونى: نحمى سائقينا ونعوضهم عن خسائر المرور واعتدءات التاكسى الأبيض.. ومن يتعلل بضعف المكسب عليه العمل أكثر

«أكسب الكثير من المال بقيادة سيارتك الخاصة بدوام كامل أو دوام جزئى، أنت حر بدون مكتب بدون مدير»، كان هذا جزءا من دعاية شركة «أوبر» على موقعها الرسمى على شبكة الإنترنت، والتى بسببها انضم المئات من الشباب والفتيات كسائقين لدى الشركة بالقاهرة، لكنهم بعد الالتحاق بالعمل واجهوا صعوبات لم يكونوا يتوقعوها، لأنهم وجدوا أنفسهم بلا تعاقد وبلا حماية وبلا مكسب كبير، بينما يرى آخرون أن العمل فى الشركة يحقق لهم ربحا جيدا كما يوفر لهم الحماية التى تقدمها «أوبر» للعاملين بها، حسب تأكيدهم.

وفى هذا السياق، يقول الشاب الأربعينى سمير توفيق إنه انجذب لإعلانات الشركة على مواقع التواصل الاجتماعى التى كانت تعد بتوفير هاتف ذكى مع خط إنترنت مجانا، مع تحقيق ربح سريع بمعدل 20 ألف جنيه فى حالة العمل لمدة 12 ساعة يوميا، لذلك اشترى سيارة بمقدم 50 ألف جنيه وعمل التحاليل اللازمة وحضر محاضرة فى الجامعة الأمريكية عن كيفية استخدام «التطبيق»، لكنه اصطدم بعدم صحة بعض تلك الوعود، لعدم وجود تعاقد رسمى بينه وبين الشركة.

وأوضح توفيق لـ«الشروق» أن وكيل الشركة الأمريكية باع لهم الهواتف المحمولة بسعر 1200 جنيه، كما يدفع الواحد منهم 100 جنيه شهريا قيمة خط الإنترنت، مضيفا «عملت لمدة 4 شهور بدوام جزئى، ولم أحقق أرباحا لأنها كانت تضيع على دفع الغرامات، والبنزين وتغيير زيت السيارة والإطارات، فضلا عن قسط السيارة الشهرى».

وأردف السائق «تركت الخدمة، وبعت السيارة لأن الشركة الأمريكية ليس لها إطار قانونى فى مصر، ولم تحل المشكلة القائمة مع سائقى التاكسى الأبيض، كما لا تقدم ضمانات، فعندما سحبت رخصتى من شرطة المرور فى إحدى المرات لم تعوضنى الشركة رغم إرسالى صورة الغرامة لهم».

سائقو الأوبر يحتاجون للحصول على علاوة إضافية لتحقيق الربح، ويشترط لذلك ألا يقل تقييمهم من العملاء عن 4.3 من 5 نجوم بشكل أسبوعى، ولو قيمه عميل واحد بنجمة فقط فهذا يضيع عمله حتى لو كان متميزا خلال اليوم.

المحاسب محمد عدلى يقول أيضا إنه ترك الخدمة كسائق فى «أوبر»، بعدما عمل لمدة 3 شهور على سيارته الخاصة بدوام جزئى لمدة 8 ساعات يوميا، ويستطرد «فضلت العمل بدلا من الجلوس على القهوة، ولم يحسن هذا دخلى رغم أنه عمل مرهق جدا»، وبرر ذلك قائلا «أوبر تعد أقل تعريفة تاكسى فى مصر مقارنة بشركات أخرى، فالأجرة الأساسية 3 جنيهات، والحد الأدنى للأجرة 10 جنيهات، والأجر لكل كيلومتر 1.30 قرش، فمثلا أجرة توصيل عميل للمطار لا تتعدى 50 جنيها، لذلك تعد خدمة متميزة للعميل وغير منصفة للسائق»، على حد قوله.

الضوابط التى وضعتها الشركة تمنع عدلى وغيره من التدخين أو الحديث تليفونيا مع زوجته فى أثناء توصيل العملاء، وعليه أن يتعامل معهم باحترام حتى لو لم يكن متبادلا، كما أنه لا يستطيع رفض أى طلب للتوصيل، وعليه فى بعض الأحيان أن ينتظر كثيرا حتى يتصل به أحد الزبائن، بسبب انتشار سائقى «أوبر» فى نطاق القاهرة الكبرى.

فى المقابل، فضل سائقون آخرون الاستمرار فى العمل تحت إطار الشركة، ومنهم الشاب العشرينى «حسن»، الذى أوضح أنه يعمل مع «أوبر» على سيارته الخاصة ماركة تويوتا منذ عام تقريبا لتحقيق دخل إضافى، لأنه فى الأصل يعمل محاسبا، لكنه فضل التفرغ كسائق «أوبر» حيث يعمل من الساعة الثامنة صباحا إلى الخامسة مساء، ويستطيع تحقيق دخل قدره 8 آلاف جنيه شهريا، بعد خصم 300 جنيه التى يحصل عليها الوكيل القانونى، لذلك يستطيع أن «يفتح بيتا» وينفق على زوجته وابنه.

لم يتعرض حسن ــ خريج كلية إدارة أعمال فى جامعة حلوان ــ لمشاكل مع الشركة أو العملاء خلال فترة عمله، ويرى أن هناك مميزات كثيرة فى «أوبر» قائلا «أستطيع العمل فى المواعيد التى تناسبنى، فليس لدى مدير يتحكم فى مواعيدى، ولا أحد يسألنى عن أوقات التغيب عن العمل، فببساطة يمكننى غلق تليفونى المحمول وعدم تلقى طلبات توصيل».

ويضيف حسن أن من مميزات العمل أيضا أنه حصل فى بداية عمله على هاتف مجانى قبل أن تلغى الشركة هذا العرض، كما يتعامل مع أشخاص مثقفة ومحترمة ويعاملونه بطريقة جيدة لأنهم يعلمون أنه فى نفس مستواهم التعليمى والثقافى وأنه يعمل على سيارته الخاصة، لكنه استدرك «سأفكر فى ترك العمل والاستمرار كمحاسب إذا لم تقنن الشركة أوضاعها، لأننى لا أريد التعرض لأى ضرر من الشرطة أو أصحاب التاكسى الأبيض».

«سأستمر فى العمل لأنى لا أخاف من أصحاب التاكسى الأبيض»، ترد غادة سائقة «أوبر» منذ يناير 2016 على زميلها، لافتة إلى أنها تنتمى إلى شركة تهتم بمساعدة الشباب المصرى ماديا، وتتابع «العمل رزق ونحن لا ننافس التاكسى الأبيض لأن كل منا له زبائنه».

وتعمل غادة من الساعة السادسة صباحا حتى الثالثة ظهرا، وتساهم فى مصروفات المنزل المتزايدة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، قائلة «أستطيع تحقيق مكسب لأن كل من يركب معى يعطينى تقييما لا يقل عن خمس نجمات، ما يضاعف أجرى الأسبوعى، فضلا عن أن العمل يرفع من روحى المعنوية».

وتضيف السائقة المتزوجة ولديها أطفال أنها تعمل للمرة الأولى بعد تخرجها فى كلية التجارة، حيث كان زوجها خائفا عليها وأولادها رافضين لكنها سعيدة بالمهنة لأنها «حاجة مشرفة» على حد قولها، مشددة على أنها تشعر بالأمان فى التعامل مع عملاء على مستوى تعليمى جيد، وتواصل «السيدات يكن على راحتهن أكثر معى، ومنهن فتيات صغيرات السن يأخذن بنصيحتى فى بعض الأمور، ويتعاملن معى كأننى أمهن».

زوج غادة أصبح قلقا عليها أخيرا بعد تصوير سائق تاكسى أبيض سيارتها بتليفونه المحمول، بينما تقول الزوجة «الموقف أخافنى قليلا لكننى متوكلة على الله»، لافتة إلى أن المشكلة زادت مع أصحاب التاكسى الأبيض بعد إعلان الشركة عن خدمة دفع الأجرة «كاش» بعد أن كانت مقتصرة على كارت الفيزا، لذلك تتمنى أن تتراجع الشركة عن قرارها، كما تتمنى أن يكون هناك عقد مكتوب بينها وبين الشركة من أجل زيادة مستوى الأمان الوظيفى.

وردا على ذلك، قال أحد الوكلاء القانونيين لـ«أوبر» ــ فضل عدم ذكر اسمه ــ إنهم يعملون على حماية السائقين وتعويضهم عن خسائر كمائن الشرطة، واعتداءات بعض أصحاب التاكسى الأبيض، وأردف «الشركة دفعت أخيرا لأحد السائقين 2000 جنيه كتعويض عن حجز سيارته لدى رجال المرور وتعطيل عمله، كما توكل محامين للدفاع وتدفع الكفالة بالنيابة عنهم، ونحن نحصل من السائقين على نسبة 20% من أجورهم أسبوعيا فقط، مما يوفر لها السيولة المادية للتعويض عن أى ضرر بشرط ألا يكون الخطأ من جانب السائق.

وأضاف الوكيل القانونى أنه لا يوجد تعاقد مكتوب بين الشركة والسائقين، لكن الوكلاء القانونيين هم المسئولون عنهم للتأكد من خلو تحاليلهم الطبية من الكحول أو المخدرات، ودفع أجورهم أسبوعيا، موضحا أن الشركة لا تتعامل مع الأفراد مباشرة، قائلا «هناك ما لا يقل عن 8 آلاف سائق أوبر فى القاهرة، وهناك إقبال متزايد من الشباب والنساء للعمل معنا، ومن يريد الكسب الكبير عليه العمل بعدد ساعات أطول وباجتهاد، ومن يتعلل بضعف المكسب عليه أن يعمل أكثر».

كان مجلس الوزراء شكل لجنة قانونية لبحث موقف الشركة داخل مصر، برئاسة وزير العدل وعضوية وزراء النقل والمالية والاستثمار والتنمية المحلية والتضامن الاجتماعى والداخلية، لاقتراح سبل التعامل مع قضية تشغيل السيارات الخاصة فى الأغراض التجارية «أوبر وكريم وأسطى»، على أن تعلن نتيجة عمل هذه اللجنة فى الاجتماع المقبل للمجلس.

Tuesday, February 23, 2016

الحب فوق عزبة الصفيح - حصل على جائرة Media Diversity Institute







تحقيق:داليا العقاد- نشر في 12 سبتمبر 2009 - حصل على جائزة من مؤسسة بريطانية تهتم بالتنوع الاعلامي تدعى MDI أى media diversity institute 

القدر هو ما جمعهما معا برباط مقدس، فرغم أنهما من محافظتين مختلفتين هو من قنا وهي من المنوفية، لكن شاءت الظروف أن يتقابلا في مستعمرة الجذام في السبعينات أثناء تلقى العلاج.
 في ذاكرة محمد عبد القادر 63 عاما أن المرض حرمه من العيش في حضن البيت الذين تربي فيه مع الأهل، بعد أن نقلته عربة إسعاف في سن الطفولة الى المستعمرة، و"نحمدو" 55 عاما  تتذكر دموعها وهي تودع أخواتها، لا تدرك لماذا يتحتم عليها الابتعاد عن أهلها ولم يتجاوز عمرها الثلاثة عشر ربيعا، حينئذ لم يكن محمد ونحمدو يعلما أن القدر يرتب لهما أن يعيشا معا في "مستعمرة" توحي حروف كلماتها بالوحشة.
 لم يكن يتوافر في ذلك الوقت العلاج الحديث فيتأثر "الجسد" بتآكل في الأطراف ليعوض "القلب" هذا النقص بالسكن والمودة داخل بيت واحد، ينجبان البنين والبنات أصحاء بلا أي تأثر وراثي بالمرض، ويأتي أعز الولد "محمد" ليتمم فرحتهما في بيت أسري مترابط بعد معاناة طويلة مع المرض والبشر.

قصة محمد ونحمده ليست الوحيدة التي تعبر عن قوة الترابط الأسري في عزبة الصفيح، التى تقع على أطراف مستعمرة الجذام بأبو زعبل بمحافظة القليوبية، حيث يعيش قدامى المرضى البالغ  عددهم 3 آلاف نسمة "منكمشين" في بعض فمع توقف المرض عن الزحف على أجسامهم، فإن العلامات التي تدل على المرض مازالت وسيلة للتعرف عليهم بين مئات الأصحاء، كأنها بصمة أخيرة للمرض قبل الرحيل.

 خرج معظم المرضى من المستعمرة ولكنهم "عايشين على حسها " كونوا مجتمع مواز فقير مهمش، لم يرغب في الاندماج في مجتمعه الأصلي والطبيعي لأنهم ببساطة "يشعرون بالمرض" عندما يندمجون، هذا ما أكده محمد الذى يعمل غفيرا ويتابع "يخاف المجتمع الصعيدي من المرض، ولو زرت قريتي في قنا مثلا وشربت من زير به ماء فإنهم يكسروه قدامي".

"بشوية طينة على صفيح تكون أول منزل بعزبة الصفيح "هكذا بدأت القرية كما يحكيها محمد، ويتابع"كان يمر على قريتنا بعض العمال الذين يعملون في الطاقة الذرية، وكانوا مستغربين وجود هذا المنزل، وكان يبدوا من بعيد كأن طائرة أنزلت صاحب المنزل من السماء، فلم يكن حوله سوى الفراغ والوحشة" وبمرور الوقت تكونت القرية وساعد على وجودها اعتماد أهل القرية على "الرملة" التي تستخدم في مرشحات المياه، وكانت هي مورد رزقهم الوحيد، ومع ذلك لم يسلم وجودهم من مشاكل، فيقول محمد " أتذكر الفلاحين وهم يلقون علينا الطوب ويشتمونا لكي نبعد عن المكان" وسبب تغلبنا عليهم أن الاتحاد قوة وهذا سر بقائنا".

لم يكن هذا السبب الوحيد للبقاء في نظر محمد، ولكن  الحياة بدأت يكون لها شكل آخر في القرية بعدما اهتم الأجانب بهم، فكانوا يأتون لزيارتهم في عزلتهم ومعهم الهدايا عبر جمعية كاريتاس مصر، وينظمون لهم الحفلات والمعسكرات في الشواطئ، يقول محمد " كنا بنحس ان في ناس بعيدة حنينة علينا وناس قريبة قوي عمرهم ما فكروا يزورونا " ويضيف " كنا في داخل سور والأجانب هم من فتحوا باب هذا السور بالتوعية بالمرض، وعدم الخوف منهم واعطائهم أمل في الشفاء.

 وبعدها بدأت زيارات تلاميذ بعض المدارس الأجنبية والخاصة للراهبات داخل مجتمعنا، ثم توالت المساعدات لتتحول طريقة بناء بيوتهم من الصفيح إلى الطوب الأحمر، وتوافرت طلمبات المياه بعد ان كانوا يعتمدون على طلمبة واحدة يشرب منها جميع أهالي القرية، ثم تم إنشاء مركز اجتماعي صحي به دار للحضانة ومدرسة للإعدادي وأخيرا دخلت الكهرباء .

سألنا محمد و نحمدو هل يمكن أن تفكران في الرحيل عن القرية، فردا في نفس واحد "لا" وأوضح محمد " لأن هواها حلو وراحتنا النفسية هنا والحمد لله "، إلا أن محمد تحشرج صوته عندما سألناه عما يريد وظهرت بعض الدموع  في عيناه قائلا " لا أريد أن يعامل المجتمع ابني مثلما عاقبني من قبل بسبب مرضي ، لا يرفضون ابني عند طلب وظيفة"، موضحا أن بعض جهات العمل ترفض تعيين ابنه لأن أبوه كان مريض.
ورغم أن محمد ونحمدو تم شفائهم، إلا أن آثار المرض جعلت البعض ينظر إليهم بملامح الاشمئزاز والخوف، تقول نحمدو " احنا من الشعب، وفي أمراض كتير أخطر مننا" وتابعت " للأسف معظم الناس بتخاف مننا بسبب حديث شريف غير صحيح بيقول فر من المجزوم مثل فرارك من الأسد و ده حرام".

وعلى مقربة من منزل محمد ونحمدو يعيش محمود على محمد 65 عاما من قدامي المصابين بالجزام مع زوجته غير المريضة بعزبة الصفيح، التي تغيير اسمها حاليا الى قرية عبد المنعم رياض، ولديه ابن يسمى وائل في المرحلة الثانوية، وبنت تسمى ياسمين في المرحلة الإعدادية غير مصابين بالمرض أيضا ، محمود من مواليد مركز بداري محافظة أسيوط لكن منذ أصابته بالمرض وعلاقته بأهله في أسيوط غير جيدة، لذا فهو يكره الذهاب إلى هناك يقول "بشعر بنظرات غريبة وده بيحسسنى بمرضى رغم شفائي منه".

تزوج محمود من بنت خاله، وواجه الزواج بعض المشاكل من الأهل الذين أعلنوا مقاطعتهم للزوجة، تحكي الزوجة قائلة "أبويا كان موافق ولكن أعمامي قالوا لي لو تزوجتي  من محمود مش هنعرفك"، تضيف  "وافقت لأن المرض ده من عند ربنا"، وتابعت في خجل "محمود إنسان طيب" ويبتسم محمود كأنه يستدعى هذه الذكرى السعيدة، ثم يبدأ في الحديث عن نفسه قائلا " قبل ظهور المرض كنت بدرس في معهد ديني تابع للأزهر واشتغلت أثناء فترة العلاج في الحكومة بحي المطرية في البلدية، وعملت بعد كده قومسيون طبي وبأخذ من الحكومة 70 جنيه دلوقتي شهريا ووقتها اللى كان بيشتغل في الحكومة كان له وضع كبير في البلد".

محمود يجد راحته النفسية في عزبة الصفيح، ولكنه استدرك قائلا" أنا بقالي هنا 40 سنة والحياة مش سهلة هنا" موضحا أنهم أرسلوا طلبات إلى المحافظة من 10 سنوات لإنشاء مدرسة ابتدائي "بدل بهدلة العيال ومفيش فايدة"، بالإضافة إلى مشكلة عدم وجود عقد تملك، قائلا " عايزين نضمن مستقبل أولادنا بعد ما نموت بحصولنا على عقد تمليك للمساكن اللى عايشين فيها، وكل سنة بنسأل محافظ القليوبية عن هذه العقود فيكون رده ربنا يسهل".

اقتربنا من بيت آخر عليه لافته مكتوب عليها بالرخام "منزل ريكاردو " ، قال الأهالى أن الأجانب خصوصا من ألمانيا وايطاليا وبلجيكا تبرعوا لانشاء المنازل هنا، وأن شخصا إيطالي يدعى ريكاردو وهب هذا البيت لسكان العزبة، فقام الأهالي بتخليد اسمه كجزء من رد الجميل كانت تسكن في هذا المنزل باتعة حسن على 60 عاما.

كانت باتعة أكثر الأهالي في القرية تأثرا بالمرض قدميها فيها جروح صديدية، وأصابع يديها كانت متآكلة من أثر المرض رغم شفائها منه، حكت لنا انها مضطرة للعمل في مقلب القمامة رغم ظروف مرضها، حتى أنها تحبوا على يديها  لكي توفر لأولادها الخمس المعيشة السهلة والتعليم الجيد، خاصة بعد أن رفض زوجها مشاركتها في مصاريف البيت.
باتعة -يتيمة الأب والأم- خرجت من قنا أثناء الأيام المرض الأولي، ولا تعرف مكان آخر للسكن غير هذا المكان، ولديها بنت تسمى شيماء محمد على الشرقاوي خريجة معهد تمريض وتعمل في قنا، وتساعدها في مصاريف البيت، وتتمنى يقبل المسئولون تعينها في قليوب بدلا من قنا لكي تكون قريبة منها، تقول "مفيش فايدة أصل أنا فقرية منذ أن أتولدت".
قبل انتهاء رحلتنا في عزبة الصفيح حرصنا على أن نسلم باليد على الأسر التي قابلناها هناك، غير خائفين من العدوى لأننا تيقنا أن الأب " محمد" الذي يحضن "حفيده" غير المصاب بكل هذا الحب فإنه متيقن انه لن يصيبه المرض.
 وفي طريق رجوعنا شاهدنا مستعمرة الجزام من الخارج، حيث كان مقصدنا لولا رفض وزارة الصحة لطلب دخولنا، كان هناك بعض أفراد الهجانة ولكن بدون جمال وحارس المستعمرة الذي يمنع دخول أي شخص إلا لمن يملك التصريح .
كانت مشاعرنا يشوبها بعض التوتر ونحن نسترجع كلام بعض الأهالي بالعزبة وهم يقولون لنا "الحمد لله حالنا أحسن كتير من الناس اللى عايشين جوه"، فأخذ ذهننا يتساءل ماذا يحدث داخل المستعمرة؟ فإذا كان هذا حال من يعيش خارجها من المرضى القدامى فكيف الحال بمن يعيش داخلها ومازال يتلقى العلاج؟
 

   
برنامج مكافحة مرض الجذام
يهدف برنامج مكافحة الجذام إلي الوصول بمعدل انتشار المرض إلي أقل من 1 لكل عشرة آلاف نسمة وهو المعدل الذي يصبح معه مرض الجذام لا يشكل مشكلة صحية.
وقد تم الوصول بمعدل انتشار المرض إلي 0.49 لكل عشرة آلاف نسمة بنهاية عام 2000 علي المستوي القومي وكذلك تم تحقيق هذا الهدف علي مستوي المراكز ولم يتبق سوي 24 مركزاً تتراوح النسبة بها بين 1 – 2.3 لكل عشرة آلاف نسمة جاري العمل بها حتى ا المعدل نهاية عام 2005 طبقاً لتعليمات منظمة الصحة العالمية.

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف فقد تم تحقيق الإنجازات التالية :-
إدماج علاج مرض الجذام ضمن الخدمات التي تقدمها عيادات الأمراض الجلدية بالمستشفيات المركزية حتى يكون العلاج في أقرب مكان لسكن المريض.
تم توفير العلاج للمرضي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ويتم توزيعه بالمجان لجميع المرضي وبلغت نسبة التغطية بهذا العلاج 100%.
تم إجراء العديد من المسوح الطبية بالمناطق ذات النسب المرتفعة نسبياً وكذلك العديد من التدريبات لأطباء الرعاية الصحية الأساسية ولأخصائي الأمراض الجلدية علي الاكتشاف المبكر للحالات مما كان له الأثر في خفض نسبة الإعاقة بين المرضي المكتشفين من 18% عام 1989 إلي 3.9 بنهاية عام 2000.
يتم صرف إعانة شهرية لجميع المرضي تحت العلاج طوال فترة علاجهم تشجيعاً لانتظامهم في العلاج.
تم تأهيل مرضي الجذام حيث تم تنفيذ 500 مشروع إنتاجي صغير للمرضي.
تم توزيع 1685 من الأجهزة التعويضية والأحذية الطبية للمرضي بالمجان والتي قام بتصنيعها بعض المرضي بعد تأهيلهم للقيام بهذا العمل.


  
ماذا تعرف عن مرض الجذام

الجذام من أقدم الأمراض التي أصابت الإنسان ولم يعرف على وجه التحديد المصدر الذي انتشرت منه العدوى في العالم وأقدم الوثائق التاريخية وجدت في الهند ويرجع تاريخها إلى عام 600 قبل الميلاد وتبين الأنواع المختلفة له ويعتقد أن المرض قد انتقل إلى مصر في عهد الملك رمسيس الثاني مع الأسرى والعبيد الذين عادت بهم جيوشهم خلال غزواته في الحبشة والسودان وقد عثر على مومياء في صعيد مصر يرجع تاريخه الى عام 200 ق.م تحمل علامات الجذام.

يعرف الجذام كذلك بمرض هانسن نسبة الى العالم النرويجي هانسن(1841-1912) الذي اكتشف الميكروب المسبب للمرض في عام 1873 ، وسماه باسيل الجذام وهذا الباسيل من نفس الباسيل المسبب لمرض السل وقبل هانسن اعتقد البعض أن مرض الجذام وراثي أو ان سببه يرجع الى تناول أنواع مختلفة من الاطعمة هذا بخلاف المعتقدات المتعلقة بالأذهان ولم ينل مرض من الامراض قدرا من الضلال مثلما نال مرض الجذام فقد كان نتيجة الجهل بطبيعة المرض وشدة المضاعفات التى يعاني منها المريض قبل اكتشاف العلاج ان اتخذ المجتمع في الماضى موقفا ظالما تجاه المرضى نتيجة الخوف الشديد من المرض وعاملهم معاملة قاسية كان من ابرزها العزل الاجباري الا ان هذا لم يحد من انتشار المرض بل زاد الامر سوءا وأدى الى تدهور الاحوال النفسية والصحية والمعيشية للمرضى.

أما عن طبيعة مرض الجذام فان المرض يصيب اساسا الجلد والاعصاب وتشبه أعراضه كثيرا من الامراض الجلدية والعصبية والاعرض الجلدية تكون على هيئة بقع باهتة اللون أو عقد جلدية أو ارتشاحات بالجلد يختلف شكلها وعددها بحسب نوع الجذام أما عن الاعراض العصبية فتكون نتيجة اصابة الاعصاب الطرفية وينتج اختلال في الاحساس مثل فقد الجلد الاحساس بالحرارة والبرودة واللمس والالم وقد يحدث شلل لبعض العضلات وقد تسبب  تشوهات وتآكل في الأطراف كاليد والأرجل والأنف والأذن ويؤدى بعض الامراض الى سقوط القدم اذا اصيب المريض في العصب الشظي وغالبا ما تظهر هذه الاعراض بسبب الاهمال في العلاج.
 

وبخصوص طرق انتقال عدوى الجذام كان معروف لزمن طويل ان مرض الجذام ينتقل عن طريق الجلد ولكن الابحاث الحديثة اثبتت أن هناك طرق للعدوى أهم من الجلد وهي افرازات الانف ومصدر العدوى هو المريض المعدي ويفهم من هذا ان هناك نوع آخر غير معد وهذا النوع الاخير يكون غالبية المرضى بالجذام في مصر،والجدير بالذكر ان المريض المعدي يصبح غير معد بعد فترة قصيرة من بدء تلقى العلاج بالادوية الحديثة وخطر العدوى يكمن  عادة في المريض الذى يخفي مرضه ولا يتقدم للعلاج .

والاصابة بالجذام تتوقف في المقام الاول على قدرة الشخص الذى تنتقل اليه العدوى على مقاومة الباسيل فجسم معظم الناس يستطيع أن يبنى مناعة قوية ودائمة ضد  باسيل الجذام والقلة هم الذين يتمكن الباسيل من التكاثر في جسمهم واذا حدث هذا ينتج عنه ظهور أعراض المرض بعد فترة زمنية من العدوى تسمى بفترة الحضامة ومدتها في المتوسط من 3الى 5 سنوات.

وعن علاج المرض أصبح الجذام من الامراض القابلة للعلاج والشفاء بواسطة الادوية الحديثة فاذا تناول المريض العلاج المناسب بانتظام ولمدة كافية يمكنه ان يتغلب تماما على المرض وقد لا تبقى منه أى آثار بعد الشفاء ويتحقق هذا الامل خاصة اذا تم التشخيص في المراحل المبكرة للمرض ومن اهم الادوية المستخدمة في مصر الدابسون .

وقبل اكتشاف الادوية الفعالة لعلاج الجذام كان المتبع هو عزل المرضى في أماكن بعيدة تسمى مستعمرات الجذام وهي تشبه معتقلا يقضى فيه المريض معظم حياته ومع اكتشاف علاج لهذا المرض تغير هذا النظام تدريجيا واصبح المريض الان يعالج بالعيادات الخارجية أما المستعمرات فقد ألغي الكثير منها في انحاء العالم وتم تطوير الباقي منها الى مستشفيات تخصصية للجذام تستقبل الحالات التى تحتاج الى رعاية خاصة مثل الجراحات التقويمية أو علاج مضاعفات المرض.

ان الجانب العلاجي في الجذام مهم جدا والجانب الاجتماعي والنفسي لا يقل عنه أهمية ويتطلب هذا أن يقوم المواطيني بمساعدة المرضى عبر مشروعات اجتماعية وتأهيلية اقتصادية لمساعدة المرضى وأسرهم وتغيير موقف المجتمع تجاه المريض والاشتراك في نشاط الجمعيات التى ترعى مرضى الجذام والمساعدة المالية من الشركات والافراد للجمعيات التى تعمل في هذا المجال لتستطيع تمويل مشروعاتها أو توجيه هذه المساعدات رأسا الى المريض أو المستشفيات والوحدات التى تقوم بهذه المهمة.
المصدر:كتيب الجذام أوهام وحقائق حول مرض هانسن اعداد كاريتاس مصر مراجعة ادارة .
مكافحة الجذام بوزارة الصحة

مجدي جرس المدير المساعد لكاريتاس-مصر:
القانون المصري لا يقف في صف مرضى الجذام والمجتمع لا يستوعبهم

بعكس كثير من الأمراض فان عدد الجمعيات التي تهتم بمرض الجذام قليل جدا في مصر وتكاد تكون كاريتاس- مصر هى الجمعية الوحيدة التى تهتم بالجانب الاجتماعي والصحي لمرضى الجذام وتعمل الجمعية بالتعاون مع إدارة مكافحة الجذام التابعة لوزارة الصحة والسكان وعدد من الهيئات الدولية مثل الهيئة الألمانية لمساعدة مرضى الجذامDAHW وهيئة داميان البلجيكية وفق اتفاقيات تعاون تهدف في الأساس للتخفيف من معاناة المرضى في مصر سواء داخل مستعمرة الجذام بأبو زعبل وقرية الصفيح أو بالعامرية.

مجدي جرس المدير العام المساعد لجمعية كاريتاس- مصر قال للشروق ان مرض الجذام في مصر لايزال رغم التقدم الهائل الذي يشهده عالمنا المعاصر مرضا لا يجرؤ المصابون له على الاندماج في الحياة الاجتماعية وهذا من رأيه لا يرجع لطبيعة المرض ذاته بل بسبب جهلنا بحقيقة المرض والأبعاد النفسية لمن يعانون منه .

لذلك عملت الجمعية بالشراكة مع وزارة الصحة على الاهتمام بالمرض وتوعية  المجتمع به وقد بدأت مشروعات الجمعية منذ عام 1979 حيث كان عدد المرضى 60 ألف حالة الى أن انخفض عدد المصابين الان كثيرا فحسب إحصائيات من وزارة الصحة يقول جرس ان من يخضعون للعلاج داخل المستعمرة في الفترة الحالية لا يتجاوزون 8 آلاف مريض وتصرف لهم الوزارة علاج مجاني حديث لا يتسبب عنه حدوث تشوهات بالجسد مثل المرضى القدامى بعزبة الصفيح الذين كانوا يتعاطون علاجا تقليديا وبعضهم أهمل العلاج فظهرت أعراض المرض بشكل واضح ومعظمهم تبرأ منهم أقاربهم خوفا منهم وباعتبار ان هذا المرض في عرف البعض يعتبر وصمة اجتماعية .

وعلى الرغم من أن هذا المرض قد انقرض  في الدول المتقدمة طبقا لمنظمة الصحة العالمية ويعلل العلماء هذه الظاهرة بارتفاع المستوى الاقتصادي والاجتماعي ولكنه مازال منتشرا في حوض البحر المتوسط فتوجد بعض الحالات في دول العالم الثالث وتقدره المنظمة عموما بحوالي 12 مليون مريض كما قدرت نسبة انتشار المرض في مصر بحوالي حالة واحدة لكل ألف من السكان وإذا كانت وزارة الصحة تبذل جهودها بشأن العلاج فان الجانب الاجتماعي في ميدان مرض الجذام لا يقل أهمية عن البعد الطبي في نظر جرس لان الاتجاه الحديث يهدف إلى تأهيل المريض نفسيا ومهنيا للاندماج في المجتمع بخلاف توعية أفراد المجتمع بتقبل المريض فور تلقيه العلاج حيث يصبح غير معد لان عدم تقبله يؤدى الى مضاعفة المرض وعدم شفائه منه بشكل تام.

ويؤكد جرس أن الهيئات الدولية ساهمت بشكل كبير في إنشاء العيادات لمعالجة الجذام فيقول أن الهيئة الألمانية ساهمت في إنشاء 8 عيادات للجذام في الشمال والهيئة البلجيكية ساهمت في إنشاء 8 عيادات في الجنوب فضلا عن وجود اهتمام فرنسي بمستشفى الخانكة وإنشاء محطات مياه جديدة وفرن للخبز فضلا عن الزيارات التي تقوم بها بعض المدارس الأجنبية في مصر بشأن زيارات المرضى والتخفيف عليهم غير انه يؤكد ان تلك الجهود يجب ان يتواكب معها اهتمام من المجتمع في استيعاب المرضى فضلا عن ضرورة إلغاء القانون الذي ينص على عزل مريض الجذام في مستعمرات مؤكدا ان هذا لايزال موجود في الدستور المصري وقال "لم يعد في العالم كله من يعزل المرضى بهذا الشكل المهين ولم يعد هناك مستعمرات لان المريض طالما يتلقى العلاج لا يعد معديا "ويتساءل "فلماذا العزل؟" ويتابع " لقد قامت الجمعية بالتعاون مع وزارة الصحة بإجراء مسح شامل للاكتشاف المبكر للمرض مما يساهم في شفاء المريض سريعا ويصبح قادر للرجوع الى عمله ومزاولة حياته بشكل عادي ونقوم باستمرار بتشجيع تلقى المرض للعلاج خارج المستعمرة داخل عيادات تتوزع على مستوى المحافظة للتأكيد على انه مرض غير معد ولا يسبب الوفاة بعكس أنواع أخرى من المرض .

وحول وجود مرضى استطاعوا الاندماج  في المجتمع بالفعل قال جرس هناك عدد كبير من المرضى تخطوا المرض واستطاعوا ان يرجعوا الى مجتمعهم ولكن لا توجد إحصائية معينة لهم واستدرك مجيبا على سؤال لماذا يفضل المرضى القدامى الانعزال؟يقول "ليس مسألة تفضيل ولكن لان  قدامي المرضى داخل قرية الصفيح يتوافر لهم السكن والراحة والعمل هناك ولان بعض الأقارب لايزالون يخافون منهم.

وعن دور الجمعية الاجتماعي بالنسبة لقدامى المرض يقول جرس ان الجمعية أنشأت مركز صحي اجتماعي به دار للحضانة ومشغل لمساعدة أهالي المرضى وتوفر لهم فرص الاندماج عبر تنظيم رحلات ومعسكرات صيفية الى بلطيم وإسكندرية ويضيف"حاليا نحاول إدخال الكمبيوتر ومساعدة الأطفال في تلقي العلوم الحديثة وإنشاء فصول تقوية ونعمل أيضا على إدخالهم مدارس صناعية وفنية وزراعية خارج المستعمرة وعزبة الصفيح ".