إنشاء نظم الإنذار المبكر للتقلبات الجوية.. واستكمال البرنامج النووى.. وزراعة أشجار حول القاهرة
لسنوات طويلة مضت، تجاهل المسئولون فى مصر ظاهرة «التغير المناخى»، واعتبر البعض أن التفكير فى وضع حلول لمواجهتها «ترف» يناسب الدول المتقدمة، غير أن «الموجة الحارة» التى ضربت مصر وعددا من الدول أخيرا وأسفرت عن وفاة ما يزيد على 100 شخص واصابة المئات، تسببت فى تحول «ظاهرة الاحتباس الحرارى»، إلى مادة لحديث المواطنين من مختلف الفئات بعيدا عن النظريات الأكاديمية.
وفى إشارة للتغيرات اللافتة فى الاهتمام الرسمى بملف «الاحتباس الحرارى»، أصدر رئيس مجلس الوزراء المهندس، إبراهيم محلب، منتصف يوليو الماضى، قرارا بإنشاء المجلس الوطنى للتغيرات المناخية.
«الشروق» تحدثت إلى عدد من خبراء التغير المناخى والتنمية المستدامة والبيئة والهندسة، والذين قدموا 10 حلول لمساعدة متخذى القرار فى وضع استراتجية قومية لمواجهة التغيرات المناخية، وتشارك فى تقديم المقترحات كل من: مستشار وزير البيئة السابق الدكتور مصطفى فودة، وأستاذ الدراسات البيئية بجامعة الإسكندرية وخبير التغيرات المناخية، الدكتور محمد الراعى، الباحث كريم خالد، الباحث فى مجال التغيرات المناخية الدكتور خالد حسن.
1 ــ وضع خطة طوارئ فى المدن والمحافظات التى تتأثر بالسلب من التقلبات المناخية مثل «ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة وزيادة تآكل الشواطئ والعواصف الرملية»، وعمل المزيد من الدراسات لمعرفة الظواهر غير الطبيعية التى بدأت تضرب مصر مثل هطول الأمطار بغزارة فى مرسى مطروح وغيرها من الظواهر، وتوفير تمويل كاف من الحكومة لتنفيذ المشروعات البيئية.
2 ــ الترشيد فى استهلاك الموارد الطبيعية ومنها المياه والطاقة، وتوعية المواطنين ودمجهم فى خطة مواجهة التغيرات المناخية، لأن الاستهلاك الكبير للموارد الطبيعية يزيد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، وترشيد إنتاج الطاقة بحرق الوقود الأحفورى الذى يزيد الكربون، ويتطلب هذا تحسين آلية بناء المساكن وضمان التهوية والإنارة الطبيعية لها قدر الإمكان، وتشجيع استخدام وسائل النقل العام، بدلا من وسائل النقل الفردية لترشيد استخدام الوقود.
3 ــ الاعتماد على الطاقة المتجددة فى إنتاج الطاقة، والتخلى بالتدريج عن الوقود الأحفورى (بترول، وفحم، وغاز طبيعى).
4 ــ استكمال البرنامج النووى المصرى، نظرا إلى أن المفاعلات الذرية تعتبر الأقل إصدارا للغازات الدفيئة، وذلك بالنظر إلى تقرير مكتب الطاقة الذرية الأوروبية، الذى يكشف أن أوروبا يمكنها زيادة طاقتها الذرية إلى ثلاثة أضعاف حتى عام 2050، ما يؤدى إلى تفادى انبعاث 6.3 مليار طن من غاز ثانى أكسيد الكربون.
5 ــ زراعة الأشجار فى كل الأحياء وحول المدن لأنها تستهلك الكربون وتزيد الأكسجين فى الجو، خاصة أن جهاز شئون البيئة أشار إلى حاجة القاهرة لزراعة 12 مليون شجرة على الأقل، لاستهلاك الكربون الناتج عن عوادم السيارات، ويمكن زراعة الغابات الشجرية حول المدن (الأحزمة الخضراء Green Belts)، بمياه الصرف الصحى المعالجة بتكنولوجيات وتكاليف بسيطة.
6 ــ فلترة مداخن المصانع، مع الوضع فى الاعتبار أن مصانع القاهرة (12600 مصنع) مسئولة عن انبعاث 50% من إنتاج الكربون فى الجو، ويقترح الخبراء ابتكار اساليب تقنية بسيطة كتمرير دخان المصانع على احواض مياه بها طحالب تستهلك الكربون وتنتج كهرباء، وبذلك نخفض زيادة درجات الحرارة إلى نحو النصف.
7 ــ إعادة تدوير المخلفات بشكل صحيح وتحويلها إلى منتجات نافعة وطاقة كهربائية، لأن حرق القمامة فى مصر يتسبب فى 15% من تلوث الهواء، وتركها بدون حرق فى الشوارع يزيد من إنتاج غاز الميثان فى الجو، وتجدر الإشارة إلى أن مصر تنتج نحو 52 مليون طن سنويا من المخلفات (القاهرة تنتج 25 الف طن يوميا)، وما يعاد تدويره منها لا يتعدى 3%، مع التوسع فى استخدام قش الأرز فى صناعات وتطبيقات زراعية بدلا من حرقه.
8 ــ زيادة المساحة المأهولة بالسكان من مصر، وإعادة توزيع السكانى بالتساوى لخفض الكثافة السكانية من خلال إنشاء مدن جديدة متمتعة بالبنية التحتية والمرافق الشاملة والطاقة المتجددة بحسب حسن.
9 ــ منع بخر نهر النيل والترع الزراعية بتغطيتها، ويمكن أن يكون ذلك بخلايا شمسية كما يحدث فى الهند، وبذلك نتحكم فى بخر النهر وننتج كهرباء نظيفة مستدامة لسد عجز الطاقة، والتغذية الصناعية بإلقاء الرمال الدورية على الشواطئ لحمايتها من النحر، مع ملاحظة أنها لن تمنع الزيادة المتوقعة فى تغلغل المياه المالحة وامتداد تملح الأراضى وفقدان انتاجيتها تدريجيا.
10ــ حظر المبيدات والمخصبات الكيميائية فى الزراعة، والاتجاه إلى البدائل الطبيعية والزراعة العضوية المستديمة (مثلا إنتاج الأسمدة العضوية من المخلفات الزراعية والحيوانية المعالجة، وإعادة توزيع الخريطة الزراعية المصرية بالابتعاد عن المناطق التى بها أمراض (كالدلتا مثلا)، وتعديل النمط الزراعى بعمل دورات زراعية مناسبة (بمعنى زراعة محاصيل تقوم مخلفاتها بدور المسمدات للمحاصيل التالية لها).
اقرأ أيضا
التغيرات المناخية.. «موت وخراب ديار»
الثلاثاء 1 سبتمبر 2015 -
تحقيق- داليا العقاد
600 ألف إنسان يموتون كل عام بسبب التغير المناخى.. والقاهرة تخسر سنويًا 10 مليارات جنيه نتيجة لتلوث الهواء
تسببت التغيرات المناخية التى أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق فى أجزاء عديدة فى مصر والعالم، فى أضرار جسيمة، وخسائر بشرية واقتصادية، بحسب ما أثبتته دراسة تفصيلية قام معهد الدراسات العليا بجامعة الإسكندرية بمشاركة معهد بحوث حماية الشواطئ، من خلال تقييم الآثار المترتبة على ارتفاع سطح البحر فى محافظة الإسكندرية باستخدام تكنولوجيا الاستشعار عن بعد.
وتبين نتائج تأثير ارتفاع سطح البحر المتوقع (0.5 متر – 1 متر) على القطاعات المختلفة، فقدان 90% من الأراضى الزراعية بالمحافظة، و65% من المناطق الصناعية، وفقدان جميع الشواطئ السياحية ماعدا جزأين صغيرين من شاطئ جليم والشاطبى، مما يترتب عليه خسائر اقتصادية تقدر بنحو 2.5 مليار دولار أمريكى بالإضافة إلى 60 مليون دولار سنويا، وبطالة قد تصل إلى 200 ألف وظيفة حتى منتصف القرن الحالى أى بمعدل أربعة آلاف وظيفة سنويا.
ويقول الباحث فى الهندسة البيئية والتنمية المستدامة، كريم خالد، إن التأثير السلبى للتغيرات المناخية تتمثل فى زيادة حالات الوفاة فى مصر والعالم، فطبقا لمنظمة الصحة العالمية WHO فإن 600 ألف إنسان يموتون كل عام بسبب التغير المناخى، منهم 95% فى الدول النامية، بالإضافة إلى ارتفاع معدل الأمراض سواء الناتجة عن الإجهاد الحرارى، وتزايد نشاط البكتريا والفيروسات.
وتابع: «تخسر القاهرة سنويا 10 مليارات جنيه نتيجة لتلوث الهواء، فضلا عن مخاطر ارتفاع منسوب سطح البحر، فإذا تراوح ما بين 18 إلى 59 سنتيميتر، فسوف يؤدى إلى غرق المناطق المنخفضة فى الدلتا والمناطق الساحلية، وأكثر المناطق تأثرا محافظتا الإسكندرية والبحيرة و(جنوب بحيرة البرلس وجنوب المنزلة) على البحر المتوسط، إلى جانب تأثر مخزون المياه الجوفية القريبة من السواحل، وتأثر السياحة (تدمير 60 منتجعا سياحيا على الأقل على البحرين الأحمر والمتوسط) والموانئ والتجارة، وهو ما سيؤدى إلى تهجير 2 مليون شخص على الأقل من هذه المناطق.
ويضيف خالد، أن هناك دراسات تربط بين التغيرات المناخية ونقص المحاصيل الزراعية فى الشرق الأوسط فطبقا لدراسة قام بها الباحث Cline فى 2007 فإن إنتاج المحاصيل فى الشرق الأوسط سيقل بنسبة 25% نتيجة لزيادة درجات الحرارة.
ويرصد تقرير وزارة البيئة أن فريقا بحثيا فى مصر قام بتحليل التأثير المتوقع للتغيرات المناخية فى إنتاجية الذرة والقمح والأرز، وأثبتت النتائج أن التغير المناخى سيؤدى إلى تناقص إنتاجية القمح بنحو 18%، والشعير والذرة الشامية بنحو 19%، ومحصول الأرز نحو 17%.
ويوضح خالد، أن التقارير الدولية تتوقع زيادة أسعار الغذاء عام نتيجة لارتفاع درجات الحرارة عام 2030 بنسبة 50 ــ 60%.، كما أن ارتفاع درجات الحرارة فى البحار سيقلل من نمو الأسماك وتكاثرها، مضيفا أن بعض التقارير حذرت من انقراض ربع الكائنات الحية على كوكب الأرض بحلول 2050، مستدلين على فقدان ما يزيد على % من الشعب المرجانية فى العالم (وذلك خطر على السياحة فى مصر.
كما تؤثر التغيرات المناخية على تبخر نهر النيل، فطبقا لمنظمة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فإن زيادة الحرارة درجة واحدة مئوية تؤدى إلى تبخر 4% من نهر النيل، وتتأثر جودة المياه سلبيا بزيادة درجات الحرارة، وزيادة الأتربة والملوثات الصناعية والاستهلاك الآدمى.
أستاذ العمارة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة الدكتور أحمد شريف: العمارة الخضراء كفيلة بالحفاظ على البيئة
الثلاثاء 1 سبتمبر 2015 - 11:40 ص
الدكتور أحمد شريف أستاذ العمارة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة
كتبت- داليا العقاد:
اعتبرت التقارير الدولية أن ما يسمى بـ«البناء الأخضر» وسيلة من وسائل مقاومة التغيرات المناخية، حيث ثبت أنه يقلل من استهلاك 30% من الطاقة، و35% من انبعاث الكربون، و50% من نسبة استهلاك المياه، ورغم إنشاء المجلس الأخضر للبناء المصرى فى إطار سعى الحكومة للتكيف مع المناخ، فإن مشروعاته مازالت محدودة، لعدم وجود تمويل كاف له.
والمصريون القدماء أول من استخدموا مبانى تتناسب مع البيئة وتبعث السعادة فى الإنسان، وتزيد من انتاجيته، حيث تعتبر أهرامات الجيزة من أقدم المنشآت الخضراء فى العالم بسبب التكوين الهندسى الأمثل، واستخدام المواد الخضراء الطبيعية، ولجودة نظامى التهوية والإضاءة الطبيعية، والمتانة مع الحد الأدنى للصيانة.
وحاليا يشتكى المصرى من الحر الشديد صيفا داخل المساكن وأماكن العمل، وبشدة البرودة شتاء، بسبب عشوائية البناء واستحداث مواد فى البناء لا تتناسب مع البيئة المصرية مثل الواجهات الزجاجية على سبيل المثال.
«الشروق» تحاورت مع أستاذ العمارة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتور أحمد شريف، عن تجربته فى المشاركة بمشروعات البناء الأخضر فى مصر.
● كيف يمكن أن يكون البناء الأخضر عاملا من العوامل المساعدة فى مواجهة التغيرات المناخية وخصوصا ارتفاع درجات الحرارة بالتطبيق على مصر؟
ــ البناء الأخضر له فوائد متعددة للحفاظ على البيئة ومواجهة التغييرات المناخية، لأنه يتميز بانخفاض استهلاكه للطاقة بشكل ملحوظ وهذا بدوره يقلل من الانبعاثات الغازية الناتجة عن محطات توليد الطاقة، وهى التى تعتبر من المصادر المهمة لانبعاث الغازات المؤدية إلى ظاهرة الانحباس الحرارى، وإنشاء المبانى الخضراء فى مصر سيؤدى بشكل مباشر إلى تخفيض استهلاك مصر لمصادر الطاقة القابلة للنضوب مثل البترول والفحم وما شابههما، وإنشاء تلك المبانى الخضراء يؤدى بشكل غير مباشر إلى تقليل درجات الحرارة المرتفعة، وتقلبات المناخ الحادة عن طريق تخفيض تأثير ظاهرة الانحباس الحرارى فى المدن الكبيرة.
أما على مستوى المبانى والوحدات السكنية نفسها فإن استخدام العمارة الخضراء يؤدى إلى ضبط درجات الحرارة والرطوبة فى الفراغات الداخلية والخارجية المحيطة بالمبانى وعدم تأثرها بدرجات الحرارة المرتفعة المحيطة به، وذلك بدون الاحتياج إلى استخدام النظم المكلفة لتكييف الهواء، مما يؤدى إلى زيادة راحة المستخدمين بأقل تكلفة.
● وكيف راعت الجامعة الأمريكية فى القاهرة فى حرمها الجديد هذا الأمر مع توضيح أدوات البناء وكيف يمكنها أن تتناسب مع البيئة المحيطة؟
ــ تم تصميم مبانى الجامعة الأمريكية بحيث تتواءم مع البيئة الصحراوية المحيطة، حيث تم تكامل النظم الطبيعية للتهوية مع النظم الصناعية للتكييف والتهوية، كما تم تصميم المبانى بشكل يماثل العمارة العربية القديمة بوجود أفنية داخلية متنوعة داخل وحول المبانى، ونظم لتظليل الفراغات الخارجية بطرق طبيعية، وهو ما أدى إلى توافر بيئة خارجية لطيفة محيطة بالمبانى وهذا بدورة أدى إلى تقليل تأثير الإحساس بالحرارة الخارجية المرتفعة.
كما تم إنشاء أساليب متنوعة لعزل المبانى من الخارج وتظليل الواجهات والفتحات الخارجية والأسقف بما يقلل من الاكتساب الحرارى داخل المبانى. ومراعاة استخدام الإضاءة الطبيعية بقدر الإمكان مما يقلل من استخدام الإنارة الصناعية، وتم استخدام نظم للإضاءة وتكييف الهواء موفرة للطاقة .
● وهل ارتفاع تكلفة البناء الأخضر و سبب عدم اتباعه فى معظم المبانى فى مصر؟
ــ تكلفة إنشاء البناء الأخضر قد تكون أكبر من تكلفة تشييد المبانى السكنية العادية، ولكن تكلفة استهلاك الكهرباء فى المبانى الخضراء أقل بكثير من التكلفة بالمبانى العادية، لأن استهلاك الكهرباء فى تكييف الهواء والإضاءة الصناعية يكون أقل بكثير، وينتج عنه استرداد فرق تكلفة الإنشاء فى فترة زمنية معقولة لصالح مالك المبنى مع الحفاظ على البيئة المحيطة.
● هل توجد أمثلة أخرى لمبان فى مصر تراعى البيئة المحيطة؟
ــ هناك اتجاه فى مصر لاتباع نظم العمارة الخضراء، أشهرها أشهرها مبانى قرية الجرنة التى أنشأها «أبو العمارة الخضراء» فى مصر والعالم، المهندس حسن فتحى. هناك اتجاه فى مصر لاتباع نظم العمارة الخضراء أشهرها مبانى قرية الجرنة التى أنشأها العالم المهندس حسن فتحى
No comments:
Post a Comment