تحقيق:داليا العقاد- نشر في 12 سبتمبر 2009 - حصل على جائزة من مؤسسة بريطانية تهتم بالتنوع الاعلامي تدعى MDI أى media diversity institute
القدر هو ما جمعهما معا برباط مقدس، فرغم أنهما من محافظتين مختلفتين هو من
قنا وهي من المنوفية، لكن شاءت الظروف أن يتقابلا في مستعمرة الجذام في السبعينات أثناء
تلقى العلاج.
في ذاكرة محمد عبد القادر 63 عاما أن
المرض حرمه من العيش في حضن البيت الذين تربي فيه مع الأهل، بعد أن نقلته عربة إسعاف
في سن الطفولة الى المستعمرة، و"نحمدو" 55 عاما تتذكر دموعها وهي تودع أخواتها، لا تدرك لماذا
يتحتم عليها الابتعاد عن أهلها ولم يتجاوز عمرها الثلاثة عشر ربيعا، حينئذ لم يكن محمد
ونحمدو يعلما أن القدر يرتب لهما أن يعيشا معا في "مستعمرة" توحي حروف
كلماتها بالوحشة.
لم يكن يتوافر في ذلك الوقت العلاج
الحديث فيتأثر "الجسد" بتآكل في الأطراف ليعوض "القلب" هذا
النقص بالسكن والمودة داخل بيت واحد، ينجبان البنين والبنات أصحاء بلا أي تأثر
وراثي بالمرض، ويأتي أعز الولد "محمد" ليتمم فرحتهما في بيت أسري مترابط
بعد معاناة طويلة مع المرض والبشر.
قصة محمد ونحمده ليست الوحيدة التي تعبر عن قوة الترابط الأسري في عزبة
الصفيح، التى تقع على أطراف مستعمرة الجذام بأبو زعبل بمحافظة القليوبية، حيث يعيش
قدامى المرضى البالغ عددهم 3 آلاف نسمة
"منكمشين" في بعض فمع توقف المرض عن الزحف على أجسامهم، فإن العلامات التي
تدل على المرض مازالت وسيلة للتعرف عليهم بين مئات الأصحاء، كأنها بصمة أخيرة
للمرض قبل الرحيل.
خرج معظم المرضى من المستعمرة
ولكنهم "عايشين على حسها " كونوا مجتمع مواز فقير مهمش، لم يرغب في
الاندماج في مجتمعه الأصلي والطبيعي لأنهم ببساطة "يشعرون بالمرض" عندما
يندمجون، هذا ما أكده محمد الذى يعمل غفيرا ويتابع "يخاف المجتمع الصعيدي من
المرض، ولو زرت قريتي في قنا مثلا وشربت من زير به ماء فإنهم يكسروه قدامي".
"بشوية طينة على صفيح تكون أول منزل بعزبة الصفيح "هكذا بدأت القرية
كما يحكيها محمد، ويتابع"كان يمر على قريتنا بعض العمال الذين يعملون في
الطاقة الذرية، وكانوا مستغربين وجود هذا المنزل، وكان يبدوا من بعيد كأن طائرة
أنزلت صاحب المنزل من السماء، فلم يكن حوله سوى الفراغ والوحشة" وبمرور الوقت
تكونت القرية وساعد على وجودها اعتماد أهل القرية على "الرملة" التي
تستخدم في مرشحات المياه، وكانت هي مورد رزقهم الوحيد، ومع ذلك لم يسلم وجودهم من
مشاكل، فيقول محمد " أتذكر الفلاحين وهم يلقون علينا الطوب ويشتمونا لكي نبعد
عن المكان" وسبب تغلبنا عليهم أن الاتحاد قوة وهذا سر بقائنا".
لم يكن هذا السبب الوحيد للبقاء في نظر محمد، ولكن الحياة بدأت يكون لها شكل آخر في القرية بعدما اهتم
الأجانب بهم، فكانوا يأتون لزيارتهم في عزلتهم ومعهم الهدايا عبر جمعية كاريتاس
مصر، وينظمون لهم الحفلات والمعسكرات في الشواطئ، يقول محمد " كنا بنحس ان في
ناس بعيدة حنينة علينا وناس قريبة قوي عمرهم ما فكروا يزورونا " ويضيف "
كنا في داخل سور والأجانب هم من فتحوا باب هذا السور بالتوعية بالمرض، وعدم الخوف
منهم واعطائهم أمل في الشفاء.
وبعدها بدأت زيارات تلاميذ بعض
المدارس الأجنبية والخاصة للراهبات داخل مجتمعنا، ثم توالت المساعدات لتتحول طريقة
بناء بيوتهم من الصفيح إلى الطوب الأحمر، وتوافرت طلمبات المياه بعد ان كانوا يعتمدون
على طلمبة واحدة يشرب منها جميع أهالي القرية، ثم تم إنشاء مركز اجتماعي صحي به
دار للحضانة ومدرسة للإعدادي وأخيرا دخلت الكهرباء .
سألنا محمد و نحمدو هل يمكن أن تفكران في الرحيل عن القرية، فردا في نفس
واحد "لا" وأوضح محمد " لأن هواها حلو وراحتنا النفسية هنا والحمد
لله "، إلا أن محمد تحشرج صوته عندما سألناه عما يريد وظهرت بعض الدموع في عيناه قائلا " لا أريد أن يعامل
المجتمع ابني مثلما عاقبني من قبل بسبب مرضي ، لا يرفضون ابني عند طلب وظيفة"،
موضحا أن بعض جهات العمل ترفض تعيين ابنه لأن أبوه كان مريض.
ورغم أن محمد ونحمدو تم شفائهم، إلا أن آثار المرض جعلت البعض ينظر إليهم
بملامح الاشمئزاز والخوف، تقول نحمدو " احنا من الشعب، وفي أمراض كتير أخطر
مننا" وتابعت " للأسف معظم الناس بتخاف مننا بسبب حديث شريف غير صحيح
بيقول فر من المجزوم مثل فرارك من الأسد و ده حرام".
وعلى مقربة من منزل محمد ونحمدو يعيش محمود على محمد 65 عاما من قدامي المصابين
بالجزام مع زوجته غير المريضة بعزبة الصفيح، التي تغيير اسمها حاليا الى قرية عبد
المنعم رياض، ولديه ابن يسمى وائل في المرحلة الثانوية، وبنت تسمى ياسمين في
المرحلة الإعدادية غير مصابين بالمرض أيضا ، محمود من مواليد مركز بداري محافظة
أسيوط لكن منذ أصابته بالمرض وعلاقته بأهله في أسيوط غير جيدة، لذا فهو يكره الذهاب
إلى هناك يقول "بشعر بنظرات غريبة وده بيحسسنى بمرضى رغم شفائي منه".
تزوج محمود من بنت خاله، وواجه الزواج بعض المشاكل من الأهل الذين أعلنوا
مقاطعتهم للزوجة، تحكي الزوجة قائلة "أبويا كان موافق ولكن أعمامي قالوا لي
لو تزوجتي من محمود مش هنعرفك"، تضيف
"وافقت لأن المرض ده من عند
ربنا"، وتابعت في خجل "محمود إنسان طيب" ويبتسم محمود كأنه يستدعى
هذه الذكرى السعيدة، ثم يبدأ في الحديث عن نفسه قائلا " قبل ظهور المرض كنت
بدرس في معهد ديني تابع للأزهر واشتغلت أثناء فترة العلاج في الحكومة بحي المطرية
في البلدية، وعملت بعد كده قومسيون طبي وبأخذ من الحكومة 70 جنيه دلوقتي شهريا ووقتها
اللى كان بيشتغل في الحكومة كان له وضع كبير في البلد".
محمود يجد راحته النفسية في عزبة الصفيح، ولكنه استدرك قائلا" أنا
بقالي هنا 40 سنة والحياة مش سهلة هنا" موضحا أنهم أرسلوا طلبات إلى المحافظة
من 10 سنوات لإنشاء مدرسة ابتدائي "بدل بهدلة العيال ومفيش فايدة"، بالإضافة
إلى مشكلة عدم وجود عقد تملك، قائلا " عايزين نضمن مستقبل أولادنا بعد ما
نموت بحصولنا على عقد تمليك للمساكن اللى عايشين فيها، وكل سنة بنسأل محافظ
القليوبية عن هذه العقود فيكون رده ربنا يسهل".
اقتربنا من بيت آخر عليه لافته مكتوب عليها بالرخام "منزل ريكاردو
" ، قال الأهالى أن الأجانب خصوصا من ألمانيا وايطاليا وبلجيكا تبرعوا لانشاء
المنازل هنا، وأن شخصا إيطالي يدعى ريكاردو وهب هذا البيت لسكان العزبة، فقام الأهالي
بتخليد اسمه كجزء من رد الجميل كانت تسكن في هذا المنزل باتعة حسن على 60 عاما.
كانت باتعة أكثر الأهالي في القرية تأثرا بالمرض قدميها فيها جروح صديدية،
وأصابع يديها كانت متآكلة من أثر المرض رغم شفائها منه، حكت لنا انها مضطرة للعمل
في مقلب القمامة رغم ظروف مرضها، حتى أنها تحبوا على يديها لكي توفر لأولادها الخمس المعيشة السهلة
والتعليم الجيد، خاصة بعد أن رفض زوجها مشاركتها في مصاريف البيت.
باتعة -يتيمة الأب والأم- خرجت من قنا أثناء الأيام المرض الأولي، ولا تعرف
مكان آخر للسكن غير هذا المكان، ولديها بنت تسمى شيماء محمد على الشرقاوي خريجة
معهد تمريض وتعمل في قنا، وتساعدها في مصاريف البيت، وتتمنى يقبل المسئولون تعينها
في قليوب بدلا من قنا لكي تكون قريبة منها، تقول "مفيش فايدة أصل أنا فقرية
منذ أن أتولدت".
قبل انتهاء رحلتنا في عزبة الصفيح حرصنا على أن نسلم باليد على الأسر التي
قابلناها هناك، غير خائفين من العدوى لأننا تيقنا أن الأب " محمد" الذي
يحضن "حفيده" غير المصاب بكل هذا الحب فإنه متيقن انه لن يصيبه المرض.
وفي طريق رجوعنا شاهدنا مستعمرة الجزام
من الخارج، حيث كان مقصدنا لولا رفض وزارة الصحة لطلب دخولنا، كان هناك بعض أفراد
الهجانة ولكن بدون جمال وحارس المستعمرة الذي يمنع دخول أي شخص إلا لمن يملك
التصريح .
كانت مشاعرنا يشوبها بعض التوتر ونحن نسترجع كلام بعض الأهالي بالعزبة وهم
يقولون لنا "الحمد لله حالنا أحسن كتير من الناس اللى عايشين جوه"، فأخذ
ذهننا يتساءل ماذا يحدث داخل المستعمرة؟ فإذا كان هذا حال من يعيش خارجها من
المرضى القدامى فكيف الحال بمن يعيش داخلها ومازال يتلقى العلاج؟
برنامج
مكافحة مرض الجذام
يهدف
برنامج مكافحة الجذام إلي الوصول بمعدل انتشار المرض إلي أقل من 1 لكل عشرة آلاف
نسمة وهو المعدل الذي يصبح معه مرض الجذام لا يشكل مشكلة صحية.
وقد
تم الوصول بمعدل انتشار المرض إلي 0.49 لكل عشرة آلاف نسمة بنهاية عام 2000 علي
المستوي القومي وكذلك تم تحقيق هذا الهدف علي مستوي المراكز ولم يتبق سوي 24
مركزاً تتراوح النسبة بها بين 1 – 2.3 لكل عشرة آلاف نسمة جاري العمل بها حتى ا
المعدل نهاية عام 2005 طبقاً لتعليمات منظمة الصحة العالمية.
ومن
أجل تحقيق هذه الأهداف فقد تم تحقيق الإنجازات التالية :-
إدماج
علاج مرض الجذام ضمن الخدمات التي تقدمها عيادات الأمراض الجلدية بالمستشفيات
المركزية حتى يكون العلاج في أقرب مكان لسكن المريض.
تم
توفير العلاج للمرضي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ويتم توزيعه بالمجان لجميع
المرضي وبلغت نسبة التغطية بهذا العلاج 100%.
تم
إجراء العديد من المسوح الطبية بالمناطق ذات النسب المرتفعة نسبياً وكذلك العديد
من التدريبات لأطباء الرعاية الصحية الأساسية ولأخصائي الأمراض الجلدية علي
الاكتشاف المبكر للحالات مما كان له الأثر في خفض نسبة الإعاقة بين المرضي
المكتشفين من 18% عام 1989 إلي 3.9 بنهاية عام 2000.
يتم
صرف إعانة شهرية لجميع المرضي تحت العلاج طوال فترة علاجهم تشجيعاً لانتظامهم في
العلاج.
تم
تأهيل مرضي الجذام حيث تم تنفيذ 500 مشروع إنتاجي صغير للمرضي.
تم
توزيع 1685 من الأجهزة التعويضية والأحذية الطبية للمرضي بالمجان والتي قام
بتصنيعها بعض المرضي بعد تأهيلهم للقيام بهذا العمل.
ماذا تعرف عن مرض الجذام
الجذام من أقدم الأمراض التي أصابت الإنسان ولم
يعرف على وجه التحديد المصدر الذي انتشرت منه العدوى في العالم وأقدم الوثائق
التاريخية وجدت في الهند ويرجع تاريخها إلى عام 600 قبل الميلاد وتبين الأنواع
المختلفة له ويعتقد أن المرض قد انتقل إلى مصر في عهد الملك رمسيس الثاني مع الأسرى
والعبيد الذين عادت بهم جيوشهم خلال غزواته في الحبشة والسودان وقد عثر على مومياء
في صعيد مصر يرجع تاريخه الى عام 200 ق.م تحمل علامات الجذام.
يعرف الجذام كذلك بمرض هانسن نسبة الى العالم
النرويجي هانسن(1841-1912) الذي اكتشف الميكروب المسبب للمرض في عام 1873 ، وسماه
باسيل الجذام وهذا الباسيل من نفس الباسيل المسبب لمرض السل وقبل هانسن اعتقد البعض أن مرض الجذام وراثي أو
ان سببه يرجع الى تناول أنواع مختلفة من الاطعمة هذا بخلاف المعتقدات المتعلقة
بالأذهان ولم ينل مرض من الامراض قدرا من الضلال مثلما نال مرض الجذام فقد كان
نتيجة الجهل بطبيعة المرض وشدة المضاعفات التى يعاني منها المريض قبل اكتشاف
العلاج ان اتخذ المجتمع في الماضى موقفا ظالما تجاه المرضى نتيجة الخوف الشديد من
المرض وعاملهم معاملة قاسية كان من ابرزها العزل الاجباري الا ان هذا لم يحد من
انتشار المرض بل زاد الامر سوءا وأدى الى تدهور الاحوال النفسية والصحية والمعيشية
للمرضى.
أما عن طبيعة مرض
الجذام فان المرض يصيب اساسا الجلد والاعصاب وتشبه أعراضه كثيرا من الامراض
الجلدية والعصبية والاعرض الجلدية تكون على هيئة بقع باهتة اللون أو عقد جلدية أو
ارتشاحات بالجلد يختلف شكلها وعددها بحسب نوع الجذام أما عن الاعراض العصبية فتكون
نتيجة اصابة الاعصاب الطرفية وينتج اختلال في الاحساس مثل فقد الجلد الاحساس
بالحرارة والبرودة واللمس والالم وقد يحدث شلل لبعض العضلات وقد تسبب تشوهات وتآكل في الأطراف كاليد والأرجل والأنف
والأذن ويؤدى بعض الامراض الى سقوط القدم اذا اصيب المريض في العصب الشظي وغالبا
ما تظهر هذه الاعراض بسبب الاهمال في العلاج.
وبخصوص طرق انتقال عدوى
الجذام كان معروف لزمن طويل ان مرض الجذام ينتقل عن طريق الجلد ولكن الابحاث
الحديثة اثبتت أن هناك طرق للعدوى أهم من الجلد وهي افرازات الانف ومصدر العدوى هو
المريض المعدي ويفهم من هذا ان هناك نوع آخر غير معد وهذا النوع الاخير يكون
غالبية المرضى بالجذام في مصر،والجدير بالذكر ان المريض المعدي يصبح غير معد بعد فترة
قصيرة من بدء تلقى العلاج بالادوية الحديثة وخطر العدوى يكمن عادة في المريض الذى يخفي مرضه ولا يتقدم
للعلاج .
والاصابة بالجذام تتوقف
في المقام الاول على قدرة الشخص الذى تنتقل اليه العدوى على مقاومة الباسيل فجسم
معظم الناس يستطيع أن يبنى مناعة قوية ودائمة ضد
باسيل الجذام والقلة هم الذين يتمكن الباسيل من التكاثر في جسمهم واذا حدث
هذا ينتج عنه ظهور أعراض المرض بعد فترة زمنية من العدوى تسمى بفترة الحضامة
ومدتها في المتوسط من 3الى 5 سنوات.
وعن علاج المرض أصبح
الجذام من الامراض القابلة للعلاج والشفاء بواسطة الادوية الحديثة فاذا تناول
المريض العلاج المناسب بانتظام ولمدة كافية يمكنه ان يتغلب تماما على المرض وقد لا
تبقى منه أى آثار بعد الشفاء ويتحقق هذا الامل خاصة اذا تم التشخيص في المراحل
المبكرة للمرض ومن اهم الادوية المستخدمة في مصر الدابسون .
وقبل اكتشاف الادوية
الفعالة لعلاج الجذام كان المتبع هو عزل المرضى في أماكن بعيدة تسمى مستعمرات
الجذام وهي تشبه معتقلا يقضى فيه المريض معظم حياته ومع اكتشاف علاج لهذا المرض
تغير هذا النظام تدريجيا واصبح المريض الان يعالج بالعيادات الخارجية أما
المستعمرات فقد ألغي الكثير منها في انحاء العالم وتم تطوير الباقي منها الى
مستشفيات تخصصية للجذام تستقبل الحالات التى تحتاج الى رعاية خاصة مثل الجراحات
التقويمية أو علاج مضاعفات المرض.
ان الجانب العلاجي في
الجذام مهم جدا والجانب الاجتماعي والنفسي لا يقل عنه أهمية ويتطلب هذا أن يقوم
المواطيني بمساعدة المرضى عبر مشروعات اجتماعية وتأهيلية اقتصادية لمساعدة المرضى
وأسرهم وتغيير موقف المجتمع تجاه المريض والاشتراك في نشاط الجمعيات التى ترعى
مرضى الجذام والمساعدة المالية من الشركات والافراد للجمعيات التى تعمل في هذا
المجال لتستطيع تمويل مشروعاتها أو توجيه هذه المساعدات رأسا الى المريض أو
المستشفيات والوحدات التى تقوم بهذه المهمة.
المصدر:كتيب الجذام
أوهام وحقائق حول مرض هانسن اعداد كاريتاس مصر مراجعة ادارة .
مكافحة الجذام بوزارة
الصحة
مجدي جرس المدير المساعد لكاريتاس-مصر:
القانون المصري لا يقف في صف مرضى الجذام والمجتمع لا
يستوعبهم
بعكس كثير من الأمراض فان عدد الجمعيات التي تهتم بمرض
الجذام قليل جدا في مصر وتكاد تكون كاريتاس- مصر هى الجمعية الوحيدة التى تهتم
بالجانب الاجتماعي والصحي لمرضى الجذام وتعمل الجمعية بالتعاون مع إدارة مكافحة
الجذام التابعة لوزارة الصحة والسكان وعدد من الهيئات الدولية مثل الهيئة الألمانية
لمساعدة مرضى الجذامDAHW وهيئة داميان البلجيكية وفق اتفاقيات تعاون تهدف في الأساس للتخفيف
من معاناة المرضى في مصر سواء داخل مستعمرة الجذام بأبو زعبل وقرية الصفيح أو
بالعامرية.
مجدي جرس المدير العام المساعد لجمعية كاريتاس- مصر قال
للشروق ان مرض الجذام في مصر لايزال رغم التقدم الهائل الذي يشهده عالمنا المعاصر
مرضا لا يجرؤ المصابون له على الاندماج في الحياة الاجتماعية وهذا من رأيه لا يرجع
لطبيعة المرض ذاته بل بسبب جهلنا بحقيقة المرض والأبعاد النفسية لمن يعانون منه .
لذلك عملت الجمعية بالشراكة مع وزارة الصحة على الاهتمام
بالمرض وتوعية المجتمع به وقد بدأت
مشروعات الجمعية منذ عام 1979 حيث كان عدد المرضى 60 ألف حالة الى أن انخفض عدد المصابين
الان كثيرا فحسب إحصائيات من وزارة الصحة يقول جرس ان من يخضعون للعلاج داخل
المستعمرة في الفترة الحالية لا يتجاوزون 8 آلاف مريض وتصرف لهم الوزارة علاج
مجاني حديث لا يتسبب عنه حدوث تشوهات بالجسد مثل المرضى القدامى بعزبة الصفيح الذين
كانوا يتعاطون علاجا تقليديا وبعضهم أهمل العلاج فظهرت أعراض المرض بشكل واضح
ومعظمهم تبرأ منهم أقاربهم خوفا منهم وباعتبار ان هذا المرض في عرف البعض يعتبر
وصمة اجتماعية .
وعلى الرغم من أن هذا المرض قد انقرض في الدول المتقدمة طبقا لمنظمة الصحة العالمية
ويعلل العلماء هذه الظاهرة بارتفاع المستوى الاقتصادي والاجتماعي ولكنه مازال
منتشرا في حوض البحر المتوسط فتوجد بعض الحالات في دول العالم الثالث وتقدره
المنظمة عموما بحوالي 12 مليون مريض كما قدرت نسبة انتشار المرض في مصر بحوالي
حالة واحدة لكل ألف من السكان وإذا كانت وزارة الصحة تبذل جهودها بشأن العلاج فان
الجانب الاجتماعي في ميدان مرض الجذام لا يقل أهمية عن البعد الطبي في نظر جرس لان
الاتجاه الحديث يهدف إلى تأهيل المريض نفسيا ومهنيا للاندماج في المجتمع بخلاف
توعية أفراد المجتمع بتقبل المريض فور تلقيه العلاج حيث يصبح غير معد لان عدم
تقبله يؤدى الى مضاعفة المرض وعدم شفائه منه بشكل تام.
ويؤكد جرس أن الهيئات الدولية ساهمت بشكل كبير في إنشاء
العيادات لمعالجة الجذام فيقول أن الهيئة الألمانية ساهمت في إنشاء 8 عيادات
للجذام في الشمال والهيئة البلجيكية ساهمت في إنشاء 8 عيادات في الجنوب فضلا عن
وجود اهتمام فرنسي بمستشفى الخانكة وإنشاء محطات مياه جديدة وفرن للخبز فضلا عن
الزيارات التي تقوم بها بعض المدارس الأجنبية في مصر بشأن زيارات المرضى والتخفيف
عليهم غير انه يؤكد ان تلك الجهود يجب ان يتواكب معها اهتمام من المجتمع في
استيعاب المرضى فضلا عن ضرورة إلغاء القانون الذي ينص على عزل مريض الجذام في
مستعمرات مؤكدا ان هذا لايزال موجود في الدستور المصري وقال "لم يعد في
العالم كله من يعزل المرضى بهذا الشكل المهين ولم يعد هناك مستعمرات لان المريض
طالما يتلقى العلاج لا يعد معديا "ويتساءل "فلماذا العزل؟" ويتابع
" لقد قامت الجمعية بالتعاون مع وزارة الصحة بإجراء مسح شامل للاكتشاف المبكر
للمرض مما يساهم في شفاء المريض سريعا ويصبح قادر للرجوع الى عمله ومزاولة حياته
بشكل عادي ونقوم باستمرار بتشجيع تلقى المرض للعلاج خارج المستعمرة داخل عيادات
تتوزع على مستوى المحافظة للتأكيد على انه مرض غير معد ولا يسبب الوفاة بعكس أنواع
أخرى من المرض .
وحول وجود مرضى استطاعوا الاندماج في المجتمع بالفعل قال جرس هناك عدد كبير من
المرضى تخطوا المرض واستطاعوا ان يرجعوا الى مجتمعهم ولكن لا توجد إحصائية معينة
لهم واستدرك مجيبا على سؤال لماذا يفضل المرضى القدامى الانعزال؟يقول "ليس
مسألة تفضيل ولكن لان قدامي المرضى داخل
قرية الصفيح يتوافر لهم السكن والراحة والعمل هناك ولان بعض الأقارب لايزالون يخافون
منهم.
وعن دور الجمعية الاجتماعي بالنسبة لقدامى المرض يقول
جرس ان الجمعية أنشأت مركز صحي اجتماعي به دار للحضانة ومشغل لمساعدة أهالي المرضى
وتوفر لهم فرص الاندماج عبر تنظيم رحلات ومعسكرات صيفية الى بلطيم وإسكندرية
ويضيف"حاليا نحاول إدخال الكمبيوتر ومساعدة الأطفال في تلقي العلوم الحديثة وإنشاء
فصول تقوية ونعمل أيضا على إدخالهم مدارس صناعية وفنية وزراعية خارج المستعمرة
وعزبة الصفيح ".
No comments:
Post a Comment